دخلت معركة باخموت مرحلة حاسمة الثلاثاء مع احتدام المواجهات الضارية في محيط المدينة الاستراتيجية، وإعلان القوات الروسية أنها نجحت في تطويق نقاط إمدادات الجيش الأوكراني. وتحولت المعارك في بعض المناطق إلى حرب شوارع مباشرة وسط توقعات بأن سقوط المدينة المحصنة يفتح الطريق أمام موسكو للتقدم سريعا في مناطق سهلة ومكشوفة لإحكام سيطرتها على كل إقليم دونيتسك.
وأعلن حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين الذي عينته موسكو أن الوحدات الروسية تخوض معارك عنيفة لـ«السيطرة على بلدة باراسكوفيفكا، التي سيؤدي الاستيلاء عليها إلى قطع آخر طريق إمداد للقوات المسلحة الأوكرانية في أرتيموفسك (باخموت)». وقال إن أوكرانيا لم تبد أي إشارة على أنها ستتنازل عن المدينة التي وصفها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنها «حصن». ونقلت عنه وسائل الإعلام الروسية قوله: «نحن ندرك أنه ليس هناك أي احتمال حاليا لتخلي الخصم عن مواقعه من دون قتال».
وزاد أنه بعد مرور يوم واحد على «تحرير» كراسنايا غورا بدأت عملية واسعة لتطهير المنطقة وملاحقة فلول القوات الأوكرانية فيها. مشيرا إلى انتقال القوات المهاجمة نحو البلدة المجاورة باراسكوفيفكا، «وهذه بدورها تسمح لنا بالتقدم سريعا وإغلاق الطريق المؤدية إلى غاسوف يار، آخر طرق إمداد القوات الأوكرانية». وأضاف بوشلين أن الجانب الروسي «لا يتوقع أن يستسلم العدو من دون قتال».
وأكدت وزارة الدفاع في اليوم السابق الاستيلاء على بلدة كراسنايا غورا من قبل مفارز مجموعات «فاغنر» بدعم ناري من القوات الصاروخية والمدفعية للمجموعة الجنوبية من القوات. وقال رئيس مجموعة فاغنر المسلّحة يفغيني بريغوجين الثلاثاء إن مدينة باخموت الأوكرانية لن تسقط قريبا رغم التقدم الروسي الأخير. وكتب مكتبه الإعلامي على قناته في تليغرام «لن نحتفل في أي وقت قريب» بسقوط المدينة. وأضاف «لن يتم الاستيلاء على باخموت غدا لأن هناك مقاومة قوية وقصفا مستمرا، مطحنة اللحم تعمل»، في إشارة إلى الخسائر الفادحة في ساحة المعركة. وتقود مجموعة فاغنر الهجوم على باخموت منذ الصيف، وسيطرت أخيرا على سلسلة من البلدات القريبة في محاولة لتطويق المدينة. وتابع بريغوجين «العدو يعزز صفوفه ويرسل باستمرار جنود احتياط إضافيين. كل يوم، يصل 300 إلى 500 مقاتل إلى باخموت من كل مكان، نيران المدفعية تتكثف يوميا».
في المقابل نبهت أوكرانيا إلى وجود محاصرين مدنيين داخل المدينة، وقال بافلو كيريلينكو، حاكم منطقة دونيتسك، إنه لا يزال هناك نحو 5 آلاف مدني داخل بلدة باخموت المحاصرة شرق البلاد.
وقال كيريلينكو، الحاكم العسكري للمنطقة، للتلفزيون الأوكراني في وقت متأخر مساء الاثنين، إنه يتعين «خفض عدد الأشخاص الموجودين في باخموت إلى الحد الأدنى». وأضاف كيريلينكو أنه سيتم تأمين الإمدادات لمن تبقى من المواطنين بداخلها.
يشار إلى أنه من شأن الاستيلاء على باخموت أن تقترب موسكو من السيطرة على منطقة دونيتسك بأكملها، وهو أحد الأهداف المعلنة للكرملين في الحرب التي انطلقت قبل نحو عام.
في غضون ذلك، تحدثت بيانات عسكرية روسية عن تكبد القوات الأوكرانية خسائر فادحة خلال المعارك في الساعات الـ24 الماضية. وأفادت وزارة الدفاع الروسية في إيجاز لمجريات القتال صباح الثلاثاء بأنه في اتجاهي كوبيانسكي وكراسنوليمانسكي، فقدت كييف نحو 170 من الأفراد العسكريين في يوم واحد. وعلى محوري جنوب دونيتسك وزابوروجيا، قالت الوزارة إن أكثر من مائة جندي أوكراني لقوا حتفهم خلال مواجهات عنيفة. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أسقطت طائرة «ميغ - 29» ومروحية «مي - 8» الأوكرانيتين في أجواء دونيتسك.
على صعيد آخر، أعلن مدير هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب ألكسندر بورتنيكوف أن بلاده تواجه «تناميا للتهديدات الإرهابية من قبل أجهزة المخابرات الأوكرانية والغربية». وخلال اجتماع للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، الثلاثاء، أفاد بورتنيكوف بأن الهجمات التي تشنها الأجهزة الخاصة في كييف على البنية التحتية العسكرية ومجمعات الوقود والطاقة والنقل والمواصلات في روسيا قد زادت.
وأشار إلى أنه «في سياق العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، فقد شهدت التعديات الإرهابية من قبل الأجهزة الخاصة والتشكيلات القومية المتطرفة الأوكرانية، بدعم من الغرب الجماعي، زيادة ملحوظة، حيث يبذل العدو جهودا لإنشاء حملات دعائية لتوريط المواطنين الروس، وإشراك الشباب في عدد من الأنشطة الإرهابية والمتطرفة».
وأضاف المسؤول الأمني أن بلاده تتخذ إجراءات إضافية لحماية المنشآت وتكثيف إجراءات الوقاية، فيما أظهرت مجريات الاجتماع أن مسؤولي الأجهزة الأمنية شددوا خلال مناقشاتهم على الحاجة إلى تعديل نظام الإجراءات الذي سبق تطويره لمواجهة التهديدات الإرهابية في الوقت المناسب.
وكانت لجنة مكافحة الإرهاب قد أفادت نهاية العام الماضي، بأنه تم إحباط 123 جريمة إرهابية في روسيا خلال 2022، بما في ذلك 64 هجمة إرهابية،
وأشار بورتنيكوف إلى أن عدد المظاهر الإرهابية قد زاد بشكل كبير، ولا سيما في المناطق الحدودية في المقاطعات الفيدرالية الوسطى والجنوبية.