الصومال: «نجاحات أمنية» متتالية تشدد الخناق على «الشباب»

مقتل 18 من عناصر الحركة... والجيش يستعيد قاعدة جنوب البلاد

قوات من إقليم أرض الصومال الانفصالي (أرشيف رئاسة الإقليم)
قوات من إقليم أرض الصومال الانفصالي (أرشيف رئاسة الإقليم)
TT

الصومال: «نجاحات أمنية» متتالية تشدد الخناق على «الشباب»

قوات من إقليم أرض الصومال الانفصالي (أرشيف رئاسة الإقليم)
قوات من إقليم أرض الصومال الانفصالي (أرشيف رئاسة الإقليم)

ضمن «نجاحات أمنية» متتالية للحرب الشاملة التي يشنها الجيش الصومالي ضد «الإرهاب»، لقي 18 من عناصر حركة «الشباب» المتطرفة مصرعهم وأصيب عدد آخر، في عملية عسكرية نفذتها قوات جهاز الأمن والمخابرات الصومالية، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، في منطقة سَوِيت بمحافظة شبيلي السفلى جنوب البلاد، في حين سيطرت قوات الجيش على منطقة «قنبي» بمحافظة جوبا السفلى.
وقالت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية، إن قوات الجيش تمكنت أمس خلال عملية عسكرية من السيطرة على قاعدة كبيرة تابعة لـ«ميليشيات الخوارج الإرهابية»؛ التسمية الرسمية المعتمدة لحركة «الشباب».
وكانت الوكالة أعلنت أن عناصر حركة «الشباب» التي قُتلت في العملية الأولى، كانت ضمن الميليشيات التي هاجمت قاعدة الجيش الوطني في منطقة سويت، في حين نقل التلفزيون الحكومي عن مصادر أمنية أن العناصر المستهدفة فشلت في شن هجوم على مركز عسكري في البلدة.
بدورها، أعلنت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، اشتباك القوات الصومالية والأميركية مع المتمردين لدعم حكومة الصومال، مشيرة في بيان لها إلى أنها نفذت بناءً على طلب من الحكومة ودعماً لاشتباكات الجيش الصومالي ضد حركة «الشباب»، ضربة جوية يوم الجمعة الماضي، في منطقة نائية على بعد نحو 45 كيلومتراً جنوب غربي هوبيو، ونحو 472 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة مقديشو.
وأوضحت أن التقدير الأولي هو أن الضربة قتلت 12 من مقاتلي «الشباب»، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى موقع العملية البعيد، فلم يصب أو يُقتل مدنيون.
ولفتت إلى إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود علناً أن الإصلاح الاقتصادي والمصالحة الاجتماعية والسياسية والتسامح الديني هي ركائز أساسية لاستراتيجيته لتعبئة المجتمع ضد الإرهاب الدولي، لافتاً إلى أن الأعمال العسكرية ليست سوى جزء من جهود الحكومة الصومالية للتصدي الشامل لتحدياتها الأمنية.
وقالت «أفريكوم» إن الولايات المتحدة هي واحدة من عدة دول تقدم مساعدات إنسانية وجهود تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية والمساعدات العسكرية للحكومة الفيدرالية الصومالية في حملتها المستمرة.
كما نقل البيان عن الجنرال مايكل لانجلي، قائد «أفريكوم»، أنها تقدم الدعم للحكومة الصومالية لمواجهة التهديدات الإرهابية. وأوضحت «أفريكوم» أنها تقوم بتدريب القوات الشريكة وتقديم المشورة والمساعدة لها للمساعدة في منحهم الأدوات التي يحتاجونها لهزيمة حركة «الشباب»، التي وصفتها بأكبر شبكة لتنظيم «القاعدة» وأكثرها فتكاً في العالم.
في المقابل، زعمت حركة «الشباب» مقتل نحو 30 من أفراد الجيش الصومالي خلال الهجوم، الأمر الذي نفته مصادر أمنية حكومية.
ومنذ يوليو (تموز) الماضي، يشنّ الجيش الصومالي بالتعاون مع مسلحي العشائر، عملية عسكرية لتحرير مناطق وسط البلاد من عناصر حركة «الشباب». ووفق وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي، داود أويس جامع، فإن «الحكومة الفيدرالية حققت مكاسب كبيرة» حتى الآن، مشيراً إلى أن «المسلحين في التنظيم الإرهابي يستسلمون واحداً تلو الآخر، منذ انطلاقة العملية العسكرية ضد الإرهاب».
إلى ذلك، قال مسؤول حكومي محلي ومسعف، إن 9 أشخاص على الأقل قُتلوا وأصيب 14 آخرون يوم السبت في اشتباكات مستمرة لليوم السادس في منطقة أرض الصومال الانفصالية بالصومال، بعد ساعات من دعوة المنطقة لوقف غير مشروط لإطلاق النار.
وقال عبد الرحيم علي إسماعيل، رئيس بلدية لاسعنود، لوكالة «رويترز»: «قوات أرض الصومال تقصف المناطق المدنية بقذائف (المورتر) والمدفعية الثقيلة. الطبيب العام الذي كان يعالج جرحى الحرب قُتل في المستشفى»، في حين أكد الطبيب محمد فرح من داخل المستشفى حصيلة القتلى ووقوع القصف.
وقالت وزارة الداخلية في أرض الصومال، إن قوات المنطقة تحركت دفاعاً عن النفس، وإن وقف إطلاق النار الذي أُعلن يوم الجمعة لا يزال قائماً، مشيرة في بيان إلى أن قواتها لم تهاجم، إنما كانت تدافع عن نفسها فحسب، ولا تزال في مواقعها.
واندلع القتال في لاسعنود، المركز الإداري لمنطقة صول، بعد أن قالت لجنة من القادة المحليين وعلماء الدين وجماعات المجتمع المدني يوم الأحد الماضي، إنهم لم يعودوا يعترفون بحكومة أرض الصومال، ويريدون الانضمام إلى الصومال مرة أخرى.
وتواجه حكومة أرض الصومال معارضة شديدة في لاسعنود والمناطق المحيطة بها؛ إذ يسعى زعماء عشائر إلى الانضمام مجدداً إلى دولة الصومال الاتحادية، ويتهمون سلطات أرض الصومال بالفشل في معالجة انعدام الأمن.
وانفصلت أرض الصومال عن الصومال عام 1991، لكنها لم تحصل على اعتراف دولي واسع النطاق باستقلالها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.