أوباما يبحث في كينيا قضايا الأمن والإرهاب وحقوق الإنسان

شدد على ضرورة محاربة الجماعات المتطرفة.. وطالب بإنهاء الحرب الأهلية بجنوب السودان

الرئيس الأميركي باراك أوباما في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمس في نيروبي (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمس في نيروبي (أ.ف.ب)
TT

أوباما يبحث في كينيا قضايا الأمن والإرهاب وحقوق الإنسان

الرئيس الأميركي باراك أوباما في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمس في نيروبي (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما في ندوة صحافية مشتركة مع الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أمس في نيروبي (أ.ف.ب)

أجرى الرئيس الأميركي باراك أوباما في كينيا أمس محادثات مغلقة مع الرئيس الكيني أوهورو كيناتا، تناولت قضايا التجارة والاستثمار ومكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، وذلك في أول زيارة لبلد أبيه منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة.
وتأتي زيارة أوباما للعاصمة نيروبي ضمن زيارته الرسمية إلى كينيا وإثيوبيا بهدف بحث قضايا الإرهاب والإصلاح الاقتصادي، وحقوق الإنسان. وحسب مراقبين فإنه من المتوقع أن تعيد هذه المحادثات طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن كان مفهوما على نطاق واسع أن واشنطن عارضت ترشح كيناتا في الانتخابات عام 2013، بسبب الاتهامات التي كان يواجهها أمام محكمة العدل الدولية حول أحداث العنف التي أعقبت الانتخابات عام 2007، ومن المنتظر أن يلقي اليوم الأحد خطابا عاما موجها إلى عموم الكينيين، يتوقع أن يكون محوره علاقته الشخصية ببلاد أبيه، قبل أن يتوجه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء هيلا ماريام ديسالين غدا الاثنين.
وخضعت نيروبي لإجراءات أمنية مشددة أدت إلى إغلاق مناطق فيها وإقفال المجال الجوي فوقها عند هبوط طائرة الرئيس الأميركي، خاصة في ظل تزايد تهديدات وهجمات حركة الشباب الصومالية التي شنت عددا كبيرا من الهجمات الانتحارية على الأراضي الكينية.
وكان أوباما قد وصل مساء أول من أمس إلى نيروبي، حيث كان في استقباله نظيره الكيني أوهورو كيناتا. وبعد أن صافح عددا من المسؤولين الكينيين، كانت بينهم أخته غير الشقيقة أوما، جلس وراء مكتب في المهبط لتوقيع كتاب ذهبي قبل أن يستقل سيارة الليموزين إلى الفندق، حيث تناول العشاء مع عدد من أفراد عائلته الكينية.
وسيلتقي أوباما اليوم الأحد أعضاء في المجتمع المدني في كينيا، كانوا قد عبروا عن استيائهم من تزايد القيود في البلاد، لكن من غير المقرر أن يزور أوباما قبر والده في قرية كوجيلو غرب كينيا.
وبخصوص موضوع الإرهاب أكد الرئيس الأميركي أن قوة المتمردين المتطرفين في حركة الشباب «تراجعت» في شرق أفريقيا، لكن التهديد الذي يمثلونه في المنطقة لا يزال قائما. وقال أوباما بهذا الخصوص: «لقد خفضنا بشكل منهجي حجم الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، ونجحنا في الحد من سيطرتهم الفعلية في داخل الصومال وأضعفنا هذه الشبكات الناشطة هنا في شرق أفريقيا». لكنه أقر خلال لقاء مع نظيره الكيني أوهورو كنياتا بأن «هذا لا يعني أن المشكلة عولجت.. فبإمكاننا الحد كثيرا من قدرات المنظمات الإرهابية، لكنها لا تزال قادرة على إحداث أضرار» في مناطق نشاطها.
وفي موضوع الإصلاح الاقتصادي قال أوباما إن بمقدور رجال الأعمال الأفارقة المساعدة في التصدي للأفكار العنيفة وجعل القارة محورا للنمو العالمي، مما يساعد على خلق فرص في أفريقيا توازن أي خطر ناجم عن الإرهاب.
وقبل أن يعقد الزعيمان مناقشات مغلقة، قال أوباما لنظيره الكيني إن «التحديات الناجمة عن الإرهاب هي التحديات التي تجب معالجتها. لكن فرص النمو والازدهار هي الأشياء التي يتوق إليها سكان أفريقيا بشدة»، مضيفا أنه يجب على الولايات المتحدة وكينيا أن تتعاونا بصورة أقوى لقتال حركة الشباب الصومالية المتشددة.
وحضر المحادثات التي عقدت في القصر الرئاسي ويليام روتو، نائب الرئيس، الذي يواجه اتهامات أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنه حرض على عمليات قتل عرقية بعد انتخابات كينيا المثيرة للجدل عام 2007، لكن نائب الرئيس ينفي الاتهامات. وكان كيناتا نفسه قد واجه اتهامات مماثلة قبل أن يتم إسقاطها.
وتحدث أوباما خلال القمة العالمية لريادة الأعمال التي احتضنتها نيروبي، وهي مبادرة ترعاها الولايات المتحدة لتعزيز الروابط التجارية مع أفريقيا، وقال للحاضرين: «أهلا.. أفريقيا تتقدم. أفريقيا واحدة من أسرع المناطق نموا في العالم.. إنه لأمر رائع أن أعود إلى كينيا». وتابع مؤكدا أن «ريادة الأعمال تقدم بديلا إيجابيا لأفكار العنف والانقسامات»، مشددا على أن الحكومة مطالبة أيضا بأن «تساعد في إرساء سيادة القانون ومكافحة الفساد».. في إشارة إلى مشكلتين كثيرا ما يشتكي منهما رجال الأعمال باعتبارهما عقبتين كبيرتين أمام الاستثمار.
وتعليقا على موضوع نتائج الانتخابات الرئاسية في بوروندي قال أوباما إنها «لا تتمتع بالمصداقية»، ودعا الحكومة والمعارضة إلى التلاقي من أجل حوار يؤدي إلى حل سياسي للأزمة، ويحول دون سقوط مزيد من الأرواح البشرية».
وبخصوص أزمة جنوب السودان، طالب أوباما بإنهاء الحرب الأهلية «الرهيبة» في جنوب السودان، داعيا الطرفين المتحاربين إلى «وضع مصلحة بلادهما أولا». وقال أوباما للصحافيين بعد مباحثاته مع الرئيس الكيني: «الوضع رهيب. لقد اتفقنا أن السبيل المثلى لوقف القتال هي أن يضع قادة جنوب السودان مصلحة بلدهم أولا من خلال اتفاق سلام ينهي القتال».
كما دافع الرئيس الأميركي عن مشروعه كهرباء أفريقيا الذي يهدف إلى مضاعفة إنتاج الكهرباء في أفريقيا جنوب الصحراء، وقال لدى زيارته معرضا حول هذا الموضوع في نيروبي: «نحن على الطريق الصحيح» لتحقيق الهدف الذي يقضي بتأمين قدرة إنتاج تساوي 30 ألف ميغاواط، مضيفا أن هذا ليس سوى مسألة وقت.
وتميزت زيارة الرئيس الأميركي بأجواء عائلية مميزة ليلة وصوله إلى نيروبي، حيث تناول طعام العشاء مع زوجة جده وأخته، وغيرهما من أفراد عائلته، فيما اصطف مواطنون كينيون في أجزاء من الطريق المؤدي إلى الفندق للترحيب بأوباما عند مرور موكبه. وحين وصل إلى الفندق جلس مع السيدة التي يناديها باسم جدتي وأيضا «ماما سارة» التي ساعدت في تربية والده الراحل حين كان طفلا. كما حضرت أخت أوباما غير الشقيقة أوما أوباما وعدد من أفراد عائلته أيضا. وتجاذب الرئيس أطراف الحديث مع أفراد العائلة الذين جلسوا إلى طاولات طويلة بمطعم داخل الفندق الذي يقيم به.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.