دراسة: تغير المناخ تسبب بانهيار إمبراطورية الحيثيين

صورة عامة لمدينة خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول (رويترز)
صورة عامة لمدينة خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول (رويترز)
TT

دراسة: تغير المناخ تسبب بانهيار إمبراطورية الحيثيين

صورة عامة لمدينة خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول (رويترز)
صورة عامة لمدينة خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول (رويترز)

في عام 1200 قبل الميلاد تقريباً، تعرضت الحضارة الإنسانية لانتكاسة مروعة مع أفول أو ضمور شبه متزامن لنجم عدد من الإمبراطوريات المهمة في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط، فيما عرف باسم انهيار العصر البرونزي.
فقد كانت إمبراطورية الحيثيين واحدة من أقوى الإمبراطوريات التي انتهت، وكانت تتركز في تركيا الحديثة وتمتد لأجزاء من سوريا والعراق. وقدم باحثون، أمس (الأربعاء)، رؤية جديدة عن انهيار دولة الحيثييين، حيث أظهرت دراسة للأشجار التي كانت موجودة حينذاك مرور المنطقة بثلاث سنوات متتالية من الجفاف الشديد، الذي ربما أفنى المحاصيل وتسبب في مجاعة وتفكك سياسي واجتماعي.
وكان الحيثيون، وعاصمتهم خاتوشا الواقعة في وسط الأناضول، إحدى القوى العظمى في العالم القديم على امتداد خمسة قرون. وأصبحوا المنافسين الجيوسياسيين الرئيسيين لمصر القديمة خلال فترة الدولة المصرية الحديثة.
وقال ستارت مانينغ، أستاذ الآداب والعلوم في جامعة كورنيل، والمؤلف الرئيسي للبحث المنشور في مجلة «نيتشر»: «في عصور ما قبل الحداثة، مع عدم وجود البنية التحتية والتكنولوجيا التي لدينا، سيطر الحيثيون على منطقة شاسعة وحكموها لعدة قرون، رغم كثرة تحديات النطاق والتهديدات من الجيران والكيانات التي تم دمجها في إمبراطوريتهم، ورغم تمركزهم في منطقة شبه قاحلة». ولطالما فكر العلماء في سبب سقوط الحيثيين والانهيار الأوسع، الذي دمر أيضاً ممالك اليونان وكريت والشرق الأوسط وأضعف المصريين. وتضمنت الفرضيات الحرب والغزو وتغير المناخ. وتقدم الدراسة الجديدة بعض التوضيح بشأن الحيثيين.

وقام الباحثون بفحص أشجار العرعر طويلة العمر، التي نمت في المنطقة حينذاك وتم قطعها في النهاية لبناء هيكل خشبي جنوب غربي أنقرة نحو عام 748 قبل الميلاد، الذي ربما كان حجرة لدفن أحد من ذوي الملك ميداس، عاهل منطقة فريجيا، الذي تقول الأسطورة إنه كان يحول أي شيء يلمسه إلى الذهب.
وقدمت الأشجار سجلاً إقليمياً للمناخ القديم بطريقتين، الأولى أنماط نمو حلقات الأشجار السنوية، فالحلقات الضيقة تشير إلى ظروف الجفاف، ومعدل صيغتين أو نظيرين من الكربون في الحلقات، كان يكشف عن استجابة الشجر لمدى توفر المياه. واكتشفوا تحولاً تدريجياً إلى ظروف أكثر جفافاً من القرن الثالث عشر قبل الميلاد إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد. والأهم من ذلك، أشار نمط الأدلة إلى ثلاث سنوات متتالية من الجفاف الشديد، وهي أعوام 1198 و1197 و1196 قبل الميلاد، بالتزامن مع التوقيت المعروف لتفكك الإمبراطورية.
وقالت بريتا لورنتزن، أستاذة علم الأنثروبولوجيا في جامعة جورجيا، والمشاركة في تأليف الدراسة: «حدث على الأرجح انهيار شبه كامل للمحاصيل لمدة ثلاث سنوات متتالية. وكان لدى الناس على الأرجح مخزون طعام يدعمهم عاماً واحداً من الجفاف. لكن حين تعرضوا لثلاث سنوات متتالية، لم يكن هناك طعام يدعمهم». وأضافت: «ربما أدى هذا إلى انهيار حصيلة الضرائب، وهجرة جماعية من جيش الحيثيين الكبير، وربما حركة من الجماهير الساعية للبقاء على قيد الحياة. كما واجه الحيثيون تحدياً من خلال عدم وجود ميناء أو طرق أخرى سهلة لنقل الطعام إلى المنطقة».
ومدينة خاتوشا المحاطة بجدار حجري ضخم به بوابات مزينة بالأسود وأبو الهول احترقت وهُجرت. والنصوص المكتوبة على ألواح من الطين باستخدام الكتابة المسمارية الشائعة في المنطقة، التي توضح أحوال المجتمع والسياسة والدين والاقتصاد والشؤون الخارجية للحيثيين لم تخبر بشيء.

وكانت نهاية مفاجئة. فقبل أقل من قرن من الزمان، اشتبك الحيثيون بقيادة الملك مواتالي الثاني والمصريون في عهد رمسيس الثاني في معركة قادش الشهيرة غير الحاسمة في عام 1274 قبل الميلاد، التي شارك فيها آلاف المركبات في سوريا، وتوصل الجانبان إلى أول معاهدة سلام يرصدها التاريخ.
وقال جيد سباركس، أستاذ علم البيئة وعلم الأحياء التطوري في جامعة كورنيل، والمؤلف المشارك في الدراسة: «أعتقد أن هذه الدراسة تُظهر حقاً الدروس التي يمكننا تعلمها من التاريخ. التغيرات المناخية التي من المحتمل أن نواجهها في القرن القادم ستكون أشد وطأة بكثير من تلك، التي عايشها الحيثيون».
وأضاف أن هذا يطرح أسئلة مثل «ما قدرتنا على الصمود؟ وإلى أي حد يمكننا الصمود؟».



الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.