الأمم المتحدة تطالب جنوب السودان برفع القيود على نقل إمدادات المساعدة

أوبراين: أدعو كل الأطراف إلى تطبيق مبادئ القانون الإنساني الدولي

ستيفن أوبراين منسق الامم المتحدة للاغاثة في حالات الطوارئ
ستيفن أوبراين منسق الامم المتحدة للاغاثة في حالات الطوارئ
TT

الأمم المتحدة تطالب جنوب السودان برفع القيود على نقل إمدادات المساعدة

ستيفن أوبراين منسق الامم المتحدة للاغاثة في حالات الطوارئ
ستيفن أوبراين منسق الامم المتحدة للاغاثة في حالات الطوارئ

قال ستيفن أوبراين منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ اليوم (السبت)، إنّه يتعين على جنوب السودان رفع القيود على نقل إمدادات المساعدة عبر مجرى نهر النيل، الذي يمثل وسيلة حيوية للحركة، في بلد يعاني الصراع ولا توجد به طرق ملائمة.
ويشهد جنوب السودان منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013 حربًا أهلية، حيث يقاتل الجيش الشعبي لتحرير السودان التابع للرئيس سلفا كير، قوات موالية لزعيم المتمردين رياك مشار الذي كان نائبًا لكير.
وقتل الآلاف في الاشتباكات ونزح أكثر من 2.2 مليون، بينهم 500 ألف شخص فرّوا إلى الخارج، منذ نشوب الحرب. ويعتمد الكثيرون على المساعدات للعيش.
كما تعتمد البلاد كثيرًا على النيل في التنقل بسبب نقص الطرق المعبدة. وكان النهر شريان حياة لمن يحصلون على المساعدات إلى أن فرضت الحكومة قيودًا على استخدامه.
وفي أوائل يونيو (حزيران)، قال مايكل ماكوي لويث متحدث باسم حكومة جنوب السودان، إنّ كل الشحنات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ستخضع للتفتيش على الطرق السريعة والمسطحات المائية ومطار جوبا الدولي وذلك لاعتبارات أمنية.
من جهته، حث أوبراين رئيس جنوب السودان في مؤتمر صحافي بجوبا على «ضمان رفع القيود على العبارات التي تنقل إمدادات حيوية تنقذ الحياة عبر نهر النيل ودون تأخير».
وزار أوبراين مدينتي بانتيو ولير، في ولاية الوحدة التي شهدت بعضًا من أعنف الاشتباكات على حقولها النفطية. كما التقى خلال الزيارة بأقارب ضحايا الصراع، وقال بعضهم إنهم تعرضوا للاغتصاب.
واستجابة لشكاوى كثيرة من وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، أمر كير أفراد الأمن والوكالات الحكومية الأخرى في يوليو (تموز)، بالكفّ عن مضايقة العاملين في مجال المساعدات الإنسانية والسماح لهم بمرور آمن، هم والإمدادات التي ينقلونها.
وقال أوبراين إن 27 من عمال المساعدات قتلوا وفقد آخرون أثناء الصراع، وتابع: «أدعو كل الأطراف إلى تنفيذ التزاماتها بتطبيق مبادئ القانون الإنساني الدولي وضمان المرور الأمن للمساعدات الإنسانية».
متابعًا: «نحن بحاجة إلى أن يسمحوا لنا بسرعة بالدخول من دون معوقات، لتقديم المساعدة للمجتمعات المتضررة، من خلال أكثر السبل المتاحة فاعلية، سواء كان ذلك جوًا أو برًا أو عبر نهر».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.