الأوقاف المصرية تعتزم التعاقد مع شركات حراسة لتأمين المساجد للمرة الأولى في تاريخها

مصادر أكدت لـ «الشرق الأوسط» أنها تهدف للإشراف على صناديق التبرعات والتصدي لدعاة التشدد

الأوقاف المصرية تعتزم التعاقد مع شركات حراسة لتأمين المساجد للمرة الأولى في تاريخها
TT

الأوقاف المصرية تعتزم التعاقد مع شركات حراسة لتأمين المساجد للمرة الأولى في تاريخها

الأوقاف المصرية تعتزم التعاقد مع شركات حراسة لتأمين المساجد للمرة الأولى في تاريخها

تعتزم وزارة الأوقاف المصرية التعاقد مع شركات حراسة لتأمين وحماية المساجد، بهدف التصدي لدعاة التشدد والتطرف والإشراف على صناديق التبرعات، بحسب مصادر مسؤولة بالوزارة.
وبينما أثار القرار الذي أصدره وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، حالة من الجدل والسخط بين الأئمة والدعاة الرسميين وغير الرسميين، خاصة وأنها المرة الأولى في تاريخ المساجد في البلاد، قال قيادي في حزب النور، إن «الأوقاف خرجت عن دورها الدعوي إلى دور رجل الشرطة.. ونطالب بإلغاء القرار فورا».
وسبق أن استعانت الجامعات المصرية بشركات حراسة خاصة خلال العام الدراسي المنصرم، بعدما تصاعدت أعمال العنف والتخريب على يد طلاب ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي. وأكدت المصادر المسؤولة في الأوقاف، أن «شركات الحراسة على المساجد سوف تساعد الأئمة على التفرغ للجانب الدعوى، فضلا عن الحفاظ على مكتبات المساجد من الكتب التي يتم إدخالها للمساجد وتدعو للتشدد والتطرف.. وسيكون لهم زي مدني وعمل محدد يختلف بطبيعة الحال عن مهام جنود وزارة الداخلية».
وأضافت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» أمس، أن «الوزارة تهدف من ذلك مساعدة وزارة الداخلية في تأمين المساجد، فضلا عن ضبط بعض المتشددين من دعاة الإخوان المحسوبين فعليا على الأوقاف والموجودين في المساجد، للقضاء على التحريض على العنف».
ويرى مراقبون أن «السلطات المصرية تحاول إحكام قبضتها فعليا على المساجد، التي باتت مراكز للدعاة المتشددين من بعض الجماعات المتطرفة، رغم تأكيدات قيادات الأوقاف بأن المساجد تحت سيطرتها». والأوقاف التي تشرف على نحو 198 ألف مسجد في مختلف ربوع البلاد، تؤكد أنها خاضت منذ عزل مرسي عن السلطة صيف العام قبل الماضي، معارك لبسط سيطرتها على المنابر. لكن المراقبين أكدوا أن سبب قرار الأوقاف الآن هو «وجود غير أزهريين ما زالوا يعتلون منابر المساجد من الجماعات المتشددة، للتحريض على أعمال العنف والقتل ضد الشرطة والجيش».
وسبق أن وضعت الدولة المصرية، إجراءات استثنائية على المساجد منذ سقوط حكم جماعة الإخوان قبل ما يزيد على العامين، كما قصرت إلقاء الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين، وعمدت إلى توحيد موضوع خطبة الجمعة، ومنع أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات أو وضع صناديق داخل المساجد أو في محيطها.
وأكدت المصادر المسؤولة في الأوقاف أن «محافظات مصر ما زال بها عدد من الدعاة والقيادات التابعين للإخوان يستغلون أموال المساجد التي يتم جمعها عن طريق التبرعات في دعم وتمويل مسيرات وعنف الإخوان.. وأن شركات الحراسة سوف تحد من ذلك بإشرافها على هذه الصناديق». وأعلنت الحكومة المصرية رسميًا الإخوان «جماعة إرهابية» بعد إدانة قادتها في عمليات عنف مسلحة، قتل خلالها المئات من الأشخاص بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة.
وسبق أن أسست وزارة الآثار شركة خاصة للحراسات لتأمين المساجد الأثرية والتاريخية بالتعاون مع الأوقاف، لحماية المساجد التي تتعرض دائما للسرقة، بعدما تعرض منبر مسجد قايتباي الأثري (شرق القاهرة) لحادث سرقة حشوات المنبر المصنوعة من العاج والأبنوس.
وأضافت المصادر المسؤولة نفسها في الأوقاف أن «الوزارة سوف تنفق على شركات الحراسة من أموال هيئة الأوقاف.. وسنبدأ في تطبيقها بالمساجد الكبرى»، موضحا أن «الشركات خطوة إيجابية جدا وأنها ستحافظ على المساجد وتحميها أيضا من السرقات التي تتعرض لها بين فترة وأخرى».
في غضون ذلك، هاجم مشايخ في حزب النور (الذي يضم دعاة غير رسميين) والجماعة الإسلامية، قرار الأوقاف بوضع حراسات على المساجد، مؤكدين أن «هذا الإجراء يفتقد للدقة والموضوعية»، وعدوا القرار غير قابل للتطبيق على جميع المساجد خاصة في المحافظات.
وقال إسماعيل الجن، عضو الجماعة الإسلامية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الأوقاف لن يمنع من استغلال البعض للمساجد في خدمة جماعات إسلامية أو تيارات دينية بعينها»، موضحا أن مواجهة استغلال المساجد يكون من خلال وضوح الرؤية لدى الأوقاف وليس بتعيين حراسات خاصة، والتي لن يكون لها أي جدوى في حماية المساجد، مؤكدا ضرورة وجود استراتيجية كاملة تمنع أي جماعة من استغلال المساجد.
بينما قال قيادي من حزب النور، أكبر الأحزاب الدينية التي تضم دعاة غير رسميين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وزارة الأوقاف خرجت عن دورها الدعوى إلى دور رجل الشرطة»، ونطالب بإلغاء القرار فورا، أو طرحه للحوار المجتمعي خاصة من قبل الأئمة والمشايخ.. فهو يفتقد للدقة والموضوعية».
في المقابل، أشاد رئيس تيار الاستقلال، أحمد الفضالي، بقرار وزير الأوقاف بتشديد الإجراءات على المساجد، موضحا أن هذه الخطوة من شأنها أن تمنع الأئمة من استغلال منبر المسجد والدعوة في خدمة أهداف ومصالح شخصية وسياسية، مؤكدا أن الحراسة الخاصة ستعمل على وقف سيل الخطب التحريضية، والتصدي لدعوات التكفير والتعصب، وقطع الطريق على من يريدون تسميم أفكار وعقول الشباب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.