اتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان لتجاوز خلافات سد النهضة

اجتماع الخرطوم مكن من التوصل إلى خريطة طريق بعد تفاوض ماراثوني

اتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان لتجاوز خلافات سد النهضة
TT

اتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان لتجاوز خلافات سد النهضة

اتفاق بين إثيوبيا ومصر والسودان لتجاوز خلافات سد النهضة

بعد ماراثون تفاوضي طويل، توصل وزراء الري والمياه في إثيوبيا والسودان ومصر إلى توافق على القضايا التي تحفظت عليها مصر، والتي ترتبط بالمسائل التعاقدية الخاصة بالشركتين الاستشاريتين المنوط بهما إعداد دراستين متعلقتين بسد النهضة الإثيوبي، أوصت بهما لجنة الخبراء الدولية، المكونة من البلدان الثلاثة وبعض الخبراء الأجانب.
وتواصل في الخرطوم طوال الأيام الثلاثة الماضية اجتماع اللجنة الوطنية الثلاثية السابع، وذلك بحضور وزير الموارد المائية المصري حسام الدين مغازي، ووزير الموارد المائية والري والطاقة الإثيوبي ألمايو تيجنو، ووزير المياه والكهرباء السوداني معتز موسى، بحثوا خلالها استكمال مناقشة النقاط المرفوعة من الاجتماع السادس للجنة الذي انعقد في مصر الشهر الماضي.
وكانت مصر قد تحفظت على المسائل التعاقدية الخاصة بالشركتين الاستشاريتين (فرنسية وهولندية) المنوط بهما إعداد دراستين أوصى بهما التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية.
وقال وزير الري المصري حسام الدين مغازي في بيان تلاه في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إن الاجتماع نجح في التوصل إلى توافق حول كل النقاط، وذلك على ضوء ما أبداه الوزراء من حرص خلال الاجتماع لتغليب المصلحة العامة وروح التعاون بين الدول الثلاث، وأضاف موضحا: «لقد اتفقنا حفاظًا على مبدأ تحقيق المنفعة للجميع وتفعيلاً لتوجيهات القيادة السياسية للدول الثلاث».
ووفقًا للبيان فإن الوزراء اتفقوا على خريطة طريق تتضمن الاتفاق على العروض المحدثة من الشركة الفرنسية يوم 12 أغسطس (آب) 2015، وعلى عقد الاجتماع الثامن للجنة الثلاثية الوطنية في الفترة من 20 إلى 21 أغسطس المقبل بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تمهيدًا للتوقيع على العقود مع الشركتين.
ولم يقطع الوزير المصري بأن بلاده تجاوزت مخاوفها بشأن «سد النهضة الإثيوبي»، بيد أنه قال إن تحديد حجم المخاوف من الأضرار التي قد تلحق بمصر تعتمد على دراسات الاستشاري ومساعده اللذين تم الاتفاق على التعاقد معهما، وقال بهذا الخصوص: «بعد اكتمال الدراسات سيكون لدينا تصور لما سوف يحدث، وحينها نستطيع القول بأن مخاوفنا قد تبددت».
وجدد معازي تأكيد موقف بلاده المرتبط بحجم المياه التي قد يحجزها السد بقوله: «ما يقلقنا هو حجم المياه المقترح تخزينها، والمكتب الاستشاري هو الذي سيجيب عن هذه التساؤلات».
وفي ما يتعلق بنسب الاستشاريين التي أبدى تحفظه عليها في الاجتماع السابق قال مغازي إن «نسبة 70 في المائة و30 في المائة اتفقنا على أنها نسب إجمالية، لكن النسب تختلف حسب نوعية الدراسات التي سيجريها كل استشاري، فقد تكون نسبة أحدهما في دراسة أكبر من النسب الإجمالية، وقد تقل عنها، لكننا اتفقنا على نسب العمل وتفاصيل العلاقة بين المكتبين».
وقدم وزير الري والمياه الإثيوبي ألمايو تجنو تطمينات لشعبي مصر والسودان بقوله إن بلاده صممت السد بطريقة لا تسبب أي أضرار لبلدان المصب، وقال إن «قادة البلدان الثلاثة وقعوا إعلان المبادئ الذي يحدد كيف يعمل السد وتطوير الموارد المشتركة دون إلحاق أضرار بأي طرف»، مضيفا أن «الرسالة التي أحملها من بلادي هي أن السد تم تصميمه بحيث لا يجلب أي أضرار لبلدان المصب، وإثيوبيا ليست لديها رغبة في الإضرار بها، بل بالعكس من ذلك حيث تسعى لجعل الكل مستفيدا من بناء هذا السد».
من جهته، قال وزير المياه السوداني معتز موسى إن الاجتماع ساده التوافق التام حول ما طرح من موضوعات، وإن الاجتماعات سادتها روح المسؤولية والتعاون بين ممثلي الدول الثلاث، وإنها اختتمت ببيان ختامي، وإن الوزراء وقعوا محضر الاجتماع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.