على الرغم من بداياتها واهتماماتها بالفنون التشكيلية، حيث قدّمت عشرات اللوحات التي تنتمي للمدرستين الانطباعية والواقعية متأثرة بوالدها (خليل تيدور قازنجي)، وهو فنان تشكيلي اشتهر في مدينة اللاذقية السورية في خمسينات وستينات القرن الماضي، فإن رودا قازنجي، السورية من أصول أرمنية والمقيمة بين أبوظبي وسوريا، أصرّت على توظيف هوايتها في الفن التشكيلي الموروثة عن والدها وعائلتها، في مجال فن الحلويات بنماذج وأشكال جميلة وألوان زاهية تثير البهجة والفرح.
توضح رودا لـ«الشرق الأوسط» أن ما تفعله هو مجرد هواية وليس احترافًا، خاصة أنها تخصصت في مجال اللغة العربية؛ حيث درست وتخرجت من كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة تشرين في مدينة اللاذقية، كما أنها عملت على نشر أعمالها من الحلويات المشغولة بشكل فني، على صفحات التواصل الاجتماعي تحت اسم (فن الحلويات - Creative Sweets Master).
تشرح رودا: «أحب الفن، وهوايتي الرسم، وهذه موهبة موروثة عن والدي وعائلتي»، فهي من عائلة فنية؛ فعمها فؤاد نحات ورسام وموسيقي معروف منذ ستينات القرن الماضي، وابن عمتها الفنان التشكيلي السوري المعروف بولس سركو.
وتضيف: «أحب أن أطلع على أفكار في الفنون الجميلة، وأحضر معارض تتعلق بالفن والرسم، أما في موضوع تصميم الحلويات بشكل جمالي وفني، فهي هواية بدأتها منذ أكثر من سنتين، وأتقنتها لملء وقت فراغي بشيء ممتع، وقد حاولت تجسيد ذلك بشكل فني يرضي موهبتي الفنية».
ولكن ما الأسلوب الفني الذي تعتمدينه في الحلويات؟ تجيب رودا: «أسلوبي الفني هنا هو الذي يدخل البهجة والفرح إلى النفس بطريقة مرحة، وهي من متع الحياة، وأستخدم هذا الأسلوب عن طريق بعض الموضوعات والمناسبات، حيث لدي بعض طرق وأدوات معينة لتشكيل العينة التي أريد صنعها باستخدام مهاراتي الفنية ومن مخيلتي؛ فأنا أستخدم عجينة السكر للكاب كيك وكريمة الآيسنغ للكوكيز والبسكويت. أما موضوعات الأشكال الفنية لحلوياتي، فغالبًا تكون من مخيلتي، ومن الحياة الواقعية، وبعضها من مصادر عبر الإنترنت، ولكن أضفي عليها لمساتي الفنية وبصمتي في هذا المجال».
وأضافت رودا: «أستخدم عجينة السكر بعد وضع اللون المناسب، وأخلط الألوان بطريقة جمالية حسب الموضوع الذي أريد تطبيقه، فالعجينة يجب أن تكون ملساء وناعمة ومرنة، بحيث أتمكن من تشكيلها بالشكل الذي أريده، مثل النحت تمامًا، فعندما قمت مثلاً بتصميم غصن الشجرة مزجت لونين من ألوان البني لصنع غصن شجرة بطريقة طبيعية توحي للناظر بأنها فعلاً غصن شجرة من خلال خطوط الغصن الفاتحة والغامقة، كما أعمل على وضع الألوان بشكل متناسق، بحيث يثير ويلفت انتباه الناظر مثل الموسيقى والطبيعة. أما في مجال تصميم ورقة الشجر، فأمزج الأخضر الغامق مع الفاتح لتشكيل ورقة نبات طبيعية. وفي تشكيل الوردة، أقوم بوضع عجينة السكر من الداخل بلون زهري غامق مثلاً، بينما تكون أوراق الوردة من الخارج بلون زهري فاتح لتظهر الوردة بشكل طبيعي كما في نموذج الإبريق مثلاً».
من بعض النماذج التي أبدعتها مؤخرًا في مجال فن الحلويات، إبريق من الشوكولاته والكريمة والبسكويت المغطس بالكريمة الملونة والمنفذ بشكل متقن، بحيث يظهر وكأنه لوحة فنية عليها مثلاً السلّم الموسيقي أو أوراق النباتات والأشجار وأزهار الربيع بألوانها الزاهية الخضراء والصفراء والحمراء.. وغير ذلك، هناك مثلاً عمل «البحر» - وهو مستوحى من الشاطئ؛ حيث ولدت وعاشت رودا في حي الأميركان الملاصق لشاطئ البحر المتوسط وسط مدينة اللاذقية السورية - فيظهر على قطع الشوكولاته والبسكويت البحر بلون مياهه الزرقاء، وهناك شكل الموجة البحرية وغير ذلك مع كتابة عبارات معبرة مثل كلمة «الصيف» باللغة الإنجليزية، لتدلل رودا على رمزية هذا العمل، حيث البحر مقصد الناس في فصل الصيف. وهناك مثلاً أدوات الرسام، كالريشة والوعاء الذي يخلط به الرسام صبغات ألوانه وضعتها رودا بشكل رمزي على أعمالها في الحلويات الفنية. كذلك ولمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك، صممت حلويات من كريمة الزبدة بألوان الليل، وأضفت الهلال والنجوم من عجينة السكر على الكاب كيك لتعبر عن الشهر الفضيل.
رودا قازنجي.. فنانة ترسم بالسكر
العين تعشق قبل التذوق أحيانًا
رودا قازنجي.. فنانة ترسم بالسكر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة