أنفقت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم مبلغاً قياسياً بلغ 815 مليون جنيه إسترليني (مليار دولار) في نافذة انتقالات شتوية محمومة لعام 2023، شهد يومها الأخير سباقاً محموماً، وأزمة ضم الدولي المغربي حكيم زياش إلى سان جيرمان الفرنسي على سبيل الإعارة من تشيلسي الإنجليزي بسبب بضع دقائق.
ووفقاً لشركة ديلويت المتخصصة في مجال التدقيق المالي فقد تخطى إنفاق أندية الدوري الإنجليزي في السوق الشتوية لعام 2023، أكثر من ثلاثة أمثال ما تم إنفاقه في يناير (كانون الثاني) 2022.
وجاء إجمالي الإنفاق أعلى بنسبة 90 في المائة من الرقم القياسي السابق (430 مليون جنيه إسترليني في 2018)، وثلاثة أضعاف ما كان عليه في النافذة الشتوية السابقة.
وعلى مدار موسم 2022 - 2023 بأكمله أنفقت الأندية الإنجليزية 2.8 مليار جنيه إسترليني على انتقالات اللاعبين، متجاوزة الرقم القياسي السابق الذي تحقق في موسم 2017 - 2018 حين دفعت 1.9 مليار جنيه إسترليني.
وشكّل أيضاً إنفاق أندية البريميرليغ في اليوم الأخير نحو 275 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي جديد في النافذة الشتوية. واستحوذت خمسة من أفضل ستة أندية أصحاب الدخل المرتفع على أكثر من نصف إجمالي الإنفاق.
يونايتد ضم سابيتسر لتعويض غياب إريكسن (أ.ف.ب)
وكان تشيلسي الذي يحتل المركز العاشر بالدوري الإنجليزي هو أكثر أندية أوروبا إنفاقاً بواقع 37 في المائة من إجمالي ما دفعته بقية الأندية، وسجل رقماً قياسياً بريطانياً جديداً بالتعاقد مع الأرجنتيني إنزو فرنانديز الفائز بكأس العالم 2022 قادماً من بنفيكا البرتغالي مقابل 121 مليون يورو (132 مليون دولار).
وكان الرقم القياسي السابق يتمثل في تعاقد مانشستر سيتي مع جاك غريليش مقابل 100 مليون إسترليني في أغسطس (آب) 2021.
وتسببت بضع دقائق تأخير لتوثيق الأوراق في رفض رابطة المحترفين الفرنسية تسجيل ضم الدولي المغربي حكيم زياش إلى باريس سان جيرمان على سبيل الإعارة من تشيلسي.
وقدّم سان جيرمان استئنافاً سريعاً أمس أمام الرابطة للمصادقة على وصول زياش، الذي وجد بالفعل في باريس، واجتاز الفحص الطبي بعدما وافق تشيلسي على إعارته، لكن كل شيء انهار في الدقائق الأخيرة من فترة الانتقالات.
وكان زياش (29 عاما) قد ساهم بشكل أساسي نهاية العام الماضي في جعل المغرب أول منتخب عربي وأفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وكان سيمنح نادي العاصمة الفرنسية دفعاً مهماً لما تبقى من الموسم.
وبحسب مصدرين مطلعين على الملف، ارتكب تشيلسي عدة أخطاء في إرسال الوثائق الإدارية اللازمة للموافقة على عقد الجناح الدولي، ليدفع سان جيرمان الثمن بعدم إجراء أي تعاقدات في فترة الانتقالات الشتوية، وذلك قبل أسبوعين من مواجهته بايرن ميونيخ الألماني في ثمن نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا.
وكان تشيلسي ومانشستر يونايتد أبرز المستفيدين في سباق الساعات الأخيرة التي حسم فيها الأول صفقة فرنانديز، والثاني بضم لاعب الوسط النمساوي مارسيل سابيتسر على سبيل الإعارة من بايرن ميونيخ الألماني.
ووقع فرنانديز (22 عاما) عقداً طويل الأمد مع تشيلسي يستمر حتى عام 2031، وسيكون النادي الإنجليزي مطالباً أيضا بدفع نسبة 3.78 في المائة من القيمة الإجمالية للصفقة؛ لتوزيعها لاحقاً على الأندية التي شاركت في تدريب اللاعب».
وخطف لاعب الوسط الأنظار في مونديال قطر، وساهم بشكل أساسي في قيادة بلاده إلى لقبها العالمي الأول منذ 1986 والثالث في تاريخها، بفوزها في النهائي على فرنسا بطلة 2018 بركلات الترجيح بعد التعادل 3 - 3 في الوقتين الأصلي والإضافي.
وبتعاقده مع فرنانديز، تجاوز حجم إنفاق النادي اللندني في سوق الانتقالات الشتوية، أكثر من 300 مليون يورو بعدما ضم لاعبين؛ مثل الأوكراني ميخايلو مودريك من شاختار دونيتسك مقابل 100 مليون يورو (مع المكافآت)، والمدافع الفرنسي بنوا بادياشيل من موناكو مقابل 40 مليون يورو، إضافة إلى حصوله على خدمات البرتغالي جواو فيليكس على سبيل الإعارة من أتلتيكو مدريد الإسباني. وسبق لتشيلسي أن أنفق أيضاً في سوق الانتقالات الصيفية أكثر من 300 مليون يورو بضمه لاعبين؛ مثل الفرنسي ويسلي فوفانا من ليستر، والإسباني ماركو كوكوريا من برايتون، أو رحيم سترلينغ من مانشستر سيتي.
وقبل دقائق من غلق سوق الانتقالات، أبرم مانشستر يونايتد أيضاً صفقة التعاقد مع سابيتسر، وقال النجم النمساوي: «أحياناً في الحياة يكون عليك اتخاذ قرارات سريعة ومهمة».
وتحرك مانشستر يونايتد لضم سابيتسر، 28 عاما، والذي شارك في 68 مباراة مع المنتخب النمساوي، بعدما تأكد من غياب الدنماركي كريستيان إريكسن عن الملاعب حتى أوائل مايو (أيار) المقبل بسبب إصابة في الكاحل تعرض لها خلال المباراة أمام ريدينغ السبت الماضي في كأس الاتحاد الإنجليزي.
خطأ إداري أفشل ضم زياش لسان جيرمان (رويترز)
وعلق سابيتسر في تصريحات لموقع ناديه الجديد: «أدركت أن هذه هي الخطوة المناسبة لي بمجرد علمي بوجود هذه الفرصة. أنا لاعب تنافسي، وأريد أن أحقق الانتصارات، وأساعد النادي على تحقيق أهدافه هذا الموسم».
وأضاف «أشعر بأنني في قمة مستواي، وأنني أستطيع أن أقدم إسهامات كبيرة للفريق بخبرتي وحيويتي. أنا متحمس لبدء العمل مع المدرب وزملائي الجدد وإظهار قدراتي لجماهير مانشستر يونايتد».
وشهد تشيلسي رحيل لاعب خط وسطه الإيطالي جورجينيو إلى آرسنال بعقد لمدة 18 شهراً. وجاء انتقال اللاعب الإيطالي الدولي البالغ من العمر 31 عاماً في ظل سعي المدفعجية لتعزيز خياراتهم بخط الوسط بعد الإصابة التي تعرض لها النجم المصري محمد النني في الركبة.
وقال جورجينيو: «سعيد للغاية ومتحمس لهذا التحدي الجديد، ولا أطيق انتظار الوجود على الملعب. كل شيء حدث بشكل سريع. أتطلع لهذا التحدي المذهل».
وكان من أبرز حركة الانتقالات الشتوية انضمام المدافع البرتغالي جواو كانسيلو إلى بايرن ميونيخ من مانشستر سيتي على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، مع بند يتيح له شراء اللاعب البالغ من العمر 28 عاما مقابل 61.5 مليون جنيه إسترليني في الصيف. وقال كانسيلو: «بايرن ميونيخ ناد كبير. واحد من أفضل الأندية في العالم. إنه حافز هائل بالنسبة لي أن ألعب بجوار هذه المجموعة الاستثنائية من اللاعبين».
كذلك أعلن توتنهام تعاقده مع بيدرو بورو من سبورتينغ لشبونة على سبيل الإعارة قبل عشر دقائق من موعد غلق السوق الشتوية، وعقب إعلان فسخ عقد الآيرلندي مات دوهيرتي الذي انضم إلى أتلتيكو مدريد الإسباني.
ووضع توتنهام شرط حق شراء اللاعب البالغ من العمر 23 عاما بعقد نهائي في الصيف، علما بأن النادي الإنجليزي تخلى أيضاً عن المدافع غيد سبينس إلى رين الفرنسي حتى نهاية الموسم.
واستكمل بورنموث نشاطاً كبيراً في سوق الانتقالات الشتوية، وتعاقد خلال
اليوم الأخير مع الأوكراني إليا زبارني، والإيفواري حامد تراوري من ناديي دينامو كييف وساسولو الإيطالي. كذلك نشط نادي نوتنغهام فورست بشكل كبير في نهاية سوق الانتقالات، وأبرم ثلاث صفقات خلال آخر ساعة، بضم المدافع المخضرم فيليبي من أتلتيكو مدريد، ولاعب خط الوسط غونغو سيلفي من نيوكاسل، وحارس المرمى كيلور نافاس بعقد إعارة من باريس سان جيرمان.
وقال تيم بريدج، الشريك الرئيسي في مجموعة الأعمال الرياضية التابعة لشركة ديلويت: ««تفوقت أندية الدوري الممتاز الإنجليزي على جميع منافسيها في الدوريات الخمسة الكبرى الأخرى بنحو أربعة لواحد في سوق الانتقالات. إنه مؤشر واضح على أن استمالة المواهب تمثل جوهر استراتيجيات عمل الأندية الإنجليزية».
وتابع: «من خلال تأمين أفضل المواهب المتاحة، تأمل الأندية في تحسين النتائج على أرض الملعب، مما سيعزز جاذبية الدوري الإنجليزي، وتوطد مكانته في صدارة كرة القدم العالمية».
إلا أن بريدج حذر الأندية من ضرورة وجود توازن جيد بين إعطاء الأولوية للنجاح على أرض الملعب والحفاظ على الاستدامة المالية، وتسليط الضوء أيضاً على نقص الأعمال المحلية.
وتم توجيه أكثر من 85 في المائة من إجمالي إنفاق أندية الدوري الإنجليزي نحو ضمّ لاعبين يلعبون خارج المملكة المتحدة. وقال بريدج إن التراجع عن النظر للاعبين المحليين سيكون مصدر قلق للأندية المتدنية في إنجلترا، ويمكن أن يزيد الجدل حول توزيع أكثر عدالة للأموال.
وذكر كالوم روس، مساعد المدير في مجموعة ديلويت، أن كثيرا من الأندية في جميع أنحاء أوروبا باعت مواهب قيّمة؛ لأنها سعت إلى إعطاء الأولوية للاستقرار المالي. وتابع: «كانت بقية البطولات الخمس الكبرى في أوروبا أكثر هدوءا، ومن المحتمل أنها تأثرت بالنمو السلبي في حقوق البث في السنوات الأخيرة، بينما في الوقت نفسه، لا تزال بعض الأندية الأوروبية تتعافى من تداعيات الجائحة».
وانخفض الإنفاق على الانتقالات في باقي الدوريات الكبرى في أوروبا من 396 مليون يورو في نافذة يناير 2022 إلى 255 مليون يورو.
واتهم رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس غالبية أندية الدوري الممتاز بـ«المنشطات الاقتصادية». وغرّد «نقرأ عن قوة الدوري الممتاز لكن الأمر ليس كذلك. إنها مسابقة مبنية على أندية تتكبد خسائر بالملايين».