مؤسسات دينية مصرية تُندد بتمزيق وحرق المصحف الشريف

الأزهر دعا لمقاطعة المنتجات الهولندية والسويدية

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)
TT

مؤسسات دينية مصرية تُندد بتمزيق وحرق المصحف الشريف

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب (مشيخة الأزهر)

نددت مؤسسات دينية مصرية بـ«تمزيق وحرق المصحف الشريف في هولندا والسويد». ودعا الأزهر إلى «مقاطعة جميع المنتجات الهولندية والسويدية بكل أنواعها، واتخاذ موقف قوي وموحد لنصرة كتاب الله».
وكانت مصر قد أدانت «قيام زعيم إحدى الحركات (المتطرفة) بتمزيق المصحف الشريف أمام مبنى البرلمان الهولندي في لاهاي». وقالت في بيان لوزارة الخارجية المصرية (مساء الثلاثاء) إن «هذا فعل سافر يتجاوز حدود حرية التعبير، وينتهك مقدسات المسلمين، ويؤجج خطاب (الكراهية) بين الأديان والشعوب بما يهدد أمن واستقرار المجتمعات». وأعربت مصر عن بالغ قلقها «إزاء تكرار حوادث ازدراء الأديان وتصاعد ظاهرة (الإسلاموفوبيا) في عدد من الدول الأوروبية أخيراً». وشددت على «مسؤولية تلك الدول عن منع تكرار مثل تلك الممارسات التي تتنافى مع منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية».
كما أعربت مصر في بيان آخر قبل أيام عن إدانتها الشديدة لقيام أحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف في العاصمة السويدية ستوكهولم. وقالت «الخارجية المصرية» في بيان حينها إن «ذلك تصرف مشين يستفز مشاعر مئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم كافة». وحذرت مصر من «مخاطر انتشار هذه الأعمال التي تسيئ إلى الأديان وتؤجج خطاب (الكراهية والعنف)»، داعية إلى «إعلاء قيم التسامح والتعايش السلمي، ومنع الإساءة لجميع الأديان ومقدساتها من خلال مثل تلك الممارسات (المتطرفة) التي تتنافى مع قيم احترام الآخر وحرية المعتقد وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية».
وطالب الأزهر الشعوب العربية والإسلامية بـ«مقاطعة جميع المنتجات الهولندية والسويدية بكل أنواعها، واتخاذ موقف قوي وموحد نصرة لكتاب الله ولقرآننا الكريم». كما طالب بـ«رد مناسب لحكومتي الدولتين في إساءتهما إلى مليار ونصف المليار مسلم».
وشدد الأزهر في بيان (الأربعاء) على «ضرورة التزام الشعوب العربية والإسلامية بهذه المقاطعة، وتعريف أطفالهم وشبابهم ونسائهم بها، وأن يعلموا أن أي عزوف أو تقصير في هذا الأمر، هو تخاذل صريح عن نصرة الدين».
وكان الأزهر قد دعا إلى «سن تشريعات دولية تمنع الإساءة إلى المقدسات الدينية للأمم والشعوب، وكفالة الضمانات اللازمة لحماية العقائد كافة من أعمال (التطرف والكراهية والعنف والإساءة)».
كما أدانت دار الإفتاء المصرية «تمزيق المصحف». وأكد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية أن «جريمة تمزيق المصحف الشريف تمثل استفزازاً صريحاً لمشاعر المسلمين في هولندا وخارجها، وتغذي مشاعر (الكراهية والتمييز)، كما تخدم الجماعات (المتطرفة) والتيارات (الإرهابية)».
وشدد مرصد الإسلاموفوبيا على أن «احترام المقدسات الدينية بشكل عام والرموز الدينية بشكل خاص، يمثل أحد أهم حقوق الأمم والشعوب، ومن واجب الحكومات والنظم في مختلف بقاع العالم، الحرص على أن تظل تلك المقدسات بعيدة عن الانتهاكات أو التشويه والإساءات المتعمدة»، مشيراً إلى أن «هذه التصرفات العنصرية لا تؤمن بالتنوع والتعايش المشترك والتحاور والتعاون بين الأديان والحضارات، وترفض أسس المجتمعات الحديثة وقيمها القائمة على المواطنة واحترام الآخر دون النظر للأبعاد الدينية والعقائدية».
وذكر مرصد الإسلاموفوبيا أن «هذه الأفعال والممارسات (العنصرية) تحاول استغلال البيئة المتحضرة في أوروبا لتتستر خلف شعار حرية التعبير، لكنها تتغافل عن عمد أن مناخ الحرية يسير بجانب مجموعة من القيم الأخرى القائمة على العيش المشترك والاحترام المتبادل سواء كان عقائدياً أم عرقياً».
وطالب المرصد المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية الفاعلة بـ«رفض مثل تلك الممارسات والأفعال المسيئة لمقدسات الإسلام والمسلمين، والوقوف ضد التيارات اليمينية المتطرفة التي تغذي بدعايتها السوداء تيارات (العنف والتطرف) على الجانب الآخر، وتمنحها المبررات لتنفيذ هجماتها (الإرهابية)».
في السياق ذاته أدان الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، علاء عبد الهادي، ومجلس إدارة الاتحاد العام المشكل من رؤساء 18 هيئة ثقافية وفكرية وإبداعية عربية، حرق المصحف الشريف. وأكد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أن «هذه الأعمال (المتطرفة) سلوكاً وانتماء لن تسفر عن نتائج سوى استثارة مشاعر البغضاء و(الكراهية)، وتقويض استقرار الأنظمة، وخلق العداءات المصطنعة بين الشعوب». وأضاف: «إذ يدعو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب منظمة اليونيسكو، والمنظمات الثقافية الإقليمية، والأدباء والمفكرين والمبدعين والساسة والصحافيين في أنحاء العالم كافة، إلى الوقوف يداً واحدة لاستنكار هذه الأعمال المعبأة بمشاعر (الكراهية والازدراء)، فإنه يدين بأقوى عبارات الإدانة هذه السلوكيات (المتطرفة) التي تحض على خطاب (الكراهية) والاحتراب بين العقائد».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».