السوداني يجدد الشراكة مع «الناتو» لمحاربة «داعش»

وسط تقارير عن اعتزامه زيارة واشنطن قريباً

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقائد القوات المشتركة لـ«الناتو» (المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقائد القوات المشتركة لـ«الناتو» (المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء)
TT

السوداني يجدد الشراكة مع «الناتو» لمحاربة «داعش»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقائد القوات المشتركة لـ«الناتو» (المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقائد القوات المشتركة لـ«الناتو» (المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء)

شدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على التزام بلاده بالشراكة مع حلف شمال الأطلسي «ناتو» في مجال محاربة الإرهاب. وقال السوداني لدى استقباله، مساء أمس (الاثنين)، قائد القوات المشتركة لـ«الناتو»، الأدميرال ستيوارت مونش، إنه «يقدّر عالياً موقف الحلف الداعم للعراق في مواجهة الإرهاب من خلال تقديم التدريب لقواتنا الأمنية»، مؤكداً التزام العراق بالشراكة مع الحلف و«الحرص على استدامة العمل المشترك». ووفق بيان لمكتبه الإعلامي، أشار السوداني إلى «أهمية ترسيخ الأمن في العراق وانعكاسه على أمن المنطقة والعالم»، مبيناً أن «القوات الأمنية العراقية وصلت إلى مرحلة متقدمة في مقدرتها على محاربة الإرهاب».
ويأتي تأكيد السوداني تجديد الشراكة مع «الناتو» في مجال محاربة تنظيم «داعش» في وقت يتجدد الجدل في الأوساط السياسية العراقية، لا سيما الرافضة لوجود القوات الأجنبية في العراق خصوصاً القريبة من إيران، حول القوات الأجنبية. ومن المتوقع أن يتوجه السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد الزيارة التي يتوقع أن يقوم بها وزير الخارجية فؤاد حسين إلى واشنطن مطلع الشهر المقبل.
وفي الوقت الذي تهيمن أزمة الدولار على زيارة حسين ومن بعده السوداني إلى واشنطن فإن بحث اتفاقية الإطار الاستراتيجي بشأن الوجود الأميركي في العراق سوف يهيمن على الزيارة. وكانت أزمة الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي قد تفاقمت مؤخراً خصوصاً بعد العقوبات التي فرضها البنك الفيدرالي الأميركي على نحو 16 مصرفاً عراقياً يقوم بعضها بتهريب العملة إلى إيران. وكانت تصريحات سابقة للسوداني في أثناء استقباله بريفت ماكغورك، المنسق الأميركي لشؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط، الأسبوع الماضي بشأن الحاجة إلى بقاء القوات الأجنبية في العراق، قد أثارت استياءً من عدد من الفصائل المسلحة.
وفيما ترى المؤسسة العسكرية العراقية أن الحاجة لا تزال قائمة إلى المدربين الأجانب للقوات العراقية لا سيما على صعيدَي الدعم الاستخباري والدعم اللوجيستي، فإن قوى سياسية عراقية، ومنها الفصائل المسلحة سواء المرتبطة بالحشد الشعبي أو خارجه، ترى أن الحاجة انتفت إلى أي وجود أجنبي في البلاد. وبينما زادت هذه الجهات من ضغوطها على رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، لا سيما بعد مقتل قائد فيلق القدس في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس عام 2020، فإن تولي رئيس وزراء من قوى الإطار التنسيقي وهو الرئيس الحالي للحكومة لم يغيّر شيئاً من قواعد التعامل لا مع «الناتو» ولا مع الأميركيين. ورغم تراجع خطر تنظيم «داعش»، الذي لم يعد يمثل تهديداً رئيسياً للعراق لكنه لا يزال يقوم بعمليات في بعض المناطق ومن بينها إحدى المناطق القريبة جداً من العاصمة بغداد وهي منطقة الطارمية، فإن فريقاً أممياً كشف امتلاك التنظيم أسلحة كيماوية سبق أن استخدم بعضها في كل من العراق وسوريا. وقال تقرير لخبراء من الأمم المتحدة إنهم جمعوا أدلة مستندية ورقمية من شهادات الشهود باستخدام التنظيم للأسلحة الكيماوية. وأوضح الخبراء في تقريرهم الذي رُفع إلى مجلس الأمن للمناقشة، أن تنظيم «داعش» قام بتصنيع وإنتاج صواريخ وقذائف هاون وذخائر للقنابل الصاروخية ورؤوس حربية كيماوية وأجهزة متفجرة كيماوية يدوية الصنع. وأشار التقرير إلى أدلة تثبت اتخاذ التنظيم الإرهابي ترتيبات مالية ولوجيستية وأخرى تتعلق بالمشتريات والروابط مع عناصر القيادة فيه، لافتاً إلى وجود فهم أكبر للمواقع التي يشتبه في أنها شهدت أنشطة لتصنيع الأسلحة وإنتاجها، واستخدامها في جميع أنحاء العراق.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».