بعد أربع سنوات من تأزم العلاقات بين البلدين، قام وفد من ثلاثة عشر عضواً في البرلمان البولندي بزيارة رسمية لإسرائيل، مستهلين مرحلة جديدة للتقارب بين الحكومتين اليمينيتين في كل من تل أبيب ووارسو. وكان على رأس المداولات، كيفية تنفيذ انقلاب في نظام القضاء الإسرائيلي على نمط الانقلاب الذي أحدثته الحكومة اليمينية البولندية.
وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن الوفد جاء ضمن الجهود لتحسين العلاقات، لكنه وصل في وقت تلتهب فيه المعركة الداخلية حول مشروع بنيامين نتنياهو للحد من صلاحيات القضاء الذي يثير ضجة كبرى ضده. وإن مسؤولين في وزارة القضاء الإسرائيلية مهتمون بالتعرف على التجربة الشبيهة التي خاضتها الحكومة اليمينية في وارسو، التي نجحت في إحداث انقلاب في قوانين القضاء. ومع أن بولندا تتعرض لحملة ضغوط أوروبية أفضت إلى فرض عقوبات عليها وقطع المساعدات، إلا أن الإسرائيليين يدرسون هذه التجربة بمختلف جوانبها والإفادة من عدة بنود فيها.
المعروف أن العلاقات بين إسرائيل وبولندا كانت قوية ومتينة في بداية العقد الماضي، وبلغت حد القيام بمناورات عسكرية مشتركة ومنظومة عمل ضد الإرهاب فضلا عن العلاقات الاقتصادية القوية. ولكن في مطلع فبراير (شباط) من سنة 2018، بدأت العلاقات تشهد توتراً حينما صادق مجلس الشيوخ البولندي على مشروع قانون يمنع اتهام بولندا بالمشاركة في إبادة 3 ملايين يهودي في المحرقة النازية. فهاجمت حكومة نتنياهو القانون واعتبرته تشويهاً للتاريخ. ورد رئيس الحكومة في حينه متاوش موربييتسكي بأن عدداً من اليهود البولنديين تعاونوا مع النازية الألمانية. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس يومها، إن «البولنديين رضعوا اللاسامية من حليب أمهاتهم». وبعد المصادقة على القانون المذكور قال وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، يائير لبيد، في يونيو (حزيران) 2021، إن «حكومة بولندا معادية للديمقراطية». وتدهورت العلاقات إلى أدنى مستوى.
لكن ومع نشوب الحرب في أوكرانيا، باشرت حكومة لبيد في تعاون سياسي وعسكري مع بولندا التي قدمت مساعدات إلى الإسرائيليين الذين سعوا لمغادرة أوكرانيا بعد الغزو الروسي لها، عبر المعابر الحدودية في شرق بولندا. ومع تشكيل حكومة نتنياهو تعمقت هذه العلاقات أكثر في مجال التعاون العسكري. وجاء الوفد البرلماني هذا الأسبوع ليفتح الباب أمام تسوية للأزمة في العلاقات، فالتقى مع نائب رئيس الكنيست، النائب موشيه تور باز وعضوي الكنيست بوعز بيسموث وياسمين فريدمان، الذين أعربوا عن أملهم في إعادة العلاقات إلى طبيعتها.
والتقى الوفد أيضاً مع الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ. وقال إن زيارته هذه هي محاولة لإعادة تعميق العلاقات مع إسرائيل بعد تغيّر الحكومة في إسرائيل. ودعا نائب رئيس مجلس الشيوخ البولندي، ميشال كامينسكي، من الوفد، الكنيست إلى تجديد علاقاته مع مجلس النواب البولندي وإعادة تأسيس مجموعة صداقة برلمانية. وخلال الزيارة، التقى البولنديون بممثلي سلطة الطوارئ الوطنية في وزارة الأمن الإسرائيلية وموظفي مستشفى رامبام شمالي إسرائيل، وكذلك مع سكان مركز موارد الوقاية من الإجهاد المجتمعي. وكان هدفهم التعلم من التجربة الإسرائيلية في التعامل مع حالات الطوارئ لعلاج المواطنين البولنديين الذين يعيشون بالقرب من مناطق القتال في أوكرانيا.
وحاول نواب اليمين الإسرائيلي التعرف بعمق على تجربة بولندا في تغيير نظام القضاء وتقليص صلاحياته الدستورية لصالح القيادات السياسية، وكذلك تقليل قدرته على شطب قوانين.
وفد بولندي في إسرائيل للتعاون في «انقلاب القضاء»
وفد بولندي في إسرائيل للتعاون في «انقلاب القضاء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة