شاشة الناقد

كرستيان بايل في مشهد من «عينان زرقاوان شاحبتان»
كرستيان بايل في مشهد من «عينان زرقاوان شاحبتان»
TT

شاشة الناقد

كرستيان بايل في مشهد من «عينان زرقاوان شاحبتان»
كرستيان بايل في مشهد من «عينان زرقاوان شاحبتان»

The Pale Blue Eyes
إخراج: سكوت كوبر
الولايات المتحدة (2023)
ليس من عناصر الجذب في هذا الفيلم الدكانة المقصودة في معظم مشاهده، وليس البطء المتعمّد في سرده. لكن عدا هاتين الناحيتين، هو فيلم تشويق يدور حول لغزية من القاتل ولماذا؟ وعمل فيه ممثلان ممتازان في دوريهما: كرستيان بايل وهاري مَلينغ.
حكاية «العينان الزرقاوان الشاحبتان» ظهرت في عام 2003 بقلم لويس بايارد. سكوت كوبر، الذي من بين أفلامه Hostiles وOut of the Furnace وكلاهما من بطولة بايل. أحداث الرواية والفيلم تقع سنة 1830 في مدرسة عسكرية في ولاية نيويورك وتحتوي على شخصية تحر اسمه أغسطس لاندور (بايل) جيء به للتحقيق في جريمة قتل عسكري تم انتزاع قلبه.
بين طلاب المدرسة شاعر اسمه إدغار ألان بو (مَلينغ). حقيقة أن القاتل يكتب الشعر تجعل الأنظار تتجه إلى بو كونه الطالب الأشبه بالحمل الأسود بين رفاقه. رئيس المعهد كولونيل ثاير (البريطاني تيموثي سبول) يخشى فشل المحقق في كشف القضية حتى لا يصدر أمر بإقفال المدرسة. ويزداد هذا الخوف لديه عندما تقع جريمة ثانية لا تقل عنفاً.
ينتقل الفيلم إلى صعيد آخر من الأحداث عندما يقرر أغسطس تعيين إدغار ألان بو مساعداً له، خصوصاً أن طلاب المدرسة لا يستطيعون الحديث إلى المحقق كونه من خارج المؤسسة. هذا الانتقال يساعد لا في دفع الدراما خطوات إلى الأمام فقط، بل في الاستفادة من ممثلين رائعين أحدهما (كرستيان بايل) يلجأ إلى ما دون التفعيل الدرامي لتأدية دوره، والآخر إلى تجسيد شخصية قلقة ومدفوعة لاستخدام الجرائم لتناسب رغبته في كتابة الروايات البوليسية الداكنة التي ابتدعها في ذلك الحين.
مَلينغ رائع في دوره لسببين: هناك شبه ملامح (وشكل رأس) بينه وبين ألان بو في الحقيقة، وهناك أداء ذكّر هذا الناقد ببعض الأدوار الأولى لبايل وكيف قام بتأديتها. حين تتكرر جرائم القتل يكتشف الاثنان أن وراء الجرائم عبادة شيطانية تقوم بها عائلة بقيادة شخصية تبدو الأقرب إلى البراءة مما هي عليه في الواقع (لا أريد الإفصاح عنها هنا).
يكاد الفيلم أن يكون رائعاً ونموذجياً بالنسبة لأفلام النوع. سكوت كوبر يدرس تفاصيله ويستفيد من سيناريو جيد ودراية واسعة بكيف يريد إنجازه. لكن في هذه الدراية محطات ضعف واضحة. من بينها أن الفيلم يتبع الرواية التي كانت تحتاج لأحداث تزيد من التوتر والتشويق. يتكّل كثيراً على قوّة إيحاءاتها بينما يفتقد لما هو أكثر من سرد التحقيقات كأحداث تساعد على رفع سقف التوقعات. كذلك فإن اعتماد الدكانة في التصوير (حتى في مشاهد خارجية) يترك المُشاهد فريسة الوقوع في ضجر محتمل. بصرياً وإيقاعاً فيلم أخاذ. درامياً كان يحتاج إلى شد بعض براغيه.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.