ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب لسوريا من تركيا تضع أنقرة تحت مجهر دولي

ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب لسوريا من تركيا تضع أنقرة تحت مجهر دولي
TT

ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب لسوريا من تركيا تضع أنقرة تحت مجهر دولي

ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب لسوريا من تركيا تضع أنقرة تحت مجهر دولي

يتهم المجتمع الدولي تركيا بالتساهل حيال الشبكات التي تنقل المجندين الأجانب الى سوريا للانضمام الى صفوف تنظيم "داعش"، إذ تشير إحصائيات الى أن الحدود السورية-التركية هي الممر الأكثر شيوعا لدخول المجندين من الغرب إلى سوريا للالتحاق بتنظيمات متطرفه تقاتل بالنزاع الدائر.
من جهة أخرى، عمدت تركيا منذ سنة الى تشديد المراقبة في المطارات وعلى حدودها.
وأعلن الجيش التركي اليوم (الاحد) ان قوات الامن اوقفت نحو 500 شخص كانوا يحاولون عبور الحدود قادمين من سوريا المجاورة أمس (السبت). إذ قال الجيش في بيان نشره اليوم على موقعه "اعتقلت وحدات قيادة القوات البرية 488 شخصا كان يحاولون العبور الى تركيا من سوريا، و26 شخصا كانوا يحاولون العبور الى سوريا من تركيا". ولم يكشف بيان الجيش عن جنسيات الموقوفين.
بدورها، ترفض السلطات التركية بقوة الاتهامات وتقول انها تبذل كل جهودها لضمان امن الحدود الشاسعة، لكن لا يمكن تحقيق نتائج ملموسة ما لم تقدم الدول الغربية مزيدا من المعلومات الاستخبارية عن الاشخاص الساعين للانضمام الى المتطرفن.
وفي محاولة لمواجهة الانتقادات اعتقلت السلطات التركية الاسبوع الماضي عشرات تقول انهم عناصر في تنظيم "داعش".
بالإضافة إلى ذلك، عززت تركيا ايضا وجودها العسكري على الحدود في الاسابيع القليلة الماضية، حيث نشرت دبابات وصواريخ مضادة للطائرات فضلا عن تعزيزات من الجنود.
وتأتي الاجراءات التركية بعد تقدم المقاتلين الاكراد السوريين وتحقيقهم مكاسب ضد تنظيم "داعش" في شمال سوريا قرب الحدود.
وفي مطلع الشهر الحالي، نفّذت السلطات التركية عملية واسعة النطاق في أربع مدن في البلاد بينها إسطنبول، اعتقلت خلالها 21 شخصًا يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش. وعند الاعتقال، كان الأجانب يستعدون للتوجه إلى سوريا للقتال إلى جانب التنظيم المتطرف المصنف بين المنظمات الإرهابية في تركيا. وتركزت عملية شرطة مكافحة الإرهاب في إسطنبول خصوصا، وأيضا في ازميت المجاورة وشانلي أورفا (جنوب شرق) ومرسين (جنوب). وهذه واحدة من أكبر عمليات الشرطة ضد تنظيم داعش في تركيا.
وفي الأول من يوليو (تموز) الماضي، أوقفت الشرطة في غرب تركيا سبعة أشخاص يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش، بعضهم شارك في معارك في سوريا.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قبل اسبوعين أن بلاده التي شددت كثيرًا التدابير الأمنية على حدودها البالغة 900 كلم مع سوريا، لا تنوي شن عملية وشيكة في سوريا.
لكن وسائل الإعلام التركية ذكرت أن تركيا التي ترفض منذ أشهر أن تستخدم الولايات المتحدة قاعدة إنجرليك (جنوب) لقصف التنظيم في سوريا والعراق، ستسمح من الآن فصاعدًا للأميركيين بأن يستخدموا على الأقل طائرات من دون طيار.
على صعيد متصل، سلطت الصحف التركية خلال الاسابيع الأخيرة مباحثات بين الحكومة التركية والجيش التركي التي لا تزال مستمرة حول إمكانية إنشاء منطقة أمنية على الحدود مع سوريا، لافتة إلى أن 12 ألف جندي تركي باتوا جاهزين للدخول إلى سوريا لإنشاء تلك المنطقة. حيث ذكرت صحيفة «يني شفق» المحلية، أن الجيش التركي يعد مخططاته المتعلقة بإقامة منطقة حدودية آمنة شمال سوريا بعمق 35 كلم وطول 110 كلم، مشيرة إلى أن محاولات حزب الاتحاد الديمقراطي لإنشاء دولة كردية شمال سوريا وتوجه تنظيم داعش إلى الأهداف الاستراتيجية، دفعت الحكومة التركية إلى توخي الحذر والتهيؤ لإنشاء الممر الآمن. وأضافت أن قرار إقامة المنطقة الآمنة تم الاتفاق عليه بين رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، اللذين طالبا رئيس أركان الجيش نجدت أوزال إنهاء استعداداته بهذا الشأن، الذي أكد بدوره جاهزية القوات المسلحة التركية للقيام بالعمليات العسكرية المطلوبة.
كما أشارت صحيفة «حريّت» التركية، إلى أن الحديث عن إقامة المنطقة الأمنية جاء من رغبة الحكومة التركية في تحرك أكثر نشاطا لدعم الجيش السوري الحر الذي حقق انتصارات كبيرة خلال الفترة الماضية.
يذكر أن تركيا لا تشارك في التحالف الدولي والعربي بقيادة الولايات المتحدة الذي يتصدى لـ«داعش» في العراق وسوريا، ورهنت انضمامها للتحالف بتحقيق أربعة شروط هي إعلان منطقة حظر جوي في سوريا وإقامة منطقة آمنة، وتدريب المعارضين السوريين وتزويدهم بالسلاح، بالإضافة إلى شن عملية ضد النظام السوري نفسه.
وتأتي هذه الأخبار في الوقت الذي أعلن فيه مسؤولون كبار لـ«رويترز» الشهر الحالي، أن تركيا ترغب في تشييد مزيد من الجدران على امتداد حدودها مع سوريا لتعزيز الأمن ضد مقاتلي تنظيم داعش، والبدء في حملة للتعامل مع مشكلة المعابر الحدودية غير الشرعية.
جدير بالذكر أنه في ذكرى مرور عام على ولادة أحد أكثر التنظيمات المتطرفة دموية (داعش)، أصدر مجلس الأمن الدولي لدى الامم المتحدة الشهر الماضي تقريرا يكشف أن أعداد المقاتلين الأجانب الملتحقين بجماعات متطرفة قد تعدت 25 ألف مجند من أكثر من 100 دولة، وأغلبهم ينتمون إلى "داعش".
كما أشار التقرير إلى أن عدد المقاتلين قد ارتفع بنسبة أكثر من 70٪ من جميع أنحاء العالم فى الأشهر التسعة الماضية، ما يشكل تهديدا إرهابيا فوريا وعلى المدى الطويل.
من جانبه، نوه بينجامين هول، الصحافي البريطاني الذي قضى وقتا بسوريا والعراق في قلب النزاع بتصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، أن "التنظيم كان لتركيا في بادئ الأمر بمثابة أداة للتخلص من بشار الأسد، ولم تتوقع أن يغدو (داعش) لاحقًا بهذه القوة"،حسب قوله، واستطرد بقوله حينها مؤكدا، "لقد لاحظت أنقرة أخيرًا أن عليها أخذ دور أكثر فعالية في النزاع السوري، وحقًا نشهد مقترحات لتأمين الحدود وعزلها".
من جهتهم، يشير محللون بدورهم الى ضرورة تأمين الحدود التركية - السورية التي تعد المدخل الأول للمجندين الأجانب.
ويؤكد مراقبون على أهمية تشديد الاحترازات الأمنية والزيادة من الدور التي تلعبه الحكومة التركية إزاء ظاهرة التجنيد والسفر عن طريق البلاد إلى منطقة النزاع.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.