التونسي أيمن صمهود يكسب بقوة «الخطة ب»

«توب شيف ـ الموسم السادس»

«توب شيف» ولحظة الفوز
«توب شيف» ولحظة الفوز
TT

التونسي أيمن صمهود يكسب بقوة «الخطة ب»

«توب شيف» ولحظة الفوز
«توب شيف» ولحظة الفوز

الفائز بـ«توب شيف - الموسم السادس» هو أيمن صمهود (29 عاماً) من تونس. حمل سكاكينه للمرة الأخيرة؛ «باسم الله»، توكّل وانطلق لكسب التحدي. ثلاثة أشهر، أو 13 حلقة عرضتها «mbc1»، «mbc العراق»، «mbc5»، و«شاهد»، حصد منها ربحاً لستّ مرات ولقباً، عدا الجوائز وفرص المستقبل. منافسة صعبة انتهت بفرحة كبرى.
أربعة طهاة محترفين تمسكوا بالحلم حتى اللحظة الأخيرة. كل شيء يُباغت، خصوصاً الوقت. والخطط تصطدم بما لم يُحسب حسابه. الأشطر ليس مَن ينجز ألذّ الأطباق فحسب. هو ممتهن الالتفاف على الزمن ومُترقّب المفاجآت غير المنتظرة. وإذا كان الشيف اللبناني عبد الله بكري أبهر الحكام بمهارته وطابت لهم أطباقه، فإن الشيف الفائز ذهب أبعد في التخطيط تحت الضغط واستخراج الحلول من المآزق. كان هذا التونسي الشاب جديراً بالفوز.
من تونس أيضاً، حاول الشيف أسامة القصاب الاقتراب من فرصة العمر. ومن الأردن، بذل الشيف محمد عطية جهده. ورقة رابحة وحيدة يكسبها مَن تُعدّد الشيف السعودية منى موصلي صفاته: القادر على التفكير السريع واتخاذ القرار، مَن يخطّط للنهاية، ويدرك الطاقات الكامنة في أعماقه فيوسّع خياله. باختصار: الخارج على المألوف. بعض مَن غادروا خانتهم دعسة ناقصة حالت دون الالتحاق بصنّاع النهايات، لكن حتماً في كل طاهٍ مزايا أكيدة.
إنها «وقتكم يبدا ده حين» الأخيرة، بصوت الشيف منى الطافحة بالتفهّم والعطف. تتخذ مقعدها الوسطي حول طاولة التذوق للحُكم على الأطباق. على يمينها ويسارها، الشيف اللبناني مارون شديد، الصارم والقارص للتحريض على التفوق، والشيف المصري بوبي شين المُنصف بتعليقاته ونصائحه. يجلسون ومعهم ستة طهاة محترفين من العالم، تجمعهم الأصول العربية ونجمة «ميشلان»، دليل الاجتهاد والتعب. حضورهم يرفع مستوى المنافسة ويُحمّل طهاة النهائيات إحساساً عالياً بالمسؤولية وبتوتر بديع قد لا يتكرر.
يذكر الشيف مارون أسبوع بداية الموسم، حيث حمل الطبق الأول شعوراً بالخوف ارتسم على الوجوه. يخرج باستنتاج: «لا يكفي أن يحلم المرء فتتحقق أحلامه. عليه التحلّي بروح المقاتل؛ بالصبر، والرغبة في التعلّم من الأخطاء». يمتلك الشيف التونسي الفائز ما يجعله أهلاً بشعار البرنامج: «مش أي شيف». حين رفع السكين البرتقالي كإشارة إلى النتيجة السعيدة، تصاعدت صرخة الـ«YES» نيابة عن الحالمين جميعاً.
يميل الشيف بوبي إلى الرومانسية حين يخرج كلامه من القلب. يرى أنّ حياة الطاهي مدفوعة بالحب، لذا يجتهد في العمل لساعات من أجل إطعام الآخرين. ورغم ذلك، عليه إيجاد الوقت لإظهار أفضل ما لديه. أمام حكام البرنامج وضيوفهم، يتقدّم إلى الواجهة ما يتجاوز الفوز أو الخسارة؛ هو الإحساس الداخلي بالربح بطرق مختلفة.
تريح ملامح الشيف منى انكماش أعصاب المتنافسين الأربعة جراء تسارع الخفقان. تُطلعهم على التحدي الفاصل عن اللقب: «تحضير قائمة طعام تُعدّ الأهم في حياة كل شيف، بمفهوم جديد وبمستوى نهائيات (توب شيف)». ساعتان ونصف ساعة، فيسابق الأربعة الوقت. بعد 24 ساعة من التخطيط، يواجهون مصائرهم. أي خطأ لم يتداركوه سريعاً، أثمانه باهظة.
الجميع يرتكب الأخطاء، إنما القلة تُصحح في اللحظة المناسبة. «توب شيف - الموسم السادس» يعبُر أبعد من الطبق؛ فلذّته وحدها لا تمنح الطاهي جواز مرور إلى المطابخ الكبيرة. قدرة التونسي أيمن صمهود استبدال الخطة «ب» بالخطة «أ» خوّلت له مرتبة مُستَحقة. أذهل الحكام التسعة بالتعامل مع الضغط.
حضّر بيض «بارفيه» مع مستحلب القلقاس الرومي وكريمة البندق ورقائق القلقاس المقرمشة لطبق المقبلات؛ ولفافة سمكة الشعور مع طحالب النوري وجذر الكرفس وصلصة البرتقال للطبق الرئيسي. تحلّى الحكام بكريمة الشوكولاته المدخنة مع بسكويت بالشوكولاته ومثلجات التوت البرّي بمزيج رغوة الشوكولاته الساخنة. تهامسوا تعليقات من نوع «رفع مستوى التحدي»، و«أحببتُ أفكاره»، «إنها قائمة طعام مستندة إلى التقنيات».
في «توب شيف»، تعلّم توقُّع ما لا يُفترض أن يحدث. يخذله صفار البيض، فيردّ على الخذلان بما يجعله يتراجع ويُطأطئ رأسه. «هذا ما يجعله طاهياً ماهراً»، يُجمع الحكام أصحاب «ميشلان» على الموهبة.
وقف الشيف اللبناني عبد الله بكري على بُعد خطوة من الفوز. ما أبعده مصادفات قاسية أجاد الشيف التونسي التعامل معها «بأعصاب باردة»، بوصف الشيف مارون. تلك التي كرّست نضجه وأكدت احترافه. تتضاءل الثغرات في أطباقهما، ويكادان يكونان الرابحين، لكن الألقاب عادة ينالها فائز واحد.
ترفع الشيف منى حماسة المتنافسين، وهي تُذكّر بالسيف القاطع: الوقت. تهتف لمَن يتعثّر بأنّ التعثّر وارد، ولا بأس، فليكمل المحاولة. بدل الطبق، ثلاثة أطباق، ليستقيم التقويم ويعدل، وهو على مستويين: الشكل والنكهة، وما بينهما الأفكار الفريدة، تُظهر الأول كاميرا المخرج وسيم سكّر بجمالية خاصة. اختيار الشيف التونسي أسامة «السَّلَطة» من تراث بلده كطبق مقبلات، خفّض أسهمه. رآها الحكام سهلة، وإن صَنَعها بشكل آخر. رهانُ «توب شيف» على العقل الخلّاق، قوته. «هذا الطبق يمكن تقديمه في أحد مطاعمنا»، يقولها شيف عالمي للشيف التونسي، فيضيف جائزة إلى جوائزه.


مقالات ذات صلة

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

مذاقات الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

في مقطع فيديو ظهر السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش الذي يجيد ليس اللغة العربية فقط، بل اللهجة المحلية العراقية ظهر مع وزيرة الداخلية البريطانية...

حمزة مصطفى (بغداد)
مذاقات الشيف حسين حديد يوقّع أطباق المتحف (إنستغرام)

«بافيون كافيه»... ينبثق من متحف على المستوى الرفيع

مهما خطر على بالك من أفكار حول مطعم ينبثق من متحف وعلى المستوى الرفيع، فإن ما ستراه في «بافيون كافيه» سيفاجئك. أجواؤه الراقية مطعّمة بأنامل سيدات لبنانيات

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات دادان لفنون الطهي في العلا (الشرق الأوسط)

العُلا تفتتح مركز «دادان لفنون الطهي»

اكتسبت حركة «سلوفود» العالمية زخماً جديداً مع افتتاح مركز «دادان لفنون الطهي» في العلا، وهي خطوة مهمة تحتفي بأساليب الزراعة المستدامة وتقاليد الطهي المحلية.

«الشرق الأوسط» (العلا )
مذاقات الشيف المغربي فيصل بطيوي (الشرق الأوسط)

«تابل 3» في دار البيضاء يفوز بجائزة أفضل مطعم صاعد

نال مطعم «Table 3» في الدار البيضاء بالمغرب على جائزة One To Watch Award American Express التي تندرج تحت أفضل 50 مطعماً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات البروكلي (بكسيلز)

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

تتسع المساحة التي يحتلها البروكلي على مائدة الطعام المصرية يوماً بعد يوم فقد أصبح ضمن قائمة الخضراوات التي تجتذب كثيرين بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية

نادية عبد الحليم (القاهرة)

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
TT

المطبخ العراقي على لسان السفراء الأجانب

الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)
الطريقة التقليدية لطهي سمك المسكوف (أ.ف.ب)

في مقطع فيديو ظهر السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش الذي يجيد ليس اللغة العربية فقط، بل اللهجة المحلية العراقية ظهر مع وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر في شارع المتنبي وسط العاصمة العراقية بغداد. وشارع المتنبي الذي تعرض للتفجير عام 2006 أيام الحرب الأهلية في العراق أعيد بناؤه بمبادرة من الرئيس العراقي السابق برهم صالح أيام كان نائباً لرئيس الوزراء العراقي عام 2006 بحيث بدا في حلة جديدة تماماً، يجمع بين بيع الكتب وكل أنواع لوازم الثقافة والكتابة، بما في ذلك انتشار عدد من دور النشر والتوزيع فيه إلى انتشار المطاعم والكافيهات والمقاهي وأشهرها المقهى المعروف بمقهى «الشابندر». وهذا الشارع غالباً ما يكون من بين أحد محطات الزوار العرب والأجانب الذي يقومون بزيارات رسمية أو سياحية إلى العراق. ومع أن وسائل الإعلام العراقية تولي أهمية خاصة لهذا الشارع كل يوم جمعة، حيث يزدحم بالزوار والمتبضعين، وذلك للقيام بقصص إخبارية عنه بما في ذلك الفعاليات الثقافية والفنية التي تقام فيه، لكن ما يقوم به بعض السفراء الأجانب لدى العراق ومنهم السفير البريطاني يعد أمراً لافتاً جداً ولا ينافسه في ذلك سوى السفير الياباني الذي غالباً ما يرتدي في بعض المناسبات الشماغ، والعقال العراقي.

ومع كل ما يمكن أن تمثله مظاهر الحياة في العراق بوصفها مادة لوسائل الإعلام وبخاصة العربية والعالمية، لكن غالباً ما يكون المطبخ العراقي هو القاسم المشترك في علاقة السفراء الأجانب في العراق.

دولمة عراقية (أدوبي ستوك)

«لبلبي» في شارع المتنبي

وبالتزامن مع ظهور السفير الياباني لدى العراق فوتوشو ماتسوتو مؤخراً وهو يؤدي النشيد الوطني العراقي مرتدياً الشماغ العراقي كان السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتش يصطحب وزيرة الداخلية البريطانية إيفت كوبر التي كانت تقوم بزيارة إلى العراق في شارع المتنبي. الوزيرة البريطانية التي كانت تتجول مع السفير بكل حرية في هذا الشارع عبرت عن إعجابها بأكلة شعبية عراقية هي «اللبلبي» وهو الحمص المسلوق بالماء الحار مع إضافة بعض البهارات إليه، مما يعطيه نكهة خاصة. وبعد تناولها هذه الأكلة الشتوية في هذا الشارع العريق عبرت عن حبها لباقي الأكلات العراقية دون أن تشير إليها قبل أن يطلب منها السفير الدخول إلى أحد أشهر المقاهي البغدادية في شارع المتنبي وهو «مقهى الشابندر» لتناول الشاي العراقي المعروف بمذاقه الخاص. ومن الشاي إلى باقي الأكلات التي يشتهر بها المطبخ العراقي مثل أنواع الحلويات التي تشتهر بها بغداد ومحافظات إقليم كردستان، لا سيما ما يعرف بـ«المن والسلوى»، وهو من بين أشهر الحلويات التي كثيراً ما تكون مادة دسمة في التقارير الإخبارية التلفزيونية، فضلاً عن أنواع أخرى من الحلويات وتعرف بـ«الدهين»، التي تشتهر بها كل من مدينتي النجف وكربلاء، وغالباً ما تكون هذه الحلويات من بين أبرز ما يأتي الزوار لتناوله في هاتين المدينتين.

الكبة على الطريقة العراقية (أدوبي ستوك)

«دهين» جينين بلاسخارت

غير أن من أبرز زوار هاتين المدينتين من الزوار الأجانب ممن يترددون عليهما بكثرة للقاء كبار المراجع ورجال الدين هي السفيرة السابقة لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق «يونامي» جينين بلاسخارت التي انتهت مهمتها في العراق قبل شهور. ومع أن السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي انتهت مدتها في العراق مؤخراً فإنها عبرت عن حبها لنمط آخر من الأكلات العراقية وهي من صلب المطبخ العراقي وهما «الدولما والسمك المسكوف». الممثلة الأممية بلاسخارت كان يطلق عليه لقب «الحجية»، كونها كانت ترتدي أحياناً غطاء الرأس، خصوصاً عندما تلتقي بعض كبار رجال الدين في البلاد. وكونها كانت كثيرة التحرك والسفر بين المحافظات فمن بين المدن التي تتحرك فيها كثيراً مدينتا النجف وكربلاء، وهو ما جعلها شديدة الإعجاب بأكلة «الدهينة».

رومانسكي أعلنت أنها سوف تتذكر من بين ما تتذكره عن العراق أكلتي «السمك المسكوف» و«الدولما» وهما من أشهر أكلات المطبخ العراقي.