الحوثيون يخضعون 750 «عاقل حارة» في صنعاء لدورات طائفية

مسؤولو قرى في مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة اليمنية يتلقون أفكاراً طائفية (إعلام حوثي)
مسؤولو قرى في مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة اليمنية يتلقون أفكاراً طائفية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يخضعون 750 «عاقل حارة» في صنعاء لدورات طائفية

مسؤولو قرى في مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة اليمنية يتلقون أفكاراً طائفية (إعلام حوثي)
مسؤولو قرى في مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة اليمنية يتلقون أفكاراً طائفية (إعلام حوثي)

أخضعت الميليشيات الحوثية، قبل نحو أسبوع، مئات من مسؤولي الأحياء (عقال الحارات) في العاصمة المختطفة صنعاء لتلقي دورات فكرية وطائفية، تحت إشراف معمّمين مقرّبين من زعيمها، بعد أن جرى استقدام بعضهم من محافظة صعدة، حيث معقل الجماعة الرئيسي.
وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن «قادة الانقلاب في صنعاء أخضعوا على مدى 7 أيام نحو 250 شخصاً من مسؤولي الأحياء كمرحلة أولى لدورات طائفية في غرف مغلقة تحت الأرض منتشرة بمناطق متفرقة من العاصمة وضواحيها».
وأشارت المصادر إلى تعليمات أصدرها مطلع الشهر الحالي القياديان الحوثيان خالد المداني، المنتحل صفة وكيل أول العاصمة صنعاء، وقناف المروني، المعين وكيلا للعاصمة لشؤون الأحياء، وتضمنت إخضاع نحو 750 من مسؤولي الأحياء منتشرين في 10 مديريات لدورات فكرية تحت اسم «ورش تدريبية»، على ثلاث مراحل.
ووصف قرار الميليشيات بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة الحوثية، مع بدء العام الميلادي الجديد، من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، وضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع، مستغلة بذلك استمرار إحكام كامل سيطرتها على العاصمة صنعاء».
وأفاد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الميليشيات شرعت، منذ مطلع هذا الأسبوع، بتنفيذ ما سمته المرحلة الأولى من خلال إخضاع مسؤولي الأحياء للدورات في ثلاث مديريات هي معين، وبني الحارث، وشعوب، باعتبارها تتصدر قوائم مديريات العاصمة من حيث عدد الأحياء.
وألزمت الميليشيات بموجب التعليمات مسؤولي الأحياء ضرورة المشاركة في تلك الدورات، وهددت المتقاعسين عن الحضور بتعريض أنفسهم للمحاسبة والعقوبة وبإحلال آخرين من أتباعها مكانهم، بحسب تأكيد المصدر.
في السياق نفسه كشف مسؤول حارة مشارك بدورة تطييف حوثية لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود استياء كبير في صفوف مسؤولي الأحياء الذين تم إخضاعهم من قبل الجماعة للمشاركة في دورات فكرية.
وقال المسؤول الذي طلب حجب اسمه خشية تعرضه لبطش الميليشيات: «كنت أتوقع لحظة دعوتي للمشاركة فيما تسمى ورشة تدريبية أن أتلقى التدريب على أمور من شأنها خدمة سكان حارتي، والاستماع إلينا فيما يخص معاناتنا وأوجاعنا التي نكابدها، لكنني، وللأسف الشديد، تفاجأت مع غيري أن الدورة خُصصت منذ بدء انطلاقها للاستماع إلى محاضرات وخطب زعيم الميليشيات».
وأضاف: «تم تلقيننا، كأطفال في هذه الدورات، كل الأفكار المستقاة من مَلازم مؤسس الجماعة حسين الحوثي، كما ركز معممو الجماعة المؤدلجون على تعبئة المشاركين تعبئة فكرية تحرض على العنف والحشد للقتال».
ويأتي ذلك السلوك الحوثي امتداداً لدورات سابقة أجبرت فيها الجماعة مسؤولي وموظفي المؤسسات في صنعاء وبقية مدن سيطرتها على المشاركة في دورات التطييف، حيث أقامت مؤخرا دورة خاصة، استهدفت وزراء حكومتها الانقلابية عبر تلقينهم أفكاراً ودروساً تركّز على مصادرة الممتلكات العامة والخاصة.
وسبق للجماعة، الموالية لإيران وضمن إرغامها بقوة التهديد والسلاح لليمنيين بمناطق سيطرتها على التماهي مع مشروعها الطائفي، أن استهدفت المئات من الموظفين والمسؤولين المحليين.
وكانت الجماعة أقدمت في منتصف 2018 على اتخاذ سلسلة قرارات بإقالة العشرات من مسؤولي الأحياء في العاصمة صنعاء، لجهة رفضهم العمل لصالحها جواسيس وعدم مساندتهم جهود التحشيد والاستقطاب لأبناء السكان وشباب الحارات من أجل حضور الدورات الطائفية والالتحاق بمعسكرات التجنيد.
وأكد عدد من مسؤولي الحارات في صنعاء ممن شملهم حينها قرار الإقالة، لـ«الشرق الأوسط» أنهم تعرضوا لضغوط كبيرة من قبل الجماعة، شملت الترغيب في منح المناصب والرتب العسكرية والأسلحة، والترهيب بالحبس والاختطاف وتلفيق التهم بالعمالة والخيانة.
ويقول أحد مسؤولي الأحياء ممن ما يزال في موقعه لـ«الشرق الأوسط» «نحن مضطرون إلى التعاون مع مشرفي الميليشيات في الأحياء، من أجل الدفاع عن أبناء أحيائنا والتوسط لهم في حالة تعرضهم للتعسف».
وتفيد مصادر حقوقية في صنعاء بأن معظم السكان من موظفين ومسؤولين وأكاديميين وبرلمانيين ومسؤولي أحياء وحارات وأدباء وكتاب ومثقفين وغيرهم، في مناطق سيطرة الميليشيات، ضاقوا ذرعاً من ممارساتها، وسعيها المتكرر لإجبارهم على الانخراط في مشروعها والمشاركة قسرا في دوراتها الفكرية.
ويتعرّض السكان القابعون بمناطق سيطرة الجماعة الانقلابية لكثير من الانتهاكات والتعسفات والمضايقات اليومية المستمرة، إضافة إلى تعرضهم لاتهامات مباشرة نتيجة امتناعهم عن حضور الدورات الفكرية التي تعدّها الجماعة إلزامية على الجميع.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.