ما هو «تشات جي بي تي» الذي وصفه ماسك بأنه «وداعاً للواجب المنزلي»؟

أثار قلق المعلمين

رسم توضيحي للإشارة إلى التقارب بين الإنسان والروبوت (رويترز)
رسم توضيحي للإشارة إلى التقارب بين الإنسان والروبوت (رويترز)
TT

ما هو «تشات جي بي تي» الذي وصفه ماسك بأنه «وداعاً للواجب المنزلي»؟

رسم توضيحي للإشارة إلى التقارب بين الإنسان والروبوت (رويترز)
رسم توضيحي للإشارة إلى التقارب بين الإنسان والروبوت (رويترز)

أثارت خدمة «تشات جي بي تي» المجانية عبر الإنترنت قلق المعلمين؛ فالخدمة عبارة عن روبوت دردشة يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي يقوم بالإجابة عن أسئلة المستخدمين، وله القدرة على كتابة المقالات، ولا يمكن اكتشافه بواسطة برامج مكافحة الانتحال.
وعلّق إيلون ماسك عن انتهاء عصر الواجب المنزلي في الوقت ذاته الذي تحاول فيه مدارس نيويورك تضييق الخناق على التلاميذ، لمنعهم من استخدام روبوت محادثة الذكاء الاصطناعي للغش، حسبما أفادت به صحيفة «تليغراف».
وكتب الملياردير التكنولوجي، الذي كان من أوائل المستثمرين في شركة «تشات جي بي تي» على «تويتر»: «وداعاً الواجب المنزلي... إنه عالم جديد».
وتقنية «تشات جي بي تي» طوّرتها شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي «أوبن أيه آي» بمدينة سان فرانسيسكو، الشركة التي يديرها سام أولتمان، ومن بين داعميها شركة «مايكروسوفت»، وقطب التكنولوجيا ماسك، وهي عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب عمّا يُطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طُرح عليه من أسئلة خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين. كما يسمح للمستخدم بالتصحيح له إذا أخطأ، فيعتذر الروبوت عن تلك الأخطاء.
وقد دربت الشركة ذلك النموذج، باستخدام كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر العامة، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، بحيث يستطيع الروبوت أن يُنتج نصوصاً أشبه بالنصوص البشرية، من خلال تعلُّم خوارزميات تقوم بتحليل عدد هائل من البيانات، ويعمل بصورة تشبه الدماغ البشري، حسبما أفادت به «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي).
ويمكن لأي شخص التسجيل للحصول على حساب مستخدم.
قالت إدارة التعليم في مدينة نيويورك هذا الأسبوع إنه تم منع الطلاب والمعلمين من الوصول إلى برنامج الدردشة الآلي على أجهزة الدولة أو شبكات الإنترنت. وأشارت إلى «الآثار السلبية على تعلم الطلاب، والمخاوف المتعلقة بسلامة المحتوى ومضمونه».
قال متحدث باسم الإدارة التعليمية: «في حين أن الأداة قد تكون قادرة على تقديم إجابات سريعة وسهلة عن الأسئلة، إلا أنها لا تبني مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، التي تُعتبر ضرورية للنجاح الأكاديمي».
ستشكل هذه الخطوة تحدياً للمدارس والحكومات، في جميع أنحاء العالم، التي تفكر في كيفية الاستجابة للتكنولوجيا الجديدة التي تغير قواعد اللعبة.



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.