«المراجعات»... هل تكون رهان «إخوان لندن» لكسب صراع القيادة؟

وسط تأزم مع «جبهة إسطنبول» لحلحلة خلافات منصب نائب المرشد

محمد بديع المحكوم عليه بالإعدام والسجن المشدد في مصر (أ.ب)
محمد بديع المحكوم عليه بالإعدام والسجن المشدد في مصر (أ.ب)
TT

«المراجعات»... هل تكون رهان «إخوان لندن» لكسب صراع القيادة؟

محمد بديع المحكوم عليه بالإعدام والسجن المشدد في مصر (أ.ب)
محمد بديع المحكوم عليه بالإعدام والسجن المشدد في مصر (أ.ب)

أثارت الطبعة الجديدة لكتاب «في ظلال القرآن» المعروف بـ«الظلال» لسيد قطب (مُنظر الإخوان) تساؤلات داخل الأوساط السياسية والأصولية بشأن اعتبارها «بداية مراجعات» من قبل «مجموعة الإخوان في لندن» لكسب صراع القيادة والنفوذ على التنظيم.
وبينما لم يستبعد مراقبون أن يكون «هذا التحرك الإخواني بشأن أفكار سيد قطب من قبل (المراجعات)»؛ إلا أن باحثين في الإرهاب والشأن الأصولي أشاروا إلى أن «(جبهة لندن) تحاول دعم أي مراجعات ضد (مسار العنف)، ويمكن اعتبار ما يحدث (أي الطبعة الجديدة لقطب) جزءاً من خطة (مشروع الإسلام السياسي الجديد) للتنظيم، التي تولاها إبراهيم منير في وقت سابق؛ لكنها لم تصل إلى درجة (المراجعات) التي من المرشح أن تظهر ملامحها في المستقبل».
يأتي هذا الحراك الإخواني، وسط تأزم الصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» بسبب خلافات منصب «نائب المرشد» (القائم بالأعمال) خلفاً لإبراهيم منير؛ بعد تعيين «جبهة لندن» لمحيي الدين الزايط في المنصب بشكل «مؤقت»، وتعيين «جبهة إسطنبول» لمحمود حسين في المنصب ذاته.
ويشير الباحث المصري في الشأن الأصولي، أحمد زغلول، إلى أن «(جبهة لندن) تحاول دعم أي (مراجعات) ضد (مسار العنف) على مدار السنوات الماضية، حيث تحاول أن تُقدم التنظيم على أنه ضد (العنف)». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «(مشروع) الطبعة الجديدة من (الظلال)، وفكرة (المراجعات) سوف تستفيد منها بعض الفصائل داخل التنظيم في وقت من الأوقاف»، لافتاً إلى أن «(جبهة لندن) قد تستغل هذا، من أجل مصالحها»، مؤكداً أنه «لأول مرة منذ خمسينات القرن الماضي، يتم إصدار طبعة جديدة من (الظلال)، وتوقيت الإعلان عنه الآن له دلائل كثيرة، خاصة أنه يُقدم إعادة لأفكار قطب بعيداً عن (التكفير)».
ولم يستبعد زغلول أن «يُبنى على ذلك فكرة (المراجعات) أو فكرة إعادة النظر في أفكار (التكفير والعنف) الموجودة في بعض كُتب (الإخوان)، والعمل على تجاوز هذه الأسباب لعدم تكرارها في المستقبل».
من جهته، لا يرى الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، أن «الطبعة الجديدة من (الظلال) هي (مراجعات) من قبل (جبهة لندن)»، لكنه ذكر أنه «يمكن اعتبارها جزءاً من خطة (مشروع الإسلام السياسي الجديد) أو (إعادة طرح الإخوان)، الذي كان يولى الإشراف عليه من قبل، إبراهيم منير، ويهدف إلى إعادة تقديم التنظيم في ثوب أقل (تشدداً) من الناحية الآيديولوجية والسياسية». وشرح أنه «من الناحية السياسية، سبق وأعلنها منير من قبل أن التنظيم لا ينافس على السلطة، أما الناحية الآيديولوجية عبر تقديم رؤية أقل (تشدداً) لأفكار سيد قطب».
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أصدرت «جبهة لندن» وثيقة سياسية أعلنت فيها «تجاوز الصراع على السلطة بمصر، والانسحاب من أي معارك عليها». فيما لوحت «جبهة لندن» بـ«الابتعاد عن العمل السياسي». وأشارت الوثيقة إلى أن لديها أولويات سياسية تتمثل في «إنهاء ملف السجناء، وتحقيق المصالحة المجتمعية». وقبل ذلك تحدثت مصادر مطلعة عن أن «مجلس (شورى لندن) قرر تشكيل مجموعة مُصغرة من (الإخوان) وبعض المتحالفين معهم، للتواصل مع السلطات المصرية وطلب المصالحة، في مقابل تجميد النشاط السياسي للتنظيم داخل مصر نهائياً». وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، قال إبراهيم منير: «لن نخوض صراعاً جديداً على السلطة بمصر».
ويقبع معظم قيادات «الإخوان» داخل السجون المصرية في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف وقتل» اندلعت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو عام 2013 عقب احتجاجات شعبية... وصدر بحق مرشد التنظيم محمد بديع وقيادات «الإخوان» أحكام بـ«الإعدام» و«السجن (المؤبد) و(المشدد)».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015 شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لتنظيم الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً»... وتنظيم (الإخوان) مستبعد من الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السيسي قبل أشهر. وقال السيسي مطلع يوليو الماضي، إن «الحوار الوطني للجميع باستثناء فصيل واحد فقط».
ووفق سلطان فإن «ما يقوم به (الإخوان) الآن هو نوع من (المراوغة)، لأنه في الوقت الذي يتم تقديم طبعة جديدة من (الظلال)، جميع مناهج التربية في التنظيم ما زالت مُستقاة من كتابات سيد قطب ومن بعض الأفكار التراثية»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي يُقدم التنظيم خطاباً أنه (ابتعد عن العنف)، يتم تربية الشباب داخل التنظيم على أفكار قطب، لأن التنظيم يعي جيداً أن إسقاط (رمزية) قطب، معناها إسقاط (الإخوان) وجميع القيادات، خاصة أن جميع قيادات الجبهات المتصارعة على قيادة التنظيم وقيادات السجون من التيار القطبي»، لافتاً أن «ما تقوم به (مجموعة لندن) يهدف إلى الاستحواذ على قيادة التنظيم وكسب المعركة على حساب (جبهة إسطنبول)».
وكانت «مجموعة إسطنبول» قد أشارت إلى أن ما قدمه عصام تليمة، الذي شغل منصب مدير مكتب يوسف القرضاوي (الذي يوصف بالأب الروحي لـ«الإخوان») في الطبعة الجديدة من «الظلال»، هي «محاولة للتنصل من أفكار قطب»، لكن تليمة رد بقوله إن «قطب واحد من هؤلاء الذين مر فكرهم بمراحل، لذا يثور الجدل كثيراً حول فكره، خاصة في مسائل (الجاهلية) و(التكفير)». وأضاف: «تقرر نشر الطبعة لتتحول (دفة) الحديث البحثي في اتجاه جديد يتناول مرحلة قطب الفكرية الأخيرة».
وهنا يرى سلطان أن «تليمة حرص على تقديم طبعة أقل (راديكالية) حول فكر (الإخوان)، وهذه الطبعة الجديدة عليها خلافات داخل (مجموعة إسطنبول) وبعض من (مجموعة لندن)».



المدير التنفيذي لـ«سيسكو السعودية»: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو السعودية»: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو سيستمز» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو سيستمز» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.