تشير الأبحاث الجديدة التي أجرتها مجلة «لانسيت» الطبية لتقييم مدى طبيعية اختبارات الدم المرتفعة (الصوديوم) كمؤشر محتمل للشيخوخة البيولوجية المتسارعة والحالات الصحية المزمنة والوفاة المبكرة لدى الأفراد في منتصف العمر، إلى أن الجفاف يمكن أن يساهم في إنهاء حياتك في وقت مبكر.
وتشمل الحالات المزمنة الشائعة التي ارتبطت تاريخياً بالشيخوخة أمراض القلب والسكري والسرطان وارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام والخرف ومرض ألزهايمر. ومع ذلك، فإن التقدم في السن ليس بالضرورة الشرط الوحيد لتطوير هذه الظروف الصحية؛ فهناك العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تزيد من مخاطر ظهورها أيضًا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC). حيث يمكن أن يزداد خطر الإصابة بهذه الحالات الطبية بناءً على عوامل مثل الاستهلاك المفرط للكحول وتعاطي التبغ وقلة الحركة البدنية وسوء التغذية. كذلك، فإن الحصول على فهم أفضل لكيفية تأثير عاداتنا وما نستهلكه على صحتنا من المحتمل أن يؤدي إلى إطالة أو تقصير عمرنا ويعد خطوة رائعة نحو الرعاية الذاتية الاستباقية التي يمكن أن تؤدي إلى عيش حياة صحية، وذلك وفق ما نشر موقع «eat this not that» الطبي المتخصص.
ما كشفته الدراسة عن العلاقة بين الجفاف والشيخوخة
في الدراسة الجديدة التي نشرتها المجلة أراد الباحثون اختبار الفرضية القائلة بأن البقاء رطبًا قد يردع ويبطئ عملية الشيخوخة. فعلى الرغم من أن هذا البحث كان مدفوعًا جزئيًا بدراسات سابقة على القوارض التي لاحظت وجود روابط بين تقييد المياه والعمر الأقصر، فقد تم إجراء هذا البحث بالذات مع مشاركين بالغين من البشر تتراوح أعمارهم بين 45 و 66 عامًا.
ولفهم نتائج الباحثين بشكل أفضل حول العلاقة بين الترطيب والشيخوخة، يجب علينا أولاً أن ننظر في طرقهم لقياس ترطيب الشخص. وقد تم استخدام اختبار الصوديوم في الدم لتحديد ترطيب الجسم؛ وهي طريقة لمعرفة كمية الصوديوم في دم الشخص.
ونظرًا لأن الصوديوم عبارة عن إلكتروليت يمكن أن يساعد في موازنة سوائل الجسم، فإن هذا الاختبار هو طريقة شائعة لمعرفة ما إذا كان الشخص يعاني من الجفاف.
ووفقًا لـ«مايو كلينك»، يتراوح مستوى الصوديوم الطبيعي في دم الشخص بين 135-145 ملي مكافئ (أو مليمول) لكل لتر.
ومن المثير للاهتمام، أنه على الرغم من أن هذا يُعرف بالمعدل الطبيعي لمستويات الصوديوم في الدم، فقد وجدت الدراسة أن مستويات الصوديوم البالغة 142 مليمول لكل لتر أو أكثر ارتبطت بزيادة بنسبة 39 % بخطر الإصابة بأمراض مزمنة، ومستويات أعلى من 144 مليمول لكل لتر ارتبطت بزيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة 21 %. كما لاحظ الباحثون أن هذه النتائج تعني أن أولئك الذين لديهم مستويات صوديوم مصل 142 مليمول / لتر أو أعلى لديهم فرصة أكبر للوفاة في سن أصغر أو الإصابة بمرض مزمن. وبعبارة أخرى، قد يؤدي التعرض للجفاف المزمن إلى تقصير العمر الافتراضي.
ماذا يعني هذا لحياتك اليومية؟
توضح النتائج التي توصلت إليها «لانسيت» أن الحفاظ على الترطيب أمر بالغ الأهمية لصحة الشيخوخة ورفاهيتك بشكل عام، كما أن الجفاف المستمر يمكن أن يقصر حياتك. في حين أن الترطيب لا يكفي وحده لضمان حياة صحية، إلا أنه رائع وسهل نسبيًا للبدء.
وما لم يطلب منك طبيبك إجراء اختبار الصوديوم في الدم، فمن الصعب أن تعرف بالضبط مدى رطوبتك. علاوة على ذلك، لا توجد قواعد أو إرشادات صارمة تحدد بوضوح كمية الماء الموصى بشربها كل يوم.
وفي ذلك يقول مركز السيطرة على الأمراض (CDC) إنه لا توجد توصية بشأن كمية الماء العادي التي يجب أن يشربها شخص ما، ولكن يجب أن يحصل الجميع على السوائل من خلال الأطعمة والمشروبات، بينما يوصي خبراء آخرون بشرب ما لا يقل عن ستة إلى ثمانية أكواب من الماء يوميًا. في الوقت نفسه، توصي الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بـ15.5 كوب من السوائل يوميًا للرجال و 11.5 كوب يوميًا للنساء.
وأن أفضل حل للحفاظ على الترطيب اليومي الأمثل هو شرب الكثير من الماء والسوائل باستمرار على مدار اليوم، خاصةً إذا كنت نشيطًا بانتظام.
ومع ذلك، إذا كنت لا تزال قلقًا بشأن قدرتك على الحفاظ على الترطيب طوال اليوم وتشك في أن جسمك يعمل أثناء الجفاف في كثير من الأحيان، فتحدث إلى طبيبك حول العلاج الفعال.