«تريو الرياض» يستقبل 2023 محملاً بوعود المستقبل وآماله

جورج وسّوف مفاجأة الأمسية

ختام حفل «تريو عرب نايت» جمع كل الفنانين المشاركين بالحفل (موسم الرياض)
ختام حفل «تريو عرب نايت» جمع كل الفنانين المشاركين بالحفل (موسم الرياض)
TT

«تريو الرياض» يستقبل 2023 محملاً بوعود المستقبل وآماله

ختام حفل «تريو عرب نايت» جمع كل الفنانين المشاركين بالحفل (موسم الرياض)
ختام حفل «تريو عرب نايت» جمع كل الفنانين المشاركين بالحفل (موسم الرياض)

ليلة استثنائية شهدتها العاصمة السعودية الرياض، وجمهور مسرح «محمد عبده أرينا» على مشارف العام الجديد 2023، حين تزيّن بأصوات 13 فناناً وفنانة شاركوا في صناعة لوحة غنائية بديعة، كانت بمثابة استقبال سخيّ بالجمال لعام جديد واعد ومحمّل بالآمال والأحلام.
شارك في إحياء ليلة «تريو عرب نايت» ضمن فعاليات «موسم الرياض الثالث» كل من: نجوى كرم، وعاصي الحلاني، ووائل كفوري، وصابر الرباعي، ونانسي عجرم، ونوال الزغبي، ولطيفة التونسية، وأصالة نصري، وبهاء سلطان، وأنغام، وإليسا، ووليد توفيق، بغناء ثنائيات مبتكرة، وتريوهات ثلاثية تُغنى بأصواتهم مجتمعة للمرة الأولى، في الحدث الفني الأضخم، الذي استمر حتى ساعات الصباح الأولى من فجر أمس (الأحد).

الفنان جورج وسّوف مفاجأة الحفل (موسم الرياض)

وعاشت الرياض الساعات الأولى من السنة الجديدة تحت أضواء الألعاب النارية التي أضاءت أرجاء المدينة ومن مواقع مختلفة، على وقع العدّ التنازلي الذي أومض تتابعاً على شاشة مسرح «محمد عبده أرينا»، فيما اصطف الفنانون للغناء بمعيّة جمهور الأمسية الاستثنائية، استبشاراً بقدوم العام الجديد وفأل خير بأيامه المقبلة.
وراقب رواد «بوليفارد رياض سيتي»؛ إحدى مناطق «موسم الرياض» الترفيهي، التي احتضنت مسرح الحفل والحضور من خلف الشاشات، العد التنازلي للسنة الجديدة بالتزامن مع مدن العالم، وانطلاق الألعاب النارية إيذاناً بدخول العام الجديد، قبل أن تستمر الوصلات الغنائية، وتتتابع الإطلالات الفنية بين ثنائيات وثلاثيات متنوعة.

«تريو» وليد توفيق وعاصي الحلاني وبهاء سلطان (موسم الرياض)

وقاد 3 مايستروهات الحفل إلى برّ الإبداع الكامل، واستمتع الجمهور؛ الذي بلغ الآلاف وملأ المدرجات، وملايين المشاهدين من خلف الشاشات، بأداء الفنانين، وإتقان كل من أمير عبد المجيد وهاني فرحات ومدحت خميس، في إدارة الوصلات والفرق الموسيقية المشاركة، ببراعة كاملة.

وكان وصول الفنان جورج وسّوف إلى الحفل للمشاركة من أهم مفاجآته، في حين أن اسمه لم يكن مدرجاً على قائمة الفنانين المشاركين فيه، وغنى أغنيته الشهيرة «لو نويت» تريو مع نانسي عجرم ولطيفة. ومع الفنانة اللبنانية نوال الزغبي والفنان التونسي صابر الرباعي، غني وسوف أغنيته «كلام الناس».
وجود وسّوف ألهب حماس الجمهور، وزاد من وتيرة جمال الأمسية ووهجها، وقد عبّر عن سروره بمشاركته اللحظات الأولى من بدء العام الجديد من الرياض، وتمنى للجميع عاماً سعيداً، وتغنى بإحدى روائع عبد الحليم حافظ، وعدد آخر من الأغنيات التي شاركه فيها عدد من نجوم الأمسية.

نجوى كرم وعاصي الحلاني (موسم الرياض)

ونشرت تقارير قصيرة ألقت الضوء على جوانب من تاريخ الغناء العربي ورموز الفن فيه، من الذين رسموا خريطة المشهد الفني وبنوا الوعي الموسيقي العربي، بفضل جهود وعطاء رموز وأسماء؛ بعضهم رحل في حين بقي أثرهم الفني مشعاً، وكانت الليلة العربية الاستثنائية التي احتضنتها العاصمة السعودية على رأس العام الجديد، رسالة امتنان وعرفان لذلك التأثير العميق في وجدان الجماهير... ومن بينهم المايسترو الراحل طارق عاكف، والفنان الراحل وديع الصافي.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1609827099149479936
وانفرد الفنان اللبناني وليد توفيق بالغناء للسعودية، وذلك استجابة لطلب تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه، فغنّى «يا السعودية يا حبي أنا» التي لحّنها توفيق لـ«صوت الأرض» طلال مداح، وتفاعل الجمهور مع أدائه، وبادلوه تحية الحب ولمسة الوفاء، وفي ثنايا غنائه حكى قصته الخاصة مع السعودية، متحدّثاً عن فضلها على تاريخ الفن العربي ورموزه، ودورها في إذكاء الحركة الفنية وتطوير المنافسة، قائلاً إن للسعودية، بشعبها وقيادتها وترابها، مكانة خاصة من الحب لديه ولدى كل الفنانين العرب، بفضل ما قدمته في مسيرتهم الفنية وطريقهم نحو النجومية.

«تريو» جمع أصالة ونجوى كرم وصابر الرباعي (موسم الرياض)

وفي ختام حفل «تريو عرب نايت»؛ الذي لن يُنسى من ذاكرة كل من شاهده وتابع تفاصيله، اصطف 13 فناناً وفنانة لتقديم عرض غنائي غير عادي، صحبته عروض الضوء على خشبة المسرح، وسط تفاعل الجمهور، وراح الجميع يغنون «عندك بحرية»، فيما كانت صورة صاحب الأغنية التاريخية وديع الصافي تضيء شاشات المسرح، واللحن الذي نحته الموسيقار العربي الشهير محمد عبد الوهاب يعبق في الأرجاء ويبث الحياة في المكان، في لوحة فنية تقديرية لجهود وعطاءات من أغنى تجربة الفن العربي وأثرى روح الأغنية وذائقة الناس. كما رقص الفنانون رقصة الدبكة اللبنانية الشهيرة، ودقوا الطبول على المسرح معاً، في أجواء مليئة بالسعادة.

هكذا استقبل مسرح «محمد عبده أرينا» العام الجديد (موسم الرياض)
 



تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».