يترقب المتابعون للمشهد داخل تنظيم «الإخوان» الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً»، تحركات الجبهات الثلاث المتصارعة على قيادة التنظيم، ما بين خلافات داخل «جبهة لندن» حول منصب القائم بأعمال مرشد «الإخوان»، وطموحات «مجموعة إسطنبول» بقيادة محمود حسين للتوسع، وسعي تيار الشباب للحصول على أي مكاسب داخل التنظيم. يأتي هذا في ظل وجود قائمين بأعمال مرشد «الإخوان»، ومساعي من «جبهة إسطنبول» لتدشين «هيئة استشارية».
وما زال الصراع بين جبهتي «إسطنبول» و«لندن» متفاقماً بسبب تعيين اثنين في منصب القائم بأعمال مرشد «الإخوان» خلفاً لإبراهيم منير؛ هما محيي الدين الزايط في «لندن»، ومحمود حسين في «إسطنبول».
الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي أحمد زغلول، لمح إلى «تزايد طموحات محمود حسين في السيطرة على تنظيم (الإخوان)، والقضاء على الكيانات الأخرى، ومساعي (مجموعة إسطنبول) لتصدر المشهد داخل التنظيم، من دون قوى مناوئة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلافات سوف تتعمق داخل التنظيم ما دام لا يوجد مشروع سياسي، و ما دام المصالح الشخصية هي التي تتحكم في التنظيم، وكل تيار من التيارات المتصارعة يحاول أن يحافظ على مكتسباته».
ووفق زغلول فإن «محمود حسين يحاول أن يخلق كياناً موازياً لقيادته، عبر تشكيل هيئة استشارية يتحرك فيها كمجموعة وليس كفرد، ليثبت للجميع، أن هناك كياناً له ولمجموعته»، لافتاً إلى أن «إبراهيم منير قام من قبل بعمل مماثل لكن أقل حدة».
وأعلن محمود حسين، الذي يقود «جبهة الإخوان في إسطنبول» خلال حوار أجراه أخيراً مع قناة «وطن» الموالية للتنظيم، أنه «سوف ينشئ كياناً جديداً وهي هيئة استشارية لـ(الإخوان)، وهي ليست بديلاً -حسب قوله- عن مكتب (الإرشاد في إسطنبول)».
ويرى الباحث المصري المتخصص في الشأن الأصولي، أن «الزايط الذي يقود جبهة لندن بشكل مؤقت ليس بثقل محمود حسين في جبهة إسطنبول». ودلل على ذلك أنه إلى الآن «لم يحسم الزايط الاختيار حول منصب القائم بالأعمال داخل جبهته»، لافتاً إلى أن «(جبهة لندن) ترى أنها إذا لم تحقق مكاسب، لا تريد أن تخسر لحساب (مجموعة إسطنبول)»، موضحاً أن «هناك خلافات على الترشيحات داخل (مجموعة لندن)، ولا يوجد قول حاسم بشأن المرشحين المحتملين لخلافة إبراهيم منير، بسبب أن منير لم يترك قيادة لها ثقل تنظيمي طوال السنوات الماضية تصلح لخلافته». ولفت إلى أن «شباب التنظيم لديهم طموحات؛ لكن ليس لديهم ثقل داخل (الإخوان)». وأشار إلى أن «الانقسام بين (الإخوان) الآن هو حالة من الارتباك بشكل كبير، فهناك أزمة جيل في التنظيم، واختفى تماماً ما كان موجوداً داخل التنظيم بأن (جيل يسلم جيل)».
وكانت «جبهة إسطنبول» قد ألمحت إلى «فشل المفاوضات مع (جبهة لندن)، بشأن منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم، وفشل التوافق حول شخصية بارزة في الجبهتين، تقود التنظيم في المرحلة المقبلة». «جبهة إسطنبول» اتهمت «مجموعة لندن» أيضاً بـ«محاولات تمزيق (الإخوان) وتشكيل (كيانات موازية غير شرعية)، وفرض أشخاص (في إشارة لاختيارات مجموعة لندن) على رأس التنظيم بالمخالفة الصريحة للنظم واللوائح».
وانتهت المهلة التي حدّدها الزايط لاختيار قائم بأعمال المرشد بشكل دائم خلفاً لمنير. وكان الزايط قد أكد منذ وفاة منير، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن «(جبهة لندن) سوف تعلن خلال أقل من شهر جميع الأمور الإدارية الجديدة».
وهنا يشير زغلول إلى أن «الأسماء التي تتردد داخل (مجموعة لندن) سواء صلاح عبد الحق، أو حلمي الجزار، أو محمد البحيري، أو محمود الإبياري، أو الزايط، ترتبط بمجموعات داخل الجبهة، فضلاً عن وجود قيادات لا يمكن إغفالها داخل دائرة الاختيارات وهي تقيم خارج لندن».
ودعا محمود حسين، في أول ظهور إعلامي له بعد تنصيبه من «جبهة إسطنبول» كـ«قائم بأعمال المرشد»، عناصر «الإخوان» إلى «الاستمرار في العمل تحت قيادته، لامتلاكه (الشرعية) التنظيمية واللائحية كونه عضواً بمكتب (إرشاد التنظيم) ويحق له بناءً على المادة الخامسة من اللائحة أن يكون القائم بالأعمال». واتهم «مجموعة لندن» حينها بـ«التسبب في أزمات التنظيم». إلا أن «(جبهة لندن) لم يصدر عنها أي تعليق حول تحركات (مجموعة إسطنبول) الأخيرة، ولم تعلن حتى الآن عمن سيشغل منصب القائم بأعمال المرشد بشكل دائم»، وفق مراقبين.
إلى ذلك يحاول «شباب الإخوان في الخارج» البحث عن مكان ونفوذ، تزامناً مع استمرار صراع «قيادات الخارج» على قيادة التنظيم. وحسب المراقبين فإن «معظم شباب التنظيم في الخارج اضطروا إلى الانضمام لـ(تيار الكماليين)، الجبهة الثالثة المتصارعة على قيادة التنظيم، ويرون ضرورة (التمرد) على أوضاع التنظيم الحالية؛ حيث يرى هؤلاء الشباب أن قيادات (لندن) و(إسطنبول) خرجت عن خط التنظيم الذي رسمه حسن البنا (مؤسس الإخوان)، وسيد قطب (مُنظر التنظيم)، وأنه لا بد للتنظيم أن يأخذ مساراً بعيداً عن هذه القيادات».
عودة إلى أحمد زغلول الذي يرى أن «2023 سوف يكون عام (صراع هياكل داخل تنظيم الإخوان)، وستحاول كل جبهة من الجبهات المتصارعة، التوسع إعلامياً لتصدر المشهد داخل التنظيم، إلى أن يحدث أي تغير مركزي لـ(الإخوان) سواء في الداخل المصري أو في الخارج».
«إخوان مصر» بين خلافات «جبهة لندن» وطموحات «مجموعة إسطنبول»
قائمان بأعمال المرشد... وتيار شبابي يُصارع... و«هيئة استشارية» جديدة
«إخوان مصر» بين خلافات «جبهة لندن» وطموحات «مجموعة إسطنبول»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة