قلق أوروبي من ارتفاع منسوب التوتر بين صربيا وكوسوفو

موسكو تدعم بلغراد: لدينا علاقات تاريخية وروحية

الرئيس الصربي وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يتحدثان للصحافيين بعد لقائهما أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الصربي وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يتحدثان للصحافيين بعد لقائهما أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

قلق أوروبي من ارتفاع منسوب التوتر بين صربيا وكوسوفو

الرئيس الصربي وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يتحدثان للصحافيين بعد لقائهما أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الصربي وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية يتحدثان للصحافيين بعد لقائهما أول من أمس (إ.ب.أ)

يتابع الاتحاد الأوروبي بقلق كبير ارتفاع منسوب التوتر بين صربيا وكوسوفو، والذي بلغ ذروته بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيش وضع القوات المسلحة في حالة التأهب القصوى، وإرساله قائد هيئة الأركان ميلان موجزيلوفيتش إلى المنطقة المحاذية لكوسوفو التي كانت قد شهدت في الأيام الأخيرة سلسلة من أعمال العنف وقطع الطرقات وإطلاق عيارات نارية. وبعد ساعات من إعلان هذا القرار، قامت مجموعات من الأقلية الصربية التي تعيش في مدينة ميتروفيكا الواقعة شرق كوسوفو، برفع الحواجز وقطع الطرقات والشوارع المؤدية إلى الأحياء الصربية فيها.
وتفيد المعلومات الواردة إلى خلية الأزمة التي شكلها الاتحاد الأوروبي لمتابعة تطورات هذه الأزمة، بأن شرطة كوسوفو غير قادرة على دخول المناطق التي تعيش فيها أكثرية صربية، بعد قطع الطرقات المؤدية إليها، وأنها قد تقوم بعملية اقتحام لدخولها يخشى أن تتطور إلى مواجهة مسلحة واسعة بعد انتشار القوات الصربية في المناطق الحدودية المحاذية لكوسوفو، خاصةً أن واشنطن وموسكو تراقبان الوضع عن كثب، حيث إن كوسوفو كانت قد أعلنت استقلالها بدعم أميركي ورعاية أطلسية، فيما روسيا هي الحليف التاريخي لصربيا.
ويعود هذا التصعيد في التوتر الذي لم يهدأ بين البلدين منذ مطالع العام الفائت، إلى تبادل إطلاق النار الذي وقع يوم الأحد الماضي في بلدة زوبين بوتوك شمال كوسوفو، حيث تقوم الأقلية الصربية بقطع الطرقات منذ العاشر من هذا الشهر احتجاجاً على اعتقال الأجهزة الأمنية في كوسوفو أحد أفراد الشرطة الصربية، ما أدى إلى شل حركة العبور على الحدود بين البلدين. وتقوم بعثة الحلف الأطلسي التي تتولى قيادة القوات الدولية في كوسوفو بالتحقيق في تلك الأحداث التي لم تسفر عن وقوع أي خسائر بشرية أو مادية وفقاً لما جاء في بيان البعثة بعد المرحلة الأولى من التحقيقات التي لم تحدد الجهة المسؤولة عنها. وكانت الحكومة الصربية ألقت مسؤولية الأحداث على سلطات كوسوفو التي نفت أن يكون لها أي دور فيها.
وبعد ساعات من وضع الجيش الصربي في حالة التأهب القصوى، أوفد الحلف الأطلسي قائد القوات الدولية في المنطقة آنجيلو ميكيلي ريستوشيا إلى كوسوفو للتباحث مع رئيس الوزراء آلبين كورتي من أجل إيجاد مخرج للأزمة، التي يخشى المسؤولون في المجلس الأوروبي أن تتفاقم وتتطور إلى مواجهة مسلحة، نظراً للاحتقان الكبير الذي يخيم على العلاقات بين الأقلية الصربية وسكان كوسوفو.
وفي حديث مع «الشرق الأوسط» أمس الأربعاء في بروكسل، قال مسؤول في المجلس الأوروبي إن ثمة معلومات تشير إلى «تنسيق بين بلغراد وموسكو»، وإن روسيا ليست غريبة عن هذا التصعيد الأخير الذي ربما يستهدف، حسب قوله، فتح جبهة نزاع جديد في منطقة كانت منذ سنوات غير بعيدة مسرحاً لمواجهات عرقية ودينية دامية. وتتحدث أوساط أوروبية عن لجوء الحكومة الصربية إلى افتعال أزمات مع البلدان المجاورة، وبخاصة كوسوفو، كلما تفاقمت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كما يحصل حالياً.

وأمس أعلن الكرملين أن روسيا «تدعم» ما تقوم به صربيا بهدف وضع حد للتوترات في كوسوفو التي شهدت إطلاق نار وانفجارات وحيث أقيمت حواجز على الطرق.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: «لدينا علاقات وثيقة جدا كحليفين، (علاقات) تاريخية وروحية مع صربيا»، موضحا أن موسكو تتابع «بانتباه شديد ما يحصل (في كوسوفو) وكيفية ضمان حقوق الصرب» في الإقليم الصربي السابق. أضاف: «وبالتأكيد، ندعم بلغراد في الخطوات التي تتخذها».
واعتبر بيسكوف أن «من الطبيعي أن تدافع صربيا عن حقوق الصرب الذين يعيشون في الجوار وسط ظروف بالغة الصعوبة، وأن ترد بشكل حازم حين يتم انتهاك حقوقها».
- تعبئة صربية
ولم تسفر المساعي التي قام بها الموفد الأطلسي حتى الآن عن تهدئة موقف الحكومة الصربية التي ما زالت ترفض الاعتراف باستقلال المقاطعة التي كانت تابعة لها في السابق وتعيش فيها أكثرية مسلمة، والتي أعلنت الانفصال عنها في العام 2008. وتجدر الإشارة إلى أن صربيا وكوسوفو مرشحتان لعضوية الاتحاد الأوروبي الذي يشترط على صربيا، لقبول عضويتها، الاعتراف بكوسوفو التي، من جهة أخرى لم تعترف بها بعض الدول الأعضاء في الاتحاد، مثل إسبانيا التي تخشى أن يمهد اعترافها باستقلال المقاطعة الصربية السابقة للاعتراف باستقلال مقاطعة كتالونيا.
وكان رئيس الأركان الصربي صرح لدى وصوله إلى المنطقة الحدودية بأن «الوضع معقد جداً ويستدعي وجود الجيش الصربي على طول الخط الإداري»، وهو المصطلح الذي تستخدمه الحكومة الصربية للإشارة إلى الحدود مع كوسوفو.
وبعد إعلانه وضع القوات المسلحة في حالة التأهب القصوى، قال الرئيس الصربي إن القرار يهدف إلى حماية المواطنين الصرب، وأمر الجيش بأن يكون في حال الجهوزية التامة لاستخدام القوة المسلحة «دفاعاً عن المصالح الصربية»، مشيراً إلى أن مساعي التهدئة ما زالت دونها عقبات كثيرة، وواصفاً الذين يطالبونه بالضغط على المواطنين الصرب الذين يعيشون في كوسوفو، بأنهم يتصرفون بشكل «هستيري».
وتفقد الرئيس الصربي ثكنات عسكرية في بلدة راسكا بالقرب من الحدود مع كوسوفو، فيما تزداد التوترات بين الجانبين.
ونشر فوتشيتش في صفحته على إنستغرام مساء أمس الثلاثاء، صورة تظهره هو ورئيس هيئة الأركان الصربي ميلان مويسيلوفيتش. ووجه الشكر لكل أعضاء قوات الأمن وكتب أنهم سوف يبذلون قصارى جهدهم لحماية الصرب في كوسوفو.
وطلب بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، بورفيري، من حكومة بلغراد «بذل ما يلزم من جهود لحفظ السلم» وقال بعد اجتماعه بالرئيس الصربي «إن النزاع المسلح لن يأتي بالخير لأحد».
وقبل ثلاثة أسابيع تقريبا، نصب مسلحون متشددون من الصرب ثكنات في شمال كوسوفو الذي يقطنه أغلبية من الصرب، وأغلقوا في الأساس الطرقات المؤدية إلى المعابر الحدودية مع صربيا.
وكان هؤلاء المتشددون يحتجون على اعتقال رجل شرطة سابق صربي العرقية بشرطة كوسوفو. وبحسب سلطات كوسوفو، قاد رجل الشرطة الهجمات على مسؤولي مفوضية الانتخابات. ويحظى المسلحون المتشددون بدعم الحكومة في بلغراد التي ترأسهم أيضاً بشكل جزئي.
- أسباب الأزمة
وتعود الأسباب الظاهرة لهذه الأزمة التي تدوم منذ أكثر من عام، إلى رفض الأقلية الصربية استبدال لوحات السيارات الصادرة عن بلغراد بلوحات صادرة عن بريستينا كما تصر حكومة كوسوفو، إضافةً إلى تعديل بعض المستندات الشخصية الأخرى. لكن التوتر يعود في الأساس لرفض صربيا الاعتراف بخطوة الاستقلال الأحادية التي أقدمت عليها كوسوفو مدعومة من قوات الحلف الأطلسي التي تتهمها بلغراد باقتطاع أجزاء من صربيا لها أهمية تاريخية ودينية كبيرة بالنسبة للمواطنين الصرب الذين تعيش أقلية منهم في كوسوفو لا تزيد عن 8 في المائة من مجموع السكان في المقاطعة الصربية السابقة التي تسكنها أغلبية من أصول ألبانية.
وتجدر الإشارة إلى أن 101 دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بكوسوفو من أصل الدول الأعضاء البالغ عددها 193 في المنظمة الدولية.
وتطالب الأقلية الصربية في كوسوفو بإنشاء منطقة خاصة بهم تتمتع بالحكم الذاتي وتكون شبه مستقلة عن بريستينا. وكانت الأحزاب الصربية رفضت المشاركة في الانتخابات المحلية التي أجريت في الثامن عشر من الشهر الجاري لانتخاب رؤساء بلديات المدن التي تعيش فيها أكثرية صربية.


مقالات ذات صلة

هاشم تاجي في محكمة لاهاي: لست مذنباً

العالم هاشم تاجي في محكمة لاهاي: لست مذنباً

هاشم تاجي في محكمة لاهاي: لست مذنباً

نفى رئيس كوسوفو السابق هاشم تاجي، كل الاتهامات الموجهة إليه في بداية محاكمته، أمس (الاثنين)، لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة خاصة في لاهاي. وقال تاجي الذي يبلغ 54 عاماً، أمام المحكمة: «أنا لست مذنباً». ويحاكم قائد جيش تحرير كوسوفو السابق هو و3 مسؤولين بارزين في جيش تحرير كوسوفو على صلة بجرائم ارتكبت في نهاية تسعينات القرن الماضي، عندما كان هذا الجيش يقاتل من أجل استقلال كوسوفو عن صربيا. ويتهم الادعاء الرجال الأربعة بتشكيل قيادة لـ«عمل إجرامي مشترك» في ميليشيا كوسوفو الألبانية.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم محاكمة رئيس كوسوفو السابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب تنطلق اليوم

محاكمة رئيس كوسوفو السابق بتهمة ارتكاب جرائم حرب تنطلق اليوم

تبدأ اليوم الإثنين أمام محكمة خاصة في لاهاي محاكمة رئيس كوسوفو السابق هاشم تاجي المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في حق القوات الصربية خلال حرب الاستقلال بين العامين 1998 و1999. وكان تاجي البالغ 54 عاما والمحارب السابق في «جيش تحرير كوسوفو»، قد دفع ببراءته في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 خلال مثوله مرة أولى أمام المحكمة الخاصة بكوسوفو. انتخب تاجي رئيسا لكوسوفو في العام 2016 لكنه استقال بعدما وجهت إليه هذه المحكمة التهمة إلى جانب ثلاثة مشتبه فيهم آخرين يحاكمون إلى جانبه.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش (يسار) ورئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي (يمين) مع جوزيب بوريل (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي: صربيا وكوسوفو تتفقان على تطبيع العلاقات

قال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن زعيمي صربيا وكوسوفو وافقا، يوم الاثنين، على اتفاق يدعمه الغرب لتطبيع العلاقات ولكن هناك حاجة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن تنفيذ الاتفاقية. وفي حديثه بعد استضافته محادثات في بروكسل بين الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش ورئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، قال بوريل إن الزعيمين اتفقا على عدم الحاجة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن الاتفاق بين الخصمين السابقين في زمن الحرب. لكنه قال «لا تزال هناك حاجة لمزيد من المفاوضات» حول كيفية تنفيذ الاتفاق والالتزامات السابقة التي قطعها الجانبان.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم صرب كوسوفو يتظاهرون في شتربتسه أمس (أ.ف.ب)

«الناتو» يرفض طلباً لنشر قوات صربية في كوسوفو

قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، أمس (الأحد)، إن بعثة «حلف شمال الأطلسي» (الناتو) في كوسوفو، رفضت طلباً مقدماً من الحكومة الصربية لإرسال ما يصل إلى ألف فرد من قوات الجيش والشرطة إلى هناك في أعقاب سلسلة من الاشتباكات بين صرب وسلطات كوسوفو. وأعلنت كوسوفو، التي كانت في السابق أحد أقاليم صربيا، استقلالها في عام 2008 في أعقاب حرب دارت خلال عامي 1998 و1999، وقصف خلالها الحلف منطقة يوغوسلافيا التي كانت تضم صربيا والجبل الأسود، لحماية كوسوفو ذات الأغلبية الألبانية. وقال فوتشيتش في مقابلة مع قناة «بينك» التلفزيونية الخاصة: «ردت (البعثة) بأنها تعتبر أنه لا توجد حاجة لعودة الجيش الصربي إلى كوسوفو...

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)
العالم عناصر من القوات الكوسوفية يشاركون في تدريب عسكري (رويترز)

إصابة صربيَّين بالرصاص وتوقيف مشتبه به من القوات الخاصة الكوسوفية

أُصيب صربيّان بينهما فتى يبلغ 11 عاماً، أمس (الجمعة)، في كوسوفو برصاص عنصر من القوات الخاصة تم توقيفه لاحقاً، وفق ما أعلنت السلطات، بعد أسابيع من التوترات. وندّدت السلطات الكوسوفية بهذا الهجوم الذي يأتي بعد أسبوع من تفكيك الحواجز التي أقامها الصرب في ديسمبر (كانون الأول) في شمال كوسوفو احتجاجاً على توقيف شرطي صربي سابق، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية». وأعلنت الشرطة الكوسوفية في بيان، توقيف «رجل يبلغ 33 عاماً» في جنوب كوسوفو، وهي مقاطعة صربية سابقاً لم تعترف يوماً بلغراد باستقلالها الذي أُعلن عام 2008. وحصلت الحادثة قرب مدينة شتربتسه (جنوب) التي تقطنها بشكل رئيسي الأقلية الصربية. وأفادت الشرطة

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)

75 عاماً على تأسيس «الناتو»... أزمة أوكرانيا تتصدر قمة الحلف في واشنطن

علم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)
علم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)
TT

75 عاماً على تأسيس «الناتو»... أزمة أوكرانيا تتصدر قمة الحلف في واشنطن

علم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)
علم أوكرانيا يظهر أمام شعار حلف «الناتو» في كييف (رويترز)

يحيي حلف شمال الأطلسي (الناتو) هذا الأسبوع في واشنطن الذكرى الـ75 لتأسيسه، لكن القمة المقررة التي كان يفترض أن تعكس صورة تحالف عسكري أقوى وأكبر، تُعقد في ظل غموض بشأن أوكرانيا وبلبلة سياسية من جانبي المحيط الأطلسي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

إثبات وحدة الصف

في هذه المناسبة سيحوّل الرئيس الأميركي جو بايدن اهتمامه عن الحملة الانتخابية العسيرة التي يخوضها بعد أدائه الكارثي في مناظرة تلفزيونية مع خصمه الرئيس السابق دونالد ترمب، ليستقبل قادة دول الحلف الـ32 لثلاثة أيام اعتباراً من (الخميس).

كما يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القمة بعد زلزال سياسي شهدته بلاده مع صعود اليمين المتطرف الذي بات على أبواب السلطة في الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها.

وتتجه الأنظار أيضاً إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي يتولى حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، بعد الجدل الذي أثاره بقيامه (الجمعة) بزيارة إلى موسكو التقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين.

وتلقي هذه السلسلة من الأحداث بظلالها على المحادثات بين قادة الحلف الأطلسي خلال جلسات العمل ومأدبة العشاء الرسمية واللقاءات الثنائية على هامش القمة.

وقال مسؤول أوروبي الأسبوع الماضي، طالباً عدم كشف اسمه: «هناك الكثير من الأحاديث والشكوك على خلفية الأوضاع الداخلية لكل بلد»، وسيكون هدف القمة «تبديد هذه الهواجس».

وسيحرص قادة الحلف الذي تأسس عام 1949 بهدف تأمين دفاع مشترك بوجه الاتحاد السوفياتي والذي توسّع مؤخراً مع انضمام فنلندا والسويد على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا، على إثبات وحدة الصف.

ويبقى السؤال الكبير المطروح خلال القمة التي سيحضر إليها أيضاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: أي رسالة يمكن توجيهها لكييف تحديداً؟

مناقشات حول انضمام أوكرانيا

يلوّح قادة الحلف باحتمال انضمام كييف مستقبلاً، وذلك منذ قمة فيلنيوس العام الماضي التي لم يحصل زيلينسكي خلالها على التزام حازم بهذا الشأن. غير أنهم غير مستعدين لإصدار دعوة فعلية للانضمام ما دامت أوكرانيا في حرب مع روسيا.

ورأى مصدر دبلوماسي أوكراني مؤخراً أن «فرص حصولنا على دعوة للانضمام إلى الحلف الأطلسي قريبة من الصفر» في ظل معارضة واشنطن وبرلين.

عوضاً عن ذلك، تتحدث الولايات المتحدة عن دعم يسمح بمد «جسر نحو الانضمام»، بناء على برنامج قوي من المساعدات والاتفاقات الدفاعية الثنائية، في حين تدعو عدة بلدان أوروبية إلى إدراج انضمام «لا رجوع عنه» في البيان الختامي.

وأقرت مصادر دبلوماسية بأن الموضوع «ما زال قيد النقاش».

وأكد مسؤول أميركي كبير أن المطلوب هو «أن تكون أوكرانيا مستعدة، مستعدة حقاً، منذ اليوم الأول، للارتباط بباقي الحلف حين يتفق الحلفاء الـ32 على انضمامها».

ومن القرارات المرتقبة تولي حلف «الناتو» تنسيق المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا، وهي مهمة تتكفل بها الولايات المتحدة حالياً.

وستكون هذه سابقة بعدما أبدى الحلفاء حتى الآن تحفظات حول كل ما يمكن أن يُفسر على أنه تصعيد مع روسيا.

كما يفترض أن يقر الحلف رسمياً دعماً عسكرياً لأوكرانيا بقيمة 40 مليار يورو (نحو 43 مليار دولار) في السنة وإمدادها بوسائل دفاع جوي جديدة، وفق ما أورد دبلوماسيون.

عين على آسيا

يدعو الأمين العام المنتهية ولايته للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ الذي سيخلفه الهولندي مارك روته في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى إضفاء طابع «مؤسساتي» على دعم الحلف.

والهدف أيضاً هو حماية الحلف من المتغيرات السياسية في ضفتي الأطلسي، في وقت يتخوف الحلفاء الأوروبيون من احتمال عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وهو المعروف بمواقفه التي «لا يمكن التكهن بها».

واستجاب الأوروبيون في هذه الأثناء للدعوات إلى زيادة إنفاقهم العسكري، وهو ما سيشدد عليه الحلف هذا الأسبوع.

والموضوع الآخر الكبير المطروح سيكون اليد الممدودة للدول الشريكة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع دعوة قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا للمشاركة في القمة (الخميس) إلى جانب الاتحاد الأوروبي.

ويحصر الحلف الأطلسي نطاق عمله جغرافياً بمنطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، لكن الولايات المتحدة دعت مراراً الحلف للتصدي لتصاعد النفوذ الصيني.

وترى دول مثل فرنسا أن لا دخل للحلف في هذه المنطقة، لكنها تدعوه إلى توسيع تعاونه من خلال الانخراط أكثر في مجالات مثل الإنترنت والفضاء والتكنولوجيا.

ومن المتوقع أن تصدر القمة إدانة حازمة للدعم الصيني لروسيا الذي يسمح برأي الدول الغربية لموسكو بالاستمرار في مجهودها الحربي.