مصر للاستفادة سياحياً من «الطيور المهاجرة»

أطلقت أول مهرجان لمراقبتها وتصويرها في بورسعيد

مهرجان بورسعيد الأول من نوعه  في مصر والمنطقة (أحمد الششتاوي)
مهرجان بورسعيد الأول من نوعه في مصر والمنطقة (أحمد الششتاوي)
TT

مصر للاستفادة سياحياً من «الطيور المهاجرة»

مهرجان بورسعيد الأول من نوعه  في مصر والمنطقة (أحمد الششتاوي)
مهرجان بورسعيد الأول من نوعه في مصر والمنطقة (أحمد الششتاوي)

بينما تحظى مصر بمسارات متنوعة ومحطات إقامة وتكاثر وإعاشة كثيرة لعشرات الملايين من الطيور المهاجرة القادمة من أوروبا في فصل الشتاء؛ قاصدة دفء القارة الأفريقية، فإنها لم تستثمر تلك المسارات والمحطات كمواقع للجذب السياحي لهواة هذا النوع من السياحة.
ومن هنا تأتي أهمية إطلاق محافظة بورسعيد «المهرجان الدولي الأول لمراقبة وتصوير الطيور» تحت رعاية وزارة السياحة والآثار المصرية ومحافظة بورسعيد.
ويقول محمد أبو الدهب، نائب مدير مكتب هيئة تنشيط السياحة ببورسعيد لـ«الشرق الأوسط»: «نستهدف نمطاً سياحياً جديداً وهو مراقبة الطيور التي تمثل واحداً من أهم أنواع السياحة في العالم، لكن لا يزال نصيب مصر منها متواضعاً رغم إمكاناتها العالية».
وأضاف صاحب فكرة المهرجان: «راودتني هذه الفكرة منذ سنوات، انطلاقاً من أن لدى بورسعيد ثروة حقيقية تتمثل في 3 محطات رئيسية لاستقبال الطيور المهاجرة منذ آلاف السنين، وهي بحيرة المنزلة، ومحمية أشتوم الجميل، إضافة إلى بحيرة الملاحات شرق بورسعيد».

في مهرجان بورسعيد الأول (إدارة المهرجان)
ووفق أبو الدهب، فإن موسم استقبال الطيور المهاجرة يبدأ في الفترة من بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بينما تبلغ الذروة في ديسمبر (كانون الأول) إلى أن تبدأ في المغادرة في أبريل (نيسان) وهو ما يمثل فترة زمنية طويلة تسمح باحتضان هذا النوع من السياحة، وكانت إقامة مهرجان دولي هي الوسيلة الفعالة للفت الأنظار إليها»، مضيفاً: «هذا المهرجان هو الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط، ويهدف إلى جذب المزيد من السياحة المحلية والدولية من خلال تنوع الأنماط السياحية، واضعاً بورسعيد على خريطة السياحة الدولية».
إلى هذا تم رصد ما يزيد على 500 ألف طائر في بحيرة المنزلة وحدها، من أشهرها «الفلامنغو والبجع والطيور الخواضات والبلشونات والزرزور والسمان والنوارس واللقالق وغيرها)، وهناك أكثر من 37 نوعاً نادراً من الطيور بها، فيما تقع «جزيرة بورفؤاد» بالمحافظة على المسار الثاني لهجرة الطيور المائية والخواضات والشجرية وبعض الجوارح، ويعتبر طائر الفلامنغو من أهم الطيور التي يمر عليها ويشتي بها خصوصاً بملاحات النصر جنوب شرقي المدينة، وكذلك ببحيرة الملاحة شرق التفريعة ببورفؤاد التي تضم 3 مناطق مهمة للطيور باعتراف من المجلس العالمي للطيور».
(تصوير أحمد الششتاوي)
ويؤكد أبو الدهب: «ذلك كله للأسف غير مستغل في حين أنه من المعروف أن هذا النمط السياحي يتميز بالإنفاق المرتفع، مقارنة برواد أنواع السياحة الأخرى». لافتاً إلى أن «التقديرات تشير إلى أن ثلاثة ملايين رحلة دولية بغرض مراقبة الطيور بشكل رئيسي تتم سنوياً، كما توضح تقارير الوكالة الأميركية للحياة البرية والثروة السمكية أن 40 في المائة من مراقبي الطيور على استعداد للسفر من أجل اكتشاف فرص جديدة لمراقبة الطيور. ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأميركية تحقق منها نحو 13 مليار دولار سنوياً» على حد تعبيره.
ويتوقع أبو الدهب نجاحاً كبيراً للمهرجان، وأن يصبح حدثاً سنوياً يتم تعميمه على مختلف المقاصد السياحية المصرية التي تتمتع بوجود طيور مهاجرة لا سيما بعد أن أعلن دكتور محمد سلامة رئيس الإدارة المركزية لمكاتب السياحة، أن الوزارة ستضعه على أجندتها مضيفاً أن «المنافسة شرسة في منطقة البحر المتوسط، والدول تطور من أنماطها ومنتجاتها السياحية، لذلك لا بد من مواكبة هذا التطور».
من جهته اعتبر خبير السياحة ومصور الطيور المحترف أحمد الششتاوي المهرجان تسليطاً للضوء على سياحة مراقبة الطيور، خصوصاً أن بورسعيد تبتعد عن القاهرة نحو ساعتين فقط، ما يمكن الكثير من السياح من زيارتها ومشاهدة الطيور النادرة، من دون أن يضطروا إلى السفر إلى أماكن نائية مثل سيناء ووادي الجمال وجبل علبة وشرم الشيخ؛ ما يمثل بدوره مكسباً كبيراً لهذا القطاع».
واقترح: «يمكن للشركات أن تصبح أكثر جذباً للسياح الإقليميين والدوليين المهتمين بالبيئية، وأن يتم وضعها في الرحلات الترويجية التي تم وضعها من قبل الشركات السياحية المحلية، مع الاحتفاء بإعداد وتجهيز المحميات الواقعة علي مسار هجرة الطيور بكل الخدمات والتجهيزات المطلوبة لنشاط هذه السياحة».


مقالات ذات صلة

انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

الاقتصاد جانب من «ملتقى السياحة السعودي 2025» بالرياض (الشرق الأوسط)

انطلاق «ملتقى السياحة السعودي 2025» بمشاركة أكثر من 100 جهة

استضافت العاصمة الرياض النسخة الثالثة من «ملتقى السياحة السعودي 2025»، بمشاركة أكثر من 100 جهة؛ حيث يقدم منصة شاملة لاستعراض أحدث المستجدات في القطاع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فيل يرعى في حديقة حيوان في برلين - ألمانيا 3 يناير 2025 (أ.ب)

فيل مذعور يقتل سائحة إسبانية في محمية تايلاندية

أعلنت الشرطة التايلاندية، الاثنين، أن فيلاً «مذعوراً» قتل سائحة إسبانية أثناء وجودها بجانبه خلال استحمامه في مياه محمية في جنوب تايلاند.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد شهدت الوجهات السياحية القطرية ارتفاعاً بنسبة 38 في المائة في إجمالي الإنفاق مقارنة بالعام السابق (قنا)

قطر تحقق إيرادات سياحية قياسية وتستقطب 5 ملايين زائر في 2024

أظهرت إحصاءات صادرة عن «قطر للسياحة» تحقيق أرقام قياسية في القطاع السياحي لعام 2024، حيث بلغ إجمالي الإنفاق السياحي 40 مليار ريال قطري (10.7 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
سفر وسياحة كهف أبو الوعول أحد أطول الكهوف المكتشفة في السعودية (واس)

السعودية تحول كهوفها إلى معالم سياحية

في خطوة لتنوع مسارات قطاع السياحة في السعودية جهزت هيئة المساحة الجيولوجية 3 كهوف بأعماق مختلفة لتكون مواقع سياحية بالتنسيق مع الجهات المعنية

سعيد الأبيض (جدة)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».