مطلّقة البغدادي أمام القضاء اللبناني: ذنبي أنني تزوجت رجلاً لا أعرف انتماءه

الجانب الإنساني يطغى على الجانب القانوني في محاكمة سجى الدليمي

مطلّقة البغدادي أمام القضاء اللبناني: ذنبي أنني تزوجت رجلاً لا أعرف انتماءه
TT

مطلّقة البغدادي أمام القضاء اللبناني: ذنبي أنني تزوجت رجلاً لا أعرف انتماءه

مطلّقة البغدادي أمام القضاء اللبناني: ذنبي أنني تزوجت رجلاً لا أعرف انتماءه

مثلت العراقية سجى حميد إبراهيم الدليمي، مطلقة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، أمام هيئة المحكمة العسكرية في لبنان، لمحاكمتها في التهم الموجهة إليها، وهي «الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح (داعش) بهدف القيام بأعمال إرهابية في لبنان، وتزوير وثائق لها ولأولادها بأسماء وجنسيات مختلفة واستعمال هذه الوثائق في تنقلاتها على الأراضي اللبنانية ودخول لبنان بطريقة غير شرعية».
كما مثل معها الفلسطيني الموقوف لؤي درويش المصري، فيما لم يجر سوق زوجها الحالي الفلسطيني كمال محمد خلف الموقوف لدى اﻷمن العام، الذي يتهمه القضاء العسكري بارتكاب الجرائم نفسها.
سجى التي دخلت قاعة المحكمة وظهرت للمرة الأولى بشكل علني منذ توقيفها قبل ثمانية أشهر، بدت قصيرة القامة نحيلة الجسم، ترتدي لباسًا أسودًا وتحمل طفلها ابن الأسابيع الثلاثة الذي وضعته في السجن متأبطة زجاجة الحليب العائدة له. لم تتمكن المحكمة من استجوابها لعدم وجود محام للدفاع عنها، ما دفع بالمحكمة لتوجيه كتاب إلى نقابة المحامين لتكليف محام لها وتقرر تأجيل الجلسة إلى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وبدا واضحًا أن الجانب الإنساني طغى على الجانب القضائي للجلسة التي لم تستغرق أكثر من عشر دقائق، فما إن أعلن رئيس المحكمة العسكرية العميد خليل إبراهيم تأجيل الجلسة حتى أجهشت سجى بالبكاء وراحت تتوسل المحكمة أن تسرع في محاكمتها. وقالت: «أنا لم أرتكب أي جرم. كل ذنبي أني دخلت لبنان كلاجئة وهربت بأطفالي من الموت في العراق وسوريا. أنا تزوجت رجلا اسمه هشام محمد (البغدادي) قبل ست سنوات، ولم يدم زواجنا طويلا ﻷنه طلقني ولم أكن أعرف أي شيء عن انتمائه. وفي السجن أبلغوني أن فحوص الحمض النووي الــ(DNA) أثبتت أنني كنت متزوجة أبو بكر البغدادي، وعندما شاهدته على التلفزيون تأكد لي أنه هو من كنت متزوجة به».
وخاطبت رئيس المحكمة قائلة: «والله حرام يا سيادة القاضي. لا يجوز أن يبقى أطفالي الأربعة أكبرهم ابنة ست سنوات موجودين معي في سجن اﻷمن العام تحت اﻷرض منذ ثمانية أشهر»، مؤكدة أنه منذ توقيفها لم يتصل بها أحد ولم يزرها أحد. وطالبت بـ«السماح للصليب الأحمر الدولي أن يزورها في السجن لمعاينتها والاطلاع على الوضع الصحي لأطفالها». لكنها أوضحت ردًا على سؤال رئيس المحكمة، أنه «بعد أن وضعت مولودها الجديد جرى نقلها من سجن الأمن العام إلى سجن النساء في بعبدا مع أطفالها». وردًا على سؤال عمّا إذا كان البغدادي هو أبا أولادها، أشارت إلى أن والد أطفالها هو ضابط عراقي في عداد جيش صدام حسين وقد قتل على يد الأميركيين في العراق.
أما رئيس المحكمة، فبدا متأثرًا بما سمعه من الموقوفة، وتوجه إلى الدليمي قائلا: «نحن نتفهم وضعك، وﻷول مرة أعرف أن أطفالك موجودون معك في السجن وهذا أمر ﻻ يجوز». وطلب رئيس المحكمة من ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي داني الزعني، إجراء المقتضى لنقل الأطفال من السجن إلى دار رعاية تعنى بالأطفال، مع مراعاة الجانب الأمني لهؤلاء الأطفال وتأمين الحماية لهم، كونهم يتمتعون بوضع أمني دقيق، وهناك خشية من تعرضهم للخطف. وتعهد ممثل النيابة العامة التواصل مع إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لنقلهم إليها وتولي رعايتهم بعد توفير الحماية الأمنية لهم. وهنا تعهد ممثل نقابة المحامين في المحكمة العسكرية المحامي صليبا الحاج، بـ«تسريع إجراءات تكليف أحد المحامين من قبل النقابة، والعمل على تقديم موعد الجلسة، بالنظر إلى الجانب الإنساني لهذه القضية». فيما أبدت المحامية عليا شلحة استعدادها للدفاع عن الدليمي إذا ما قررت نقابة المحامين تكليفها بهذه المهمة.
وفي ملفّ آخر، تابعت المحكمة العسكرية محاكمة اللبناني عيسى لقمان والسوريين عبد الرحمن سعد الدين، عبد الله سعد الدين، حسين خليل زهران ووسام كامل عسكر، والفلسطينيين أحمد السعيد، خالد السعيد، طارق الطيارة، فؤاد عياض وخالد المقوسي، المتهمين بـ«الانتماء إلى تنظيم داعش بقصد القيام بأعمال إرهابية ونقل متفجرات بقصد تفخيخ السيارات وتفجيرها في أماكن مأهولة في لبنان». وأرجأت المحكمة الجلسة إلى 18 نوفمبر لإصدار الحكم بحقهم.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.