«اتفاقيات النفط» تفاقم خلافات أذرع السلطة الليبية

في ظل اعتراضات واسعة بين مسؤولي قطاع الطاقة على زيادة نسبة «إيني»

جانب من اجتماع المؤسسة الوطنية للنفط لمناقشة الأوضاع الإدارية للعاملين بالقطاع (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
جانب من اجتماع المؤسسة الوطنية للنفط لمناقشة الأوضاع الإدارية للعاملين بالقطاع (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
TT

«اتفاقيات النفط» تفاقم خلافات أذرع السلطة الليبية

جانب من اجتماع المؤسسة الوطنية للنفط لمناقشة الأوضاع الإدارية للعاملين بالقطاع (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
جانب من اجتماع المؤسسة الوطنية للنفط لمناقشة الأوضاع الإدارية للعاملين بالقطاع (المكتب الإعلامي للمؤسسة)

تصاعدت الخلافات بين مسؤولي قطاع النفط في ليبيا بشأن مقترح تقدمت به المؤسسة الوطنية للنفط لتعديل الاتفاقية المبرمة مع شركة «إيني» الإيطالية، بهدف زيادة نسبة الأخيرة، وذلك على خلاف المتفق عليه قبل 14 عاماً.
وقالت وزارة النفط والغاز، التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقتة، إنه «لا يُنصح بإجراء أي تعديل على اتفاقيات مستقرة؛ لأن ذلك قد يفتح الباب أمام مطالب أخرى بالتعديل لحصص الإنتاج مع الشركاء الآخرين، بما سيربك النمط التعاقدي الليبي». وأوضحت الوزارة في بيان مساء أول من أمس أن موقفها بشأن رفض تعديل عقد المنطقة «د» - (NC41– NC 169A)، مثار الجدل، يستند إلى أن الاتفاقية أبرمت وأصبحت نافدة عام 2008، وأن بموجبها تكون حصة الدولة الليبية هي 60 في المائة، بينما يحصل الشريك على 40 في المائة لمدة عشر سنوات من تاريخ اعتماد خطة التطوير التي تتضمن مشروع الغاز الطبيعي المسال، مبرزة أنه وفقاً للاتفاقية، لا يزيد العمل بهذه النسبة على 12 عاماً من تاريخ نفاد الاتفاقية، حيث تخفض حصة الشريك إلى 30 في المائة... وهذا ما يجب أن يكون عليه الوضع الحالي للاتفاقية بعد مرور المدة الزمنية المنصوص عليها؛ بما يعني أن هناك زيادة فعلية للحصة المقررة للشريك، وليس هناك أي تخفيض لها.
ورأى عضو مجلس النواب الليبي ميلود الأسود، أن هذا المطلب بتغير النسبة «يأتي في إطار استغلال الظروف التي تمر بها ليبيا لمزيد الابتزاز، والحصول على أكبر قدر من التنازلات»؛ خصوصاً عقب ما وصفه بـ«الصفقة المشبوهة»، التي حصلت بفضلها «توتال إنرجي» على نسبة كبيره في (شركة الواحة الليبية) على مرحلتين، «دون وجود أي مبرر لتلك التنازلات إلا استغلال ظروف البلاد، والفساد بحكومة الدبيبة».
وقال الأسود، وهو عضو في لجنة الطاقة بالمجلس، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إن طلب شركة (إيني) غير مبرر لأن تطوير الإنتاج بالحقول التابعة لها هو جزء من تعاقدها». مشيراً إلى أن «ما ورد في بيان المؤسسة الوطنية للنفط حول استثمار ثمانية مليارات دولار غير حقيقي؛ كون ليبيا ستدفع نصف هذا المبلغ أصلاً بطبيعة التعاقد نفسه»، ولافتاً أيضاً إلى أن «حديث المؤسسة عن استيراد الغاز عام 2025 إذا لم يتم القيام بهذا المشروع، يتعارض مع تصريح رئيس المؤسسة حول إنشاء خط لليونان وآخر لمصر؛ فمن أين سيأتي لهم بالإنتاج إذن»؟
وتابع الأسود موضحاً: «كان من الأولى، ووفقاً لقانون النفط، تكليف لجنة لدراسة طلب «إيني»، لكنه ذهب إلى أن «موافقة مجلس الطاقة لا تعني شيئاً؛ فهذا المجلس غير قانوني أصلاً لأنه أنشئ عندما تم حل وزارة النفط سابقاً، فأخذ مهامها السيادية، ولكن بعودة الوزارة عادت تلك المهام لها».
والاتفاق يتضمن «استكشاف ومقاسمة إنتاج»، بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة «إيني» الإيطالية، وذلك في شركة «مليتة للنفط والغاز» الوطنية. وقالت الوزارة إن المقترح «لم يعرض عليها، أو على المجلس الأعلى لشؤون الطاقة أي دراسات اقتصادية تشرح بصورة وافية الاقتصاديات التي أُسست عليها زيادة حصة الشريك التي اعتمدتها المؤسسة الوطنية للنفط»، ورأت أن «تلكؤ الشريك في تنفيذ التزاماته التعاقدية لا يمكن أن يكون مبرراً لمنحه زيادة في حصته المقررة بموجب الاتفاقية، والتي قبل بها بناءً على معطيات اقتصادية ودراسات جدوى أجريت من قبله».
من جهته، رأى الليبي خالد عبد الله بوزعكوك، المهتم بالشأن الاقتصادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس ضرورة «تأجيل أي تعديل في الاتفاقيات التي تم اعتمادها في السابق من أعلى جهة، حتى يتم انتخاب حكومة جديدة قوية تمثل الأطراف الليبية كافة»، وذهب إلى أن «الدخول حالياً في نزاعات وقضايا تحكيمية يُضعف من فرص الاستثمار الهشة في ليبيا، مع وجود فرص استثمارية كبيرة وتنافسية لشركة (إيني) في كل من مصر والجزائر ونيجيريا».
وسبق لفتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار»، القول إن خصمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، يعمل على زيادة نسبة الشريك الأجنبي على حساب «المؤسسة الوطنية» في شركة «مليتة». وحذر من استغلال «المجلس الأعلى للطاقة»، الذي أسسه الدبيبة ويترأسه، في «صفقات مشبوهة دون دراسة جدوى، ومعرفة منافعها على الدولة، ما ستكون عواقبه وخيمة على الجميع».
من جانبها، تمسكت وزارة النفط بـ«ضرورة عدم المساس بالاتفاقيات النفطية القائمة، باعتبارها معتمدة من قبل أعلى سلطة تنفيذية في الدولة الليبية؛ وبالتالي لا يكون الدخول في مفاوضات بشأن تعديلها أو تغييرها إلا بعد اتخاذ عدد من الخطوات والإجراءات»، وقالت إنه «لا بد أن توضح المؤسسة الوطنية أولاً طلبات الشريك الأجنبي بالتعديل ومبرراته، مشفوعاً برأيها حول ذلك واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات».


مقالات ذات صلة

مسؤول بـ«إكسون موبيل»: منتجو النفط والغاز الأميركيون لن يزيدوا الإنتاج في ظل رئاسة ترمب

الاقتصاد منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا 14 نوفمبر 2024 (رويترز)

مسؤول بـ«إكسون موبيل»: منتجو النفط والغاز الأميركيون لن يزيدوا الإنتاج في ظل رئاسة ترمب

قال مسؤول تنفيذي في شركة إكسون موبيل إن منتجي النفط والغاز الأميركيين من غير المرجح أن يزيدوا إنتاجهم بشكل جذري في ظل رئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس مجلس الوزراء العراقي ونائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة السعودي (رئاسة الحكومة العراقية)

تشديد سعودي عراقي روسي على الدور الحيوي لـ«أوبك بلس»

عقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لقاء مشتركاً مع نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك ووزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء متأثرة بارتفاع الدولار، بعد أن هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد منظر عام لمعدات حفر النفط على الأراضي الفيدرالية بالقرب من فيلوز بكاليفورنيا (رويترز)

النفط يهبط بأكثر من دولار بعد تقارير وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان

انخفضت أسعار النفط أكثر من دولار واحد يوم الاثنين، بعد أن ذكر موقع «أكسيوس» أن إسرائيل ولبنان اتفقا على شروط اتفاق لإنهاء الصراع بين تل أبيب و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
أوروبا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (رويترز)

عقوبات بريطانية على 30 سفينة إضافية تابعة للأسطول «الشبح» الروسي

أعلنت الحكومة البريطانية اليوم الاثنين فرض عقوبات على 30 سفينة إضافية من «الأسطول الشبح» الذي يسمح لموسكو بتصدير النفط والغاز الروسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.