الحكومة الإسرائيلية تدرس تشريع قانون يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين

اتهام نتنياهو برفض التفاوض مع حماس لأن أحد الأسيرين إثيوبي والثاني عربي

الحكومة الإسرائيلية تدرس تشريع قانون يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين
TT

الحكومة الإسرائيلية تدرس تشريع قانون يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين

الحكومة الإسرائيلية تدرس تشريع قانون يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين

مع إعلان ناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية بأنها لا تفاوض حركة حماس على صفقة لإطلاق سراح أسيرين جديدين، كشف، أخيرا، عن وقوعهما في أيدي حماس، أطلقت عائلتا الأسيرين اتهاما شديدا لرئيسها بنيامين نتنياهو الذي «يتصرف باستهتار مع هذا الملف، لأن الأسيرين يهودي إثيوبي ومواطن عربي من فلسطينيي 48، وهما الشريحتان اللتان تعانيان من سياسة تمييز عنصري طيلة الوقت»، على حد قول أفراد في العائلتين.
وهدد قادة الطائفة الإثيوبية في إسرائيل بالخروج إلى الشوارع في مظاهرات شعبية صاخبة احتجاجا على هذا الموقف. فسارع نتنياهو إلى زيارة العائلة الإثيوبية في بيتها في مدينة اشكلون جنوب البلاد. وقال نتنياهو، وفقا للناطق بلسانه: «إننا نفعل كل شيء، كل ما بوسعنا، من أجل إعادة ابنكم إلى البلاد. كما أننا على اتصال مع عائلة مواطن إسرائيلي آخر (تحتجزه حماس) بهدف إعادته إلى البلاد أيضا». وحاول نتنياهو تبرير رفضه التفاوض مع حماس فقال: «إننا نواجه عدوا يتصرف بسخرية وبوحشية كبيرتين، وينكر الواجب الإنساني الأساسي الذي يقتضي إعادة المواطنين الأبرياء إلى بلادهم. لن نرخي قبضتنا عن هذه القضية، وسنفعل كل شيء يلزم من أجل إعادة هذين المواطنين إلى ديارهما».
وأمر نتنياهو وزراءه في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، التي التأمت أمس، بأن تجرى فحصا مهنيا لقانون الحكم بالإعدام في إسرائيل، وتعديله بحيث يصبح ممكنا إعدام السجناء الذين يدانون بتهمة قتل على خلفية قومية. ومع أن هذا القانون ينطبق نظريا على اليهود المتطرفين الذين يقتلون عربا، فإن المراقبين يؤكدون أن المقصود به هم الأسرى الفلسطينيون. ويوضحون أن القانون الحالي يجيز الإعدام، ولكنه يشترط صدور القرار بإجماع هيئة القضاة. والتعديل جاء ليعطي تسهيلا آخر لإصدار حكم الإعدام. وقد بادر إليه وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا». لكن نتنياهو فتح الباب لدفعه إلى الأمام بسبب كشف نبأ وجود الأسيرين الإسرائيليين لدى حماس في قطاع غزة. وقد عارض مستشار الحكومة القضائي ذلك.
المعروف أن الأسيرين وقعا في الأسر في فترات متباعدة، فالأسير العربي هو من عائلة بدوية من النقب، حظر نشر اسمه لأنه يعاني من تخلف عقلي. وقد دخل إلى قطاع غزة قبل أيام. وأما الأسير اليهودي فتعود قصته إلى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث دخل ابراها منغستو (28 عاما)، إلى قطاع غزة عبر البحر الأبيض المتوسط ولم يعد. وتبين لاحقا أن منغستو، وهو من أصل إثيوبي، كان قد تسلل إلى القطاع مرتين في الماضي، فأعادته حماس باعتباره «إنسانا غير سوي»، لكن في هذه المرة لم تعده. وبعثت برسائل لإسرائيل تعرض عليها إجراء صفقة يتم خلالها تسريح الأسرى الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم خلال الحرب على قطاع غزة في الصيف الماضي، وإطلاق سراح الأسرى القدامى (الذين تقرر إطلاقهم سابقا، كشرط لاستئناف المفاوضات بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية). ولكن إسرائيل أعلنت أنها لن تفاوض، وأنها تنوي التوجه إلى سياسة جديدة في الموضوع توقف صفقات تبادل الأسرى.
ونقل عن لسان مساعد نتنياهو لشؤون ملف الأسرى في ديوان رئيس الحكومة، ليؤور لوطن، أنه هدد أحد أفراد عائلة منغستو بأن ابنهم «لن يرى النور قبل سنة» إن واصلوا انتقاد الحكومة أو خرجوا للتظاهر في الشوارع، وأنهم احتجوا رسميا وطالبوا نتنياهو بإقالته، فأخذه نتنياهو إليهم في الزيارة المذكورة ليعتذر لهم بنفسه وقال إن تفوهاته لم تكن في محلها ولكنه أشاد أمامهم بجهوده لإطلاق سراح ابنهم.
وأما ذوو عائلة الشاب العربي فقد اتضح أن ممثلي الحكومة كانوا قد وصلوا إليهم وحذروهم من «التفوه بطريقة لا تساعد على إطلاق ابنكم». وأعرب والده عن «تفاؤله الحذر». وقال إن «وجهاء من قطاع غزة وإسرائيل» يعملون من أجل إعادة ابنه. ورفض الأب تفصيل ما يتم عمله في هذا الشأن، وقال: «لست معنيا بالتوسع، لأن كل كلمة يتم تفسيرها بشكل غير صحيح، يمكنها أن تلحق ضررا بفرص إعادته». وأكد أن أحدا لم يطلع العائلة على التخوف من وقوع ابنها في الأسر لدى حماس. وقال إنه منذ اختفاء ابنه ساد الاعتقاد بأنه يوجد في الضفة كما فعل في السابق، أو اجتاز الحدود إلى مصر. وأكد أن الشرطة اتصلت بالعائلة وأطلعتها على احتمال أسر ابنها لدى حماس، فقط قبل يومين من السماح بنشر الموضوع.
وحذر اليمين الإسرائيلي من تشكيل قوى ضاغطة على نتنياهو لكي يرضخ ويوقع على صفقة مع حماس. وقال رئيس «تنظيم ضحايا الإرهاب» (الماغور)، المقدم (احتياط) مئير ايندور، مما سماه «الجهات ذاتها التي عملت من وراء الكواليس قبل صفقة شاليط»، من العمل ثانية، في قضية ابرا منغستو المحتجز لدى حماس. وقال ايندور: «لأسفنا قاد محررو صفقة شاليط إلى قتل الضابط مزراحي، والفتية الثلاثة (الذين اختطفوا في الصيف الماضي قرب الخليل)، وهذا ثمن ندفعه طوال الوقت ولا أحد يستيقظ». ودعا ايندور الجمهور إلى الاستعداد لخوض الصراع مرة أخرى، وقال: «في صفقة شاليط قادوا حملة دعت لإعادة أولادنا جميعا إلى البيت، والآن الشخص مرة أخرى، ذات الخطوط التي يجب أن تقلقنا، وهذا يجب أن يقلق كل من يتخوف على أمن إسرائيل. هذه هي ذات الجهات السياسية والصحافية، ذات وجهات النظر المحددة، التي تسعى إلى تخفيف المواجهة مع حماس بواسطة إطلاق سراح المخربين. ويتخوف ايندور من عودة هذا المسار للعمل ثانية الآن، في قضية منغستو. وقال: «إنهم يتقمصون قناعا آخر هذه المرة، ولكن الخط لن يتغير، والثمن الباهظ بات معروفا. لقد دفعنا ثمنا باهظا في صفقة شاليط، ومن قبلها في صفقة جبريل، ويجب منع تكرار ذلك».
وخرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بتحذير مشابه ودعت نتنياهو إلى التمسك بخطه القديم الذي يرفض إبرام «صفقات تبادل أسرى مع المخربين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».