قيادات أنبارية تتهم بغداد بـ«عدم الجدية» في إشراك مقاتلي العشائر بمعارك التحرير

تقارير عن هروب المئات من مسلحي «داعش» بينهم بعض من أبناء الفلوجة

عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي يطلقون صاروخا على مواقع لمسلحي «داعش» شمال الفلوجة (رويترز)
عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي يطلقون صاروخا على مواقع لمسلحي «داعش» شمال الفلوجة (رويترز)
TT

قيادات أنبارية تتهم بغداد بـ«عدم الجدية» في إشراك مقاتلي العشائر بمعارك التحرير

عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي يطلقون صاروخا على مواقع لمسلحي «داعش» شمال الفلوجة (رويترز)
عناصر من ميليشيات الحشد الشعبي يطلقون صاروخا على مواقع لمسلحي «داعش» شمال الفلوجة (رويترز)

اتهم رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، الحكومة الاتحادية بعدم الجدية في تسليح أبناء العشائر لمحاربة تنظيم داعش في المحافظة، مبينًا أن عشرة آلاف متطوع جاهزون لمقاتلة التنظيم الإرهابي. وقال كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «معسكر الحبانية هو المعسكر الوحيد الذي يتدرب فيه المتطوعون من أبناء العشائر»، مبينًا أن «أجهزة الحكومة الأمنية لا تتابع متطوعيها بالشكل الإيجابي».
من جانب آخر، أكد مسؤولون حكوميون وشيوخ عشائر في محافظة الأنبار أن الحكومة مصرّة على تأخير إشراك عشرة آلاف متطوع من أبناء المحافظة في معارك تحريرها رغم خبرتهم في قتال تنظيم داعش التي اكتسبوها من خلال معاركهم التي استمرت عاما ونصف العام في الدفاع عن محافظتهم ضد التنظيم وقبلها نجاحهم في قتال تنظيم القاعدة عام 2007 وطرده من كل مدن الأنبار.
وقال القيادي في صفوف العشائر التي تقاتل «داعش» في محافظة الأنبار، عمار العيساوي، إنّ «الحكومة ليست جادة في تحرير محافظة الأنبار، وعلى ما يبدو فإن معسكر المتطوعين من أهالي الرمادي سينتهي قريبا من دون إشراك المتطوعين في المعارك، علما بأن المتطوعين قد أنهوا تدريباتهم المقرّرة». وأضاف العيساوي أن «المتطوعين سيسأمون الانتظار داخل المعسكر دون تدريب فعال أو تسليح أو حتى رواتب، الأمر الذي سيتسبب في إحباط كبير لهم يؤثر على معنوياتهم، مما يدفعهم إلى ترك المعسكر، بعد أن فقدوا أي دور لهم، الأمر الذي تريده الحكومة».
وأشار العيساوي إلى أن «التوجه الحكومي هو منع أبناء الأنبار من المشاركة في أي معركة، لكنها لا تعلن ذلك صراحة، بل تسعى إلى حل معسكرهم تدريجيا»، مستغربا «تصرفات الحكومة، وكأنّها تتعامل مع خصوم وليس مع شعب تحكمه هي، وتحاول أن تظهر للعالم أنها تدرب أبناء العشائر في الوقت الذي تمنعهم فيه من دخول المعارك»، مشيرا إلى أن الحكومة «لديها مخطط لضرب الفلوجة فقط، الأمر الذي يحتم عليها عدم إشراك أبناء المحافظة، ومن ثم ستترك محافظة الأنبار كما تركت الموصل، وتكتفي بالحديث عن الاستعدادات لتحريرها».
بدوره، وصف الناطق باسم ميليشيات الحشد الشعبي كريم النوري، مدينة الفلوجة بـ«الرئة التي يتنفس منها تنظيم داعش»، مشيرا إلى أن القيادة العسكرية «تعتبرها مفتاح الأنبار، وبؤرة العصابات الإرهابية، بقدر ما تكدس فيها من العتاد والأسلحة طيلة الفترة الماضية». وحسب النوري «لم يحدد سقف زمني لاقتحام الفلوجة، لكن الأمور تسير بخطوات جيدة وثابتة وممتازة، حيث ستشارك بالاقتحام ستة ألوية من (بدر)، وتلتحق بها القوات الأخرى من (سرايا الجهاد) و(سرايا العقيلة) و(سرايا الخرساني)، من أجل عملية مسك الأرض».
في السياق ذاته، كشف رئيس إسناد الفلوجة عبد الرحمن النمرواي عن «هروب أكثر من 300 داعشي بينهم الحاكم الشرعي للإرهابيين المدعو صائب ماضي حنشل». وقال النمراوي لـ«الشرق الأوسط» إن «المعلومات التي بحوزتنا تؤكد هروب قياديي (داعش) من الفلوجة باتجاه سوريا نتيجة العمليات الأمنية الأخيرة». وأضاف النمراوي أن «الضربات التي وجهتها القوات الأمنية بثت الرعب في صفوف عناصر التنظيم الإرهابي، خصوصًا بين صفوف الإرهابيين الأجانب الذين قدموا حديثًا، فالمعلومات المتوفرة لدينا تؤكد وجود عمليات هروب جماعي لمسلحي التنظيم من مدينة الفلوجة، وأن من بين الهاربين قيادات في التنظيم أدركت أن الأيام المقبلة ستشهد القضاء عليهم داخل مدينة الفلوجة».
وفي تطور أمني لاحق، قال الشيخ إبراهيم الفهداوي، رئيس اللجنة الأمنية في الخالدية (23 كلم شرق مدينة الرمادي)، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية المشتركة ومقاتلي العشائر تمكنوا من قتل الإرهابي أبو زيد الشامي القائد العسكري لتنظيم داعش في الخالدية، وهو سوري الجنسية، وكان يقود الهجمات للتنظيم الإرهابي على المدينة، كما تمكنت قواتنا من قتل الإرهابي المدعو (أبو درع) والي جزيرة الخالدية، أثناء الهجوم الذي شنته قواتنا الأمنية لتطهير مناطق جزيرة الخالدية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.