أعلن ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أمس، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد عقب استقباله نظيرته الفرنسية كاترين كولونا، أن المغرب وفرنسا سيعملان على «إحياء» آليات التعاون بين البلدين. ومن جهتها أعلنت كولونا أن بلادها قررت عودة العمل القنصلي في المغرب لوضعه الطبيعي. في إشارة إلى حل أزمة تقليص التأشيرات التي اندلعت منذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.
وتروم زيارة كولونا للمغرب وضع حد لأزمة صامتة بين البلدين، استمرت منذ أكثر من سنة.
وأشاد بوريطة بالعلاقات التقليدية بين البلدين، وقال إن لقاءه بوزيرة الخارجية الفرنسية «يهدف إلى التحضير لاستحقاقات من أعلى مستوى بين البلدين»، في إشارة إلى ترتيبات تنظيم زيارة للرئيس ماكرون للمغرب «في غضون الأشهر الثلاثة من العام المقبل».
ووصف بوريطة علاقات المغرب وفرنسا بأنها «صلبة، لكنها تواجه إكراهات». مشيراً إلى أن لقاءه بنظيرته الفرنسية أبرز تطابق وجهات النظر في عدد من القضايا، وأكد رغبة الطرفين في تطوير العلاقات بينهما إلى مستويات أكبر. وأضاف بوريطة موضحاً أن هناك «رهانات مشتركة بين البلدين في مناطق مختلفة من العالم، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط تقتضي التشاور والتنسيق. وهناك طموح لتحقيق قفزة في العلاقات بين البلدين».
من جانبها، قالت كولونا إن علاقات المغرب وفرنسا «استثنائية وصلبة»؛ وأضافت أنها أجرت «مشاورات غنية» مع بوريطة، وأن المهم هو «التوجه نحو المستقبل»، طبقاً لتوجيهات الملك محمد السادس والرئيس إيمانويل ماكرون. موضحة أن الرئيس الفرنسي تحدث هاتفياً مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما تحدث معه مساء الأربعاء الماضي بعد مباراة المغرب وفرنسا. كما أوضحت الوزيرة الفرنسية أنها ستعمل برفقة نظيرها المغربي على التحضير لزيارة رئيس الدولة الفرنسي ماكرون للرباط، المقررة في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من 2023.
وبخصوص أزمة التأشيرات، قالت كلونا إنه «جرى حل هذه المشكلة... وأؤكد أن العمل القنصلي سيعود لوضعه الطبيعي». لكن بوريطة رفض من جهته الحديث عن «أزمة» بين البلدين بسبب التأشيرات، وقال: «هذا قرار أحادي الجانب لم نعلق عليه»، كما أن قرار عودة العمل القنصلي «أحادي عادي يتجه في الاتجاه الصحيح».
في سياق ذلك، عبّرت الوزيرة الفرنسية عن رغبة بلادها في بناء علاقات قوية مع المغرب خلال السنوات العشر أو العشرين المقبلة، وإطلاق مجالات جديدة للتعاون. وأوضحت أن بلادها «تتأقلم» مع التطورات. في إشارة إلى التطورات التي عرفها المغرب الذي بنى شراكات جديدة، وأبرم الاتفاق الثلاثي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، أسفر عن اعتراف أميركي بمغربية الصحراء.
ومن دون أن تشير إلى هذه التطورات، قالت الوزيرة إن بلادها تتبنى موقفاً واضحاً وثابتاً بخصوص قضية الصحراء المغربية، مضيفة: «ندعم جهود المبعوث الأممي إلى الصحراء، ونأمل مواصلة المفاوضات للتوصل لحل عادل وواقعي»، وذكرت أن فرنسا تدعم مقترح الحكم الذاتي.
في المقابل، قال بوريطة إن موضوع الصحراء لم يكن مهيمناً على المشاورات، لكنه أشار إلى أن قضية الصحراء المغربية عرفت «تطورات»، معتبراً أن «هذا وقت تحديد المواقف». وداعياً إلى بناء علاقات قوية مع فرنسا على أسس قوية، لكنه أوضح أن ذلك يحتاج إلى «التأقلم مع التطورات».
وكانت فرنسا قد أعلنت نهاية سبتمبر 2021 تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني الجزائر وتونس والمغرب، بدعوى «رفض» هذه الدول إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين غير شرعيين من مواطنيها في فرنسا. ورد المغرب حينها بأن هذا القرار «غير مبرر»، حسب تصريح الوزير بوريطة.
على صعيد ذي صلة، حضر ملف العلاقات المغربية - الفرنسية في وضعها الراهن، في حديث أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، وذلك خلال مشاركته في جلسة «العالم عند مفترق الطرق: الإقليمية، التباطؤ أم التجزئة؟»، ضمن منتدى «حوارات أطلسية» بمراكش في دورته الـ11، إلى جانب هوبير فيدرين وزير الخارجية الفرنسي السابق؛ حيث قال إن «علاقتنا مع فرنسا ليست مبنية على حاجتنا إلى فرنسا، ففرنسا تحتاج إلينا أيضاً».
ومن جهته، قال فيدرين إن العلاقات بين المغرب وفرنسا «استثنائية» و«إيجابية» في مختلف المجالات، والمغرب بلد عريق. مضيفاً أن المغرب وفرنسا «كانا وسيظلان شريكين. هناك حزازات، ليس فقط في علاقة فرنسا والمغرب، ولكن أيضاً في العلاقة مع شركاء آخرين».
وبخصوص قضية الصحراء، قال فيدرين إن فرنسا «منذ 20 سنة وهي تدافع عن المصالح المغربية»، موضحاً أنها ليست الوحيدة في هذا التوجه. مضيفاً: «إذا كان هناك اعتراف من دونالد ترمب بسيادة المغرب على الصحراء، فهذا موقف يمثل الولايات المتحدة وحدها. وفرنسا تنشط في إطار أوسع، هو إطار الأمم المتحدة، وبالتالي لا أعتقد أن هناك تصلباً من فرنسا». وأظهرت وجهات نظر عدد من المتدخلين حاجة فرنسا إلى الأخذ بعين الاعتبار تط عات وانتظارات المغرب والمغاربة من فرنسا، بخصوص عدد من القضايا الحيوية، وهو ما لخصه فتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية المغربي الأسبق، حينما شدد على حق المغرب في التحاور مع جميع البلدان، كما أن من حق فرنسا وإسبانيا وأوروبا أن تتحاور مع كل العالم؛ مؤكداً أن «المهم هو أن نحسن تدبير التقارب الجغرافي ومستجدات العولمة، دون مركب نقص».
قبل أن يختم بمخاطبة الفرنسيين من خلال فيدرين قائلاً: «هناك مسؤولية ملقاة على عاتقكم بخصوص قضية الصحراء، وعليكم أن تحترمونا في هذا الملف».
وزيرا خارجية المغرب وفرنسا يعلنان حل «أزمة التأشيرات»
أزولاي: علاقتنا مع باريس ليست مبنية على حاجتنا إليها فهي أيضاً تحتاج إلينا
وزيرا خارجية المغرب وفرنسا يعلنان حل «أزمة التأشيرات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة