في تطور لافت أمس (الثلاثاء)، أعلنت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم أن الولايات المتحدة حققت اختراقا علميا في مجال الاندماج النووي. ووفقاً لها فإن هذا الاختراق «العظيم» في مجال الطاقة، سينهي الاعتماد على الوقود الأحفوري. إلا أن بعض الخبراء وجدوا أن الأمر سيستغرق عقودا لتحقيقه.
وقالت غرانهولم في مؤتمر صحافي في واشنطن إن الاختراق حدث «لأننا استثمرنا في مختبراتنا الوطنية وفي أبحاثنا... وغدا سنستمر في العمل من أجل مستقبل تكون فيه الطاقة بهذا الاندماج النووي».
وللتفسير، فإن الاندماج النووي هو العملية التي تندمج على إثرها نواتان ذريتان خفيفتان لتكونا نواة ذرية واحدة أثقل وزناً، ويصاحب هذه العملية انبعاث كميات هائلة من الطاقة. وتحدث تفاعلات الاندماج عندما تكون المواد في حالة تسمى بحالة البلازما، وهي حالة تتخذ المادة فيها شكل غاز ساخن مشحون مكون من أيونات موجبة وإلكترونات طليقة، وتتسم بخصائص فريدة تميزها عن الحالات الصلبة والسائلة والغازية.
وشرحت مجلة «ذي إيكونيميست» في تقرير أعدته، أن المادة المشتعلة في منشآت الإشعال الوطنية كانت عبارة عن بعض الكريات من خليط متجمد من الديوتيريوم والتريتيوم - نظائر الهيدروجين التي تحتوي على التوالي على نيوترون واحد واثنين من النيوترونات في نواتها بالإضافة إلى البروتون الفردي الذي يعتبر الخاصية النووية للهيدروجين. أما الهدف من الاندماج النووي والغرض الرئيسي منه، بحسب التقرير، هو البحث في فيزياء القنابل الهيدروجينية، التي تعمل عن طريق دمج نوى الديوتيريوم والتريتيوم لتكوين نوى هيليوم ونيوترون وبعض الطاقة.
وينتج مشروع مرفق الإشعال الوطني، الطاقة من الاندماج النووي عن طريق ما يعرف باسم «الاندماج بالقصور الحراري النووي»، ومن الناحية العملية، يطلق العلماء الأميركيون، كريات تحتوي على وقود الهيدروجين في مجموعة من 200 ليزر، مما يؤدي بشكل أساسي، إلى سلسلة انفجارات سريعة جداً، ومتكررة بمعدل 50 مرة في الثانية. ويتم استخراج الطاقة المجمعة من النيوترونات وجسيمات ألفا كحرارة، وهذه الحرارة هي أساس إنتاج الطاقة.
هل الاكتشاف سيكون مصدرا للطاقة؟
وشرح التقرير أن الضغط الناجم عن الحزم يتغلب على التنافر الكهربائي المتبادل لنوى الذرات الموجودة في الحبيبات، والتي تكون جميعها مشحونة بشكل إيجابي. وهو بذلك يدفع تلك النوى إلى مسافة قريبة بما يكفي من بعضها البعض لتتولى القوة الأساسية المختلفة، القوة النووية القوية التي تعمل فقط في نطاقات قصيرة.
وبحسب التقرير، فإن ما طوره الباحثون في منشآت الإشعال الوطنية هو إطلاق المزيد من الطاقة من الحبيبات المنفجرة أكثر مما تم إدخاله بواسطة أشعة الليزر الساقطة. وبعبارة أخرى، أشعل الباحثون شرارة نووية احترقت لفترة من الوقت من خلال الحبيبات بطريقة الاكتفاء الذاتي الأمر الذي لم يتحقق من قبل، ويمكن زيادته لإطلاق جزء أكبر بكثير من الطاقة الكامنة في محتويات الحبيبات.
إلا أن التقرير رأى أن هذا النهج لا يمكن أن يكون مصدراً للطاقة إلا إذا تجاوزت الطاقة المنبعثة تلك المستخدمة لتوليد حزم الليزر، مشيرا إلى أن أوجه القصور الهائلة التي ينطوي عليها إنشاء تلك الحزم تعني أن جزءاً صغيراً فقط من تلك الطاقة التوليدية يصل إلى الحبيبات.
وبالتالي، فسر التقرير أنه من غير المحتمل أن مستقبل قوة الاندماج يكمن في الحبس بالقصور الذاتي بواسطة الليزر. وحتى مع وجود أشعة ليزر أكثر حداثة من تلك المستخدمة بواسطة منشآت الإشعال الوطنية (التي افتتحت في عام 2009)، فإن عملية «ضخ» الجهاز لإنشاء الحزمة غير فعالة بطبيعتها، إذ لا تستخدم أي من المحاولات الكثيرة لتسويق الاندماج الحبس بالقصور الذاتي (inertial - confinement) بواسطة الليزر، يل يعتمد معظمها على توكاماك (tokamaks)، التي تقوم بتسخين خليط الديوتيريوم والتريتيوم في بلازما، بدلاً من تجميده في الحبيبات، والضغط مغناطيسياً.