أظهر المدافع أشرف حكيمي أعصاباً فولاذية وهو يتقدّم لتسجيل ركلة ترجيحية تاريخية للمغرب ضد إسبانيا، في حين كان سفيان أمرابط بمثابة الرئة التي يتنفس بها «أسود الأطلس» خلال المشوار الرائع في المونديال القطري.
وقاد حكيمي لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي، المولود في العاصمة الإسبانية مدريد، المغرب إلى مرحلة غير مألوفة في تاريخ مشاركات البلاد؛ إذ أصبح منتخب شمال أفريقيا أول فريق عربي يصل إلى دور الثمانية في كأس العالم، بانطلاقاته السريعة من الخلف للأمام بحضور ديناميكي متفجر. وللمفارقة فقد تدرب حكيمي مع منتخب إسبانيا على مستوى الشباب، قبل أن يحسم ولاءه لموطن والديه، وصرح لصحيفة «ماركا» الإسبانية قبل المباراة السابقة: «ذهبتُ إلى المنتخب الإسباني للتجربة لبضعة أيام، رأيت أنه لم يكن المكان المناسب لي، لم أشعر أنني في المنزل... لم يكن ذلك بسبب أي شيء على وجه الخصوص، ولكن في منزلي نتمتع بالثقافة العربية، لكوني مغربياً. لذا أردت أن أكون هنا».
لعبت هذه الروابط العائلية دوراً مهماً في المغامرة التاريخية للمغرب. وأثارت صورة حكيمي، 24 عاماً، وهو يقبل والدته في المدرجات بعد الفوز (2 – 0) على بلجيكا في دور المجموعات، ردود فعل طيبة على وسائل التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى حكيمي، وُلد العديد من اللاعبين الآخرين في بلاد أخرى، لكنهم اختاروا اللعب لبلد الآباء والأجداد. قال سفيان بوفال، المولود في باريس، بعد فوزه على إسبانيا: «بالنسبة لي، أمي هي أهم شيء في حياتي... بالطبع (كانت تبكي)، العواطف في هذه اللعبة تجعلك مجنوناً. دعم عائلتك هو أهم شيء».
ويتحدر حكيمي من عائلة متواضعة كانت تعيش في ضاحية خيتافي بمدريد، والدته تنظف المنازل، في حين كان والده بائعاً متجولاً.
وقال حكيمي في عام 2018: «أنا أقاتل كل يوم من أجلهم، لقد ضحوا بأنفسهم من أجلي، وحرموا إخوتي من أشياء كثيرة، لكي أنجح».
ظهر حكيمي لأول مرة مع المغرب في عام 2016، في حين كان لا يزال لاعباً في ريال مدريد الإسباني، حيث فاز بدوري أبطال أوروبا، لكنه لم يثبت نفسه بشكل كامل في الفريق الملكي لتتم إعارته لمدة عامين إلى بوروسيا دورتموند الألماني، ثم وقّع بشكل دائم مع إنتر الإيطالي. وبعد موسم قوي في إيطاليا فاز فيه بلقب الدوري، قام باريس سان جيرمان الفرنسي بضمّه في عام 2021. وبعد فوزه بلقب الدوري الفرنسي، وصل حكيمي مع المغرب إلى كأس العالم وهو مستعد لأداء المهمة التي يحتاجها الفريق على الرغم من مكانته كنجم.
وإذا كان حكيمي يظهر بدور القائد، فإن المنتخب المغربي يدين أيضاً بإنجازه التاريخي في مونديال قطر لسفيان أمرابط «الجندي المجهول».
منذ بداية المشوار العالمي لا يترك أمرابط، الرئة التي يتنفس بها «أسود الأطلس»، مكاناً في الملعب إلا ووُجد فيه، يساند الدفاع كثيراً ويقطع وينتزع الكرات من لاعبي المنتخبات المنافسة، يشكّل حلقة وصل بين الدفاع والهجوم ويؤكد حضوره بتموين زملائه بكرات متقنة للتهديف.
يلبّي أمرابط تماماً ما يطلبه منه المدرب وليد الركراكي، وما يزيد من أهمية تألقه، الحرية التي يمنحها له، والقتالية الرهيبة التي يخوض بها المباريات منذ البداية وحتى الثانية الأخيرة.
تألقه المستمر، زاد من اهتمام كبار الأندية في القارة العجوز بخدماته، أبرزها ليفربول الإنجليزي.
سفيان الذي يلعب لفيورنتينا الإيطالي، خاض المباراة «الملحمية» الأخيرة ضد إسبانيا بـ«حقنة مسكنة لآلام في الظهر أبقته مستيقظاً حتى الساعة الثالثة صباحاً ليلة المباراة». وعلق قائلاً: «لا يمكنني التخلي عن اللاعبين وبلدي».
قتالية سفيان ليست بغريبة على عائلة أمرابط، فشقيقه نور الدين أبان عنها خلال دفاعه عن ألوان «أسود الأطلس»، ولعل أبرزها مشهد إصابته برأسه في المباراة الأولى ضد إيران في مونديال روسيا، وتصميمه وإصراره على اللعب رغم معارضة الجهاز الطبي.
وقتها دخل مكانه شقيقه سفيان وخاض دقائق قليلة فقط كانت بمثابة انطلاقة لفرض نفسه أساسياً في تشكيلة الأسود بعد نهاية العرس العالمي الروسي؛ إذ أصبح لا غنى عنه في تشكيلة «أسود الأطلس»، وخاض حتى الآن 43 مباراة دولية، وتنتظره مباراة المغرب أمام البرتغال.
حكيمي «الفولاذي» وأمرابط «الموتور»... ركيزتا المغرب لمواصلة المغامرة
حكيمي «الفولاذي» وأمرابط «الموتور»... ركيزتا المغرب لمواصلة المغامرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة