مواجهات مذهبية في جنوب الجزائر تخلف 25 قتيلاً

استدعاء السفيرة الأميركية إلى وزارة الخارجية بسبب تقرير حول حقوق الإنسان

آلاف الجزائريين خرجوا أمس للمشاركة في مظاهرة للتنديد بالعنف والاقتتال في غرداية (إ.ب.أ)
آلاف الجزائريين خرجوا أمس للمشاركة في مظاهرة للتنديد بالعنف والاقتتال في غرداية (إ.ب.أ)
TT

مواجهات مذهبية في جنوب الجزائر تخلف 25 قتيلاً

آلاف الجزائريين خرجوا أمس للمشاركة في مظاهرة للتنديد بالعنف والاقتتال في غرداية (إ.ب.أ)
آلاف الجزائريين خرجوا أمس للمشاركة في مظاهرة للتنديد بالعنف والاقتتال في غرداية (إ.ب.أ)

في أعلى حصيلة منذ عامين، قتل 25 شخصا على الأقل في مواجهات بين عرب (المالكيين) وبربر (الإباضيين) في جنوب الجزائر عند تخوم الصحراء، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أمس.
وقالت الوكالة، إن 19 شخصا توفوا متأثرين بإصابتهم المختلفة، ما رفع عدد القتلى إلى 25 خلال المواجهات التي دامت يومين كاملين بين الشعانبة وهم من العرب، والمزابيين وهم من البربر، والتي أصيب فيها العشرات بجروح خطيرة، حسب مصادر طبية ومسؤولين محليين. كما تم إحراق منازل ومحلات تجارية وسيارات في منطقة غرداية، الواقعة على بعد 600 كلم جنوب الجزائر.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ترأس أمس، الأربعاء، اجتماعا عاجلا لبحث الوضع السائد في ولاية غرداية جنوب البلاد، على خلفية الصدامات المذهبية بين العرب والأمازيغ، التي تسببت في سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وكشفت مصادر في الرئاسة لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أن الاجتماع حضره رئيس الوزراء عبد المالك سلال، ونائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، ووزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، وتم البحث فيه الوضع بغرداية بعد الأحداث التي خلفت مقتل نحو 20 شخصا، وكثير من الجرحى بكل من غرداية وبريان.
وكانت الجولة الأخيرة من المواجهات قد وقعت الأسبوع الماضي، ما أدى إلى نشر قوات مكافحة الشغب، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وخلال هذه المواجهات تم تخريب ونهب مئات المنازل والمحلات التابعة للشعانبة في غرداية، منذ أن تراجعت العلاقات الجيدة بين العرب والبربر بالمنطقة في ديسمبر (كانون الأول) 2013، بسبب خلافات حول أملاك وتخريب معلم بربري تاريخي في الشهر نفسه.
وذكر تلفزيون «النهار» أن حصيلة المواجهات الدامية بين العرب والأمازيغ بولاية غرداية ارتفعت إلى 25 قتيلا خلال اليومين الأخيرين، مؤكدا أن أغلب الضحايا سقطوا بمدينة القرارة، بينما نقل تلفزيون «الشروق» عن مصدر أمني محلي قوله إن 19 قتيلا سقطوا صباح أمس (الأربعاء)، بينهم طفل يبلغ من العمر 15 عاما، إلى تسجيل جانب إصابات خطيرة في صفوف أفراد الأمن، وإنه يجري التحقيق في استخدام مدنيين لأسلحة نارية على نطاق واسع بمدينة القرارة.
كما أشار المصدر ذاته إلى أن وزير الداخلية نور الدين بدوي، وصل على عجل إلى مدينة غرداية على رأس وفد هام، وأن قوات من الصاعقة، التابعة لجهاز الدرك الوطني الذي يتبع وزارة الدفاع، وصلت إلى مدينة القرارة.
ووصفت المصادر مواجهات ليلة الأربعاء بأنها الأعنف منذ اندلاع المصادمات المذهبية بغرداية في نهاية 2013، لافتة إلى أن التطور الخطير فيها هو استخدام الأسلحة النارية.
وكانت وزارة الدفاع أفادت مساء أول من أمس في بيان لها بأن الجيش قرر التدخل في محاولة لإنهاء النزاع المذهبي في غرداية، موضحة أن قائد الناحية العسكرية الرابعة (التقسيم العسكري الذي يضم غرداية ومناطق مجاورة أخرى)، اللواء الشريف عبد الرزاق، تنقل إلى مدينة غرداية للوقوف الميداني على الوضع السائد، وعقد على الفور اجتماعا لضبط الخطة الأمنية، وتنسيق الجهود، قصد تفادي تكرار مثل هذه التجاوزات الخطيرة، واستعادة الأمن والاستقرار بمنطقة غرداية، كما اجتمع مع كل الأطراف المعنية بعملية التهدئة واستتباب الأمن والطمأنينة بالمنطقة.
ولم تكشف الوزارة عن تفاصيل الخطة الأمنية، غير أن مصادر إعلامية أشارت إلى وصول تعزيزات أمنية عسكرية لمختلف ثكنات غرداية، تحسبا لدخول الجيش ساحة العمليات وانتشاره بها.
وعلى صعيد غير متصل، استدعت وزارة الخارجية الجزائرية أمس سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر جوان بولاشيك على خلفية التقرير الأميركي حول حقوق الإنسان لعام 2014، إذ صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عبد العزيز بن علي الشريف بأنه بعد نشر بيان لوزارة الشؤون الخارجية إثر التقرير حول وضع حقوق الإنسان في العالم لسنة 2014 تم استقبال سفيرة الولايات المتحدة لدى الجزائر جوان بولاشيك بالوزارة، موضحا أنه تم اطلاع السفيرة الأميركية بشأن رأي الحكومة الجزائرية حول هذا التقرير وتقييمها له. وكانت الجزائر قد هاجمت، الاثنين، بشدة تقرير الخارجية الأميركية الذي تناول في الجزء المخصص للجزائر، ما سماه بعنف الشرطة وعدم معاقبة أفراد الأمن، واعتقال وحجز تعسفي لناشطين، واللجوء إلى التعذيب والتزوير في انتخابات الرئاسة التي جرت في أبريل (نيسان) 2014، وأفرزت عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لولاية رابعة.
وقالت الخارجية الجزائرية في بيان إن «الوثيقة التي أصدرتها الخارجية الأميركية مؤخرا إنما تعد فيما يتعلق بالجزائر امتدادا لتوجه بيروقراطي يميل لاستنساخ صور نمطية ومراجع بالية وتقييمات مغرضة واستنتاجات مفرطة في التبسيط».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.