جهود لحماية المقتنيات الفنية الغالية من المخربين

أحد أفراد طاقم الأمن في متحف ليوبولد يوقف متظاهراً (أ.ب)
أحد أفراد طاقم الأمن في متحف ليوبولد يوقف متظاهراً (أ.ب)
TT

جهود لحماية المقتنيات الفنية الغالية من المخربين

أحد أفراد طاقم الأمن في متحف ليوبولد يوقف متظاهراً (أ.ب)
أحد أفراد طاقم الأمن في متحف ليوبولد يوقف متظاهراً (أ.ب)

يرى هانز بيتر ويبلنغر، مدير متحف ليوبولد في فيينا، أن الأسابيع القليلة الماضية كانت حافلة بالتحديات. في الوقت الذي صعد فيه المحتجون في أوروبا من هجماتهم ضد الفن، اتخذ ويبلنغر تدابير لحماية مجموعة المقتنيات الغالية في مختلف طوابق التحف، التي تضم لوحات شهيرة لغوستاف كليمت وإيغون شيلي. حُظرت الحقائب، وكذلك المعاطف. واستعان المتحف بحراس إضافيين للقيام بدوريات في الطوابق الخمسة.
لم ينجح الأمر. وفي الأسبوع الماضي، دخل أعضاء من جماعة تُسمى «الجيل الماضي» إلى المتحف وألقوا سائلاً أسود اللون على أحد الأعمال الرئيسية للفنان كليمت بعنوان «الموت والحياة». وقال ويبلينغر إن متظاهراً أدخل السائل خلسة إلى المتحف في زجاجة مياه ساخنة معلقة على صدره.
ولم يصب «كليمت»، المحمي بالزجاج، بسوء. لكن ويبلنغر قال، إن فريقه الأمني ما كان ليتمكن من وقف الهجوم إلا بإخضاع الزائرين لتفتيش جسدي مزعج، «كما يجري في المطارات». وأضاف أنه لا يريد حتى التفكير في هذا الاحتمال.
وتابع ويبلنغر: «إذا بدأنا مثل هذه الإجراءات مع الزائرين، فسوف تنتهي الفكرة الكاملة حول ماهية المتحف، إذ إنه مكان لا بد أن يكون دائماً مفتوحاً أمام الناس»، موضحاً: «لا يمكننا صرف أعيننا عن هذه الكينونة».

فنيون في باريس ينظفون تمثال تشارلز راي بعد تلطيخه بطلاء برتقالي (إ.ب.أ)

مع عدم وجود أي إشارة على تراجع الهجمات، يستقر رأي مديري المتاحف في جميع أنحاء أوروبا على توازن جديد بالغ التوتر، إذ يخشون على المقتنيات الخاضعة لرعايتهم، لكنهم غير مستعدين للتنازل عن الترحيب الدائم والارتياح لدى الزائرين. وحتى الآن، لم يلحق التلف بأي شيء بصفة دائمة. لكن يخشى كثيرون وقوع حادثة، أو تصعيداً في أساليب المحتجين، قد يسفر عن تدمير إحدى التحف الفنية.
الحقيقة أن هذه الأفعال، التي بدأت في بريطانيا، يونيو (حزيران)، باتت تزداد من حيث تواترها وجرأتها. في البداية كان المحتجون يلصقون أنفسهم بأطر اللوحات الفنية الشهيرة، لكن منذ لقطات الناشطين وهم يرشون لوحة «زهرة عباد الشمس» لفان غوخ بحساء الطماطم، التي سرعان ما ذاعت عبر مختلف المنصات الاجتماعية في الشهر الماضي، غُمرت مختلف الروائع الفنية بحساء البازلاء، والبطاطا المهروسة، والطحين.
كانت جميع تلك الأعمال محمية بالأطر الزجاجية، ولم تنجح مقذوفات المتظاهرين في المساس بأنسجة لوحات الفنانين. ومع ذلك، يوم الجمعة الماضي، صب متظاهرون في باريس الطلاء البرتقالي مباشرة على منحوتة فضية من أعمال الفنان تشارلز راي، خارج المساحة المخصصة للفنون المعاصرة في «بورصة التجارة».
وفي بيان، صدر في وقت سابق من الشهر الحالي، وقع عليه قادة أكثر من 90 من أكبر المؤسسات الفنية في العالم، بما في ذلك دانييل فايس، المدير التنفيذي لمتحف «متروبوليتان»، وغلين لوري من متحف «الفن الحديث» في نيويورك، قال مسؤولوها إنهم «تأثروا بشدة» من «تعريض» المحتجين للأعمال الفنية للخطر. وأضاف البيان، أن الناشطين «يقللون بشدة من هشاشة هذه الأشياء التي لا يمكن تعويضها».
ولكن، على ما يبدو فإن عدداً قليلاً من المتاحف اتخذ خطوات جريئة لحماية مقتنياته. فقد حظر متحف «النرويج الوطني» رفقة متحف «باربيريني» في بوتسدام بألمانيا الزائرين، مثل متحف «ليوبولد»، من اصطحاب الحقائب أو السترات إلى قاعات العرض في المتاحف. ولم تُجرِ متاحف أخرى أي تغييرات. وفي لندن، لا يزال الزائرون يصطحبون الحقائب في جولات المتاحف، بما في ذلك المتحف الوطني، ومتحف «تيت بريطانيا»، ومتحف «تيت مودرن»، و«المتحف البريطاني». وتفحص المتاحف الأربعة الحقائب قبل الدخول، بيد أن عمليات التفتيش غالباً ما تكون سريعة. وفي متحف «تيت بريطانيا» يوم الجمعة الماضي، سمح حراس الأمن للعديد من الزائرين بالدخول من دون النظر إلى حقائبهم.
وتحدث ويبلنغر، من متحف «ليوبولد» قائلاً، «قد يمكن تحقيق القليل من وراء فحص الحقائب، لأنه من السهل إخفاء عناصر مثل أنابيب الغراء، وإذا أراد شخص مهاجمة قطعة فنية، فسيجد وسيلة لذلك».
ومع عزوف المتاحف عن التحرك، شرع الساسة في التدخل. صرح جينارو سانغوليانو، وزير الثقافة الإيطالي، يوم الأحد، في بيان صحافي، بأن وزارته تبحث الإجراءات التي يمكن اتخاذها، بما في ذلك اشتراط تغطية جميع اللوحات الفنية في متاحف إيطاليا بالزجاج. وأضاف أن مثل هذا البرنامج سيكون مُكلفاً، مما يسفر عن زيادة في رسوم الدخول إلى المتحف نتيجة لذلك.
وقال ويبلنغر، إن موظفيه واصلوا حماية المقتنيات الفنية بالأطر الزجاجية طوال عقود، لكن لا يمكنهم فعل ذلك بسرعة كبيرة لكل قطعة متبقية. وستكون تكلفة الزجاج غير العاكس باهظة جداً.
وكان روبرت ريد، رئيس قسم الفنون في شركة «هيسكوكس» للتأمين، قد نصح عملاء المتحف بوضع المزيد من الأعمال في مجموعاتهم الفنية خلف الزجاج، لكن سياسات «هيسكوكس» لم تتطلب ذلك. على سبيل المثال، قطعة من الفن المعاصر لا يمكن ببساطة وضعها داخل إطار زجاجي، حسب قول ريد.
أحياناً يكون الحاجز القائم بين اللوحة والجمهور مناوئاً لروح العمل. قالت مابل تابيا، نائب المدير الفني لمتحف «رينا صوفيا» في مدريد، إنها لن تسمح أبداً بعرض أبرز هذه المجموعة، تحفة بيكاسو «غيرنيكا» لعام 1937 المناهضة للحرب، خلف الزجاج. وأضافت: «كانت رمزاً للحرية، ولمحاربة الفاشية». وتابعت، أنها أعادت نشر حرس الأمن أخيراً، حتى يتمكنوا من التركيز على الأعمال عالية المستوى، وهو ما تفعله عادة في أوقات الاحتجاج، لكنها شعرت بأن هناك القليل مما يمكنها فعله. وأضافت: «الإجراء الوحيد الذي قد يؤدي إلى نتيجة ما هو إغلاق المتحف، ونحن لن نفعل ذلك»، مشيرة إلى أن المتاحف هي أماكن يجتمع فيها الناس للتفكير في القضايا المهمة: «نحن بحاجة إلى إبقائها مفتوحة».
واستطر ريد، من شركة التأمين قائلاً: «ليس هناك حل سحري» للتعامل مع الاحتجاجات، وكان مديرو المتاحف يأملون في أن يظل المحتجون «مهذبين من ليبراليي الطبقة المتوسطة»، الذين اتخذوا خطوات لتجنب إلحاق الضرر الدائم بالمقتنيات.
أما فلوريان واغنر (30 عاماً)، عضو جماعة «الجيل الماضي» الذي ألقى بخليط السائل الأسود على لوحة كليمت في متحف «ليوبولد»، فقال عبر الهاتف، إنه كان يعرف قبل الاحتجاج أن العمل الفني محمي بالزجاج. وأضاف أنه تدرب على هذه «الفعلة» 5 مرات في منزله، وأنه كان مقتنعاً بأنها لن تشوه اللوحة. وأوضح: «نحن لا نحاول تدمير القطع الفنية الجميلة، وإنما إحداث صدمة للناس ودفعهم إلى التحرك بشأن تغير المناخ». وأفاد بأنه لن يُنظم أي احتجاجات جديدة، قائلاً: «أعتقد أنني أعربت عن وجهة نظري، وأنا واثق من أن الآخرين في النمسا، وفي جميع أنحاء أوروبا، سيواصلون احتجاجهم، ولن تتوقف إلا عندما تتحرك الحكومات لحل هذه الأزمة».
* خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.