التضامن النسائي يغطي الجريمة ويلطّف الموت

الموسم الأخير من «Dead To Me» يترك باب النهاية موارباً

كريستينا آبلغايت وليندا كارديليني بطلتا مسلسل «Dead To Me» (نتفليكس)
كريستينا آبلغايت وليندا كارديليني بطلتا مسلسل «Dead To Me» (نتفليكس)
TT

التضامن النسائي يغطي الجريمة ويلطّف الموت

كريستينا آبلغايت وليندا كارديليني بطلتا مسلسل «Dead To Me» (نتفليكس)
كريستينا آبلغايت وليندا كارديليني بطلتا مسلسل «Dead To Me» (نتفليكس)

بعد سنتين ونصف السنة من الانتظار، يعود مسلسل Dead To Me (ميت بالنسبة لي)، في موسمه الثالث والأخير، إلى منصة «نتفليكس»، ليثبت مرة أخرى أن التوازن بين الكوميديا والدراما أمر ممكن، وقد تنتج عنه خلطة ناجحة.
كما في جزأيه السابقين، يقدّم الموسم الجديد بحلقاته العشر مفهوم «الدراميديا» بأفضل أسلوب، فلا يهمل الضحكة لمصلحة الدمعة، والعكس صحيح. تقود سيمفونيةَ المزاح والجدّ هذا، ممثلتان رفعتا المسلسل إلى المراتب الأولى. بالكيمياء التي تجمع بينهما خلف الكاميرا وأمامها، تشكّل كريستينا آبلغايت (بدور جين)، وليندا كارديليني (بدور جودي) ثنائياً آسراً يخفف من وطأة الجريمة المخيّمة فوق القصة.
بين المرأتين دماء كثيرة، جودي دهست هي وصديقها ستيف، زوج جين عن طريق الخطأ فأردياه قتيلاً، ثم تقرّبت من جين؛ في مسعى للتعويض والتكفير عن ذنبها، لكنّ اكتشاف جين الحقيقة باعَد بين الصديقتَين، لتعود المياه إلى مجاريها بعد أن قتلت جين حبيب جودي السابق ستيف، خطأً أيضاً.
حدث ذلك خلال الموسمين السابقين، أما في الموسم الحالي فقد تعمّقت الصداقة بين جين وجودي الساعيتين إلى التستّر على جريمتَيهما والهروب من العقاب.
تقول كاتبة العمل ليز فيلدمان إن «المسلسل ليس عن الجريمة والعقاب، بل عن الحِداد والصداقة»، فرغم الدماء التي من المفترض أن تفرّق بينهما، يبدو القدر مصمماً على الجمع بين جين وجودي، لتصبح الواحدة بمثابة عائلة للثانية. تلوّن الكوميديا السوداء هذه الصداقة، فتضع كل ما هو قاتم في الخلفية لتتصدر المشهدَ إيجابيات العلاقات الإنسانية الصادقة والقائمة على الحب والتسامح.


آبلغايت وكارديليني مع الكاتبة ليز فيلدمان في كواليس التصوير (نتفليكس)
علّمت جودي المُحبّة والمعطاءة، جين القاسية والحانقة، معنى التسامح. وقد بلغ هذا الدرس ذروته في أحد مشاهد الحلقة الأخيرة، حيث تعثر البطلتان على السيارة التي صدمت زوج جين. تقدّم جودي عصا غولف، عارضةً على جين تحطيم السيارة، فتجيبها: «كيف أكرهها وأحطمها؟! لقد جلبتني إليكِ». مَن كان سيتصوّر هذا المشهد السريالي في الموسم الأول؟
لم تتوطّد تلك العلاقة بسبب الغاية المشتركة في الهروب من العقاب، فعناصر من نوع آخر أسهمت في تعميقها. واجهت جودي وجين مجموعة من التحديات التي لا تدرك معناها سوى النساء؛ من سوء المعاملة الذي تعرضت له جودي على يد صديقها ستيف، مروراً بخيانة زوج جين لها وخضوعها لعملية استئصال الثديين للوقاية من مرض السرطان، وليس انتهاءً بمعاناة جودي مع العقم وعدم تمكّنها من تحقيق حلم الأمومة.
يداً بيد، تحاول الصديقتان ترويض المعاناة وتجد الواحدة دواءها في الأخرى، إلا أن التضامن النسائي يبلغ مستوى غير مسبوق في حلقات الموسم الثالث، حيث تصاب جودي بالسرطان ولا تجد بقربها سوى جين لمرافقتها في رحلة العلاج والألم. تشكّل تلك التجربة فرصة لشفاء جين من جرح قديم، فهي خسرت والدتها بالمرض نفسه، غير أنها لم تدعمها آنذاك. وبوقوفها إلى جانب جودي، فهي تتخفف من ذلك الذنب وتتصالح مع ماض أليم.
أما عقدة عدم التمكّن من الإنجاب التي تؤرق حياة جودي، فتُحَل من خلال تجربة الأمومة التي تعيشها باحتراف مع ابنيْ جين، لتعوّض باهتمامها وعاطفتها غياب والدتهما. وتبقى إحدى مفاجآت الموسم الكبرى حمل جين من بِن؛ وهو شقيق ستيف التوأم. في الـ47 من عمرها تجد المرأة نفسها حاملاً، فترتبك وتحاول إخفاء الأمر، لكنها بتشجيع من صديقتها تفاتح والد الطفل بالموضوع.

من المفارقات التي طبعت الموسم الثالث أنه وفي منتصف رحلة التصوير، اكتشفت الممثلة كريستينا آبلغايت إصابتها بمرض التصلّب اللويحي (Multiple Sclerosis). هي التي كان من المفترض أن تقف إلى جانب صديقتها المريضة تمثيلاً، وجدت نفسها تصل إلى مواقع التصوير على كرسيّ متحرّك أو متكئةً على عصا. رفعت تلك الظروف الصحية المستجدة من منسوب العواطف في كواليس المسلسل، كما وطّدت العلاقة أكثر بين آبلغايت، وزميلتها ليندا كارديليني، مما انعكس مزيداً من الكيمياء على الشاشة.
غير أن هذا التضامن النسائي المتين لا يقتصر على جين وجودي، ولا يتوقف عند اعتراف جودي بقتل ستيف من أجل إنقاذ صديقتها، بل تدعّمه كتيبة من المساعِدات اللاتي يتآمرن على الظروف، كل وفق إمكاناتها. في طليعة أفراد شبكة الدعم تلك، تقف الشرطية آنا بيريز التي تحقق في مقتل ستيف. في سرديّة بعيدة عن المنطق، نراها تحمي جين من القانون والسجن، تخاطر بمهنتها ومستقبلها لتغطّي فعلتها، مع أن الأمر يصبح أصعب بعد اكتشاف جثة ستيف مدفونة في إحدى الغابات، ومن المرجح أن يكون مقتل والدتها على يد زوجها، فيما كانت تحميها منه طفلةً، قد حفّز آنا على ذلك التصرّف المستغرب.
ومن النساء الداعمات والدة جودي إليانور الخارجة للتوّ من السجن والساعية لمرضاة ابنتها من خلال مساعدتها في الهروب إلى الحرية، في حين أن السرطان ينهش آخِر أيام حياتها. وتنضم إلى الكتيبة الجارة كارن التي تساعد جين وجودي دون أن تدري، بمجرد أن تمحو الصور التي وثّقتها كاميرات المراقبة في منزلها، لأحداث الليلة التي قتلت جين ستيف خلالها، كما أنها تعود لتحذّرها من أن بيتها مراقَب من قِبل عنصر أمني.


تتقدم النساء في المسلسل عموماً وفي الموسم الثالث خصوصاً، على الرجال الذين يقفون في الصفوف الخلفية، إما جثثاً، أو سجناء، أو شرطيين عاجزين عن إنجاز عملهم.
في إحدى المقابلات معها تقول الكاتبة فيلدمان إن أحد أسباب تعلّق الناس بالمسلسل هي النهايات غير المتوقعة التي تترك المشاهد مترقباً، وهكذا هي الحال في هذا الموسم، الذي لا توحي نهايته المفتوحة على احتمالات كثيرة بأنه الأخير، فلا شيء يؤكد أن جودي ماتت فعلاً، أما علاقة جين وبِن فمتوقفة عند الجملة التي تقفل بها البطلة المسلسل: «بن، يجب أن أخبرك شيئاً…».


مقالات ذات صلة

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

الاقتصاد تستهدف «بوني» تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي (موقع الشركة)

«بوني» الصينية المدعومة من «نيوم» السعودية تسعى لجمع 260 مليون دولار في طرحها بأميركا

قالت شركة «بوني إيه آي»، الأربعاء، إنها تستهدف تقييماً يصل إلى 4.55 مليار دولار في طرحها العام الأولي الموسع في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة سعودية البطولة اختتمت بمشاركة 93 من أفضل المتسلقين من 31 دولة (الشرق الأوسط)

93 لاعباً يشعلون منافسات «نيوم ماسترز» لرياضة التسلق

اختتمت الأربعاء فعاليات بطولة «نيوم ماسترز لرياضة التسلق»، بمشاركة 93 لاعباً من أفضل المتسلقين من 31 دولة، في أجواء استثنائية شهدتها قرية نيوم الجبلية في جدة.

«الشرق الأوسط» (نيوم)
الاقتصاد المهندس أيمن المديفر

تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً لـ«نيوم»

أعلن مجلس إدارة شركة «نيوم» تعيين المهندس أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً مكلفاً للشركة، وذلك بعد مغادرة نظمي النصر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد تصميم يُظهر جانباً من مشروع «ذا لاين» في مدينة «نيوم» السعودية (الشرق الأوسط)

«نيوم» السعودية تعيّن 3 شركاء عالميين لإنجاز المرحلة الأولى من «ذا لاين»

أعلنت «نيوم»، الاثنين، تعيين 3 شركاء عالميين رائدين لتسليم المخطط الأساسي والتصاميم والأعمال الهندسية الخاصة بالمرحلة الأولى من مدينة «ذا لاين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية جانب من تتويج «الزلاق» البحريني للسيدات (نيوم)

«ألعاب نيوم الشاطئية»: الجماهير تشعل منافسات «الجولة العالمية - 3×3 لكرة السلة»

شهدت «بطولة نيوم للألعاب الشاطئية» ختام فعاليات «الجولة العالمية 3x3 لكرة السلة - نيوم 2024»، بتتويج فريق ميامي بلقب الرجال، وفريق الزلاق البحريني بلقب السيدات.

عبد الله المعيوف (نيوم (غرب السعودية))

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».