بين رقصات فرق الفنون الشعبية المصرية في الساحات العامة، ونغمات الموسيقى المختلطة بضحكات وحوارات بلغات مختلفة، تعيش مدينة شرم الشيخ المصرية، حالياً، فترة من الزخم السياحي، تزامناً مع فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول المناخ (كوب27)، المنعقد حالياً في المدينة الساحلية المطلة على البحر الأحمر.
وطوال الأسبوعين الماضيين اكتظت المدينة الساحلية، بحضور المؤتمر من كل أنحاء العالم؛ ما أدى إلى نسب إشغال فندقية «مرتفعة»، بحسب مصدر بوزارة السياحة والآثار المصرية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، مضيفاً: «المشاركون في المؤتمر، إلى جانب الأفواج السياحية العادية، شكلوا انتعاشة للسياحة في المدينة مع بداية الموسم الشتوي».
هذا الزخم يمكن ملاحظته فور أن تحط طائرتك في مطار شرم الشيخ الدولي، لتندمج وسط أفواج من الزوار، بعضهم جاء بهدف السياحة، والآخر، وهو «الأغلب»، جاء للمشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي، الذي سجل الحضور به نحو 40 ألف شخص، وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة.
وكان خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، قد أشار في تصريحات صحافية أخيراً، إلى ما وصفها بـ«حالة الرواج السياحي» في شرم الشيخ، تزامناً مع مؤتمر المناخ. وقال إن «عدد زوار المدينة تجاوز 50 ألفاً بين سياح ومشاركين في (كوب27)».
وحرص المسؤولون المشاركون في مؤتمر المناخ، على استغلال أوقات الفراغ البسيطة بين جلسات المؤتمر لمشاهدة معالم المدينة، واحتفى رواد مواقع التواصل الاجتماعي بصورة لجون كيري، مبعوث الرئيس الأميركي للمناخ، وهو في نزهة بحرية على هامش المؤتمر.
بينما أعربت مونيكا ميدينا، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، عن «إعجابها بجمال الطبيعة البحرية والشعاب المرجانية في شرم الشيخ»، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها «استمتعت بالدقائق البسيطة التي توفرت لها، على جدول أعمالها المزدحم، لمشاهدة البحر الأحمر».
ونشرت رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية، عبر حسابها الخاص على «إنستغرام»، مقطع فيديو، وهي تضع قدميها في مياه البحر الأحمر، واصفة إياها بـ«المياه الشافية» بعد أيام من العمل الشاق في المؤتمر.
وشهدت الساحات العامة، في الممشى السياحي بخليج نعمة، والسوق القديم، وغيرها إقبالاً لافتاً من حضور المؤتمر مع حلول المساء، وانتهاء الفعاليات الرسمية، لتزدحم المطاعم والمقاهي، وتعج الساحات بالراغبين في الاستمتاع بجمال المدينة، أو متابعة عروض فرق الفنون الشعبية المصرية، التي قدمت عروضها في الساحات العامة، كجزء من الفعاليات الترفيهية على هامش المؤتمر.
محمد عبد الله، سائق تاكسي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «فترة المؤتمر تشهد رواجاً في سوق العمل بالنسبة له»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من توفير الحكومة المصرية وسائل نقل جماعية مجانية من وإلى مركز المؤتمرات، فإن حركة المشاركين به لم تقتصر على استخدام هذه الوسائل، بل على العكس، وفرت فرصة له، ولغيره من سائقي التاكسي، للعمل على مدار الساعة»، ويخشى عبد الله أن «يتوقف العمل بعد انتهاء المؤتمر، لا سيما أن معظم زبائنه من المشاركين به».
لكنه في الوقت نفسه يأمل في أن «يسهم المؤتمر، بما أحدثه من دعاية سياحية للمدينة، في جذب مزيد من الزوار في الموسم الشتوي»، مشيراً إلى أن «الأشهر القليلة المقبلة ستكشف عن نتائج الفعاليات المناخية على المدينة».
من جانبه، اعتبر محمد كارم، الخبير السياحي، مؤتمر المناخ بمثابة «دعاية مجانية»، لشرم الشيخ، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «آثار المؤتمر ستنعكس على موسم السياحة الشتوي في المدينة».
واعتادت شرم الشيخ وغيرها من مدن البحر الأحمر وسيناء، أن تشهد إقبالاً سياحياً في فصل الشتاء، لا سيما مع اعتدال درجات الحرارة بها، مقارنة بمدن أوروبا الباردة في الشتاء، وهو ما يؤكده سعيد عثمان، عامل في أحد فنادق المدينة، بقوله إن «فصل الشتاء هو موسم السياحة في شرم»، لافتاً إلى أنه «قبل بدء مؤتمر المناخ، كان معظم زوار المدينة من العرب والمصريين، لكن الوضع تغير الآن مع تنوع جنسيات المشاركين في (كوب27)».
وتضرر قطاع السياحة في مصر، من تبعات جائحة «كوفيد - 19»، والأزمة الروسية - الأوكرانية، وتسعى مصر لزيادة عائدات السياحة إلى 30 مليار دولار سنوياً، وهو رقم يتجاوز 3 أضعاف العائدات الحالية، حيث بلغت عائدات العام الماضي (2021) نحو 8.9 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك المركزي، وأكثر من ضعف عائدات السياحة عام 2019، التي وصلت إلى13 مليار دولار، وفقاً للبيانات الرسمية.