مساع لتشكيل محكمة دولية للمتورطين في إسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا

الانفصاليون الموالون للروس ينسحبون من بلدة استراتيجية.. والجيش يعتبرها خدعة

سكان يقفون في طابور عند مركز لتوزيع المواد الغذائية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (رويترز)
سكان يقفون في طابور عند مركز لتوزيع المواد الغذائية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (رويترز)
TT

مساع لتشكيل محكمة دولية للمتورطين في إسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا

سكان يقفون في طابور عند مركز لتوزيع المواد الغذائية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (رويترز)
سكان يقفون في طابور عند مركز لتوزيع المواد الغذائية في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا أمس (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتيه أن حكومة بلاده تسعى للحصول على تأييد حلفاء سياسيين لتشكيل محكمة تابعة للأمم المتحدة لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في إسقاط طائرة الركاب الماليزية فوق منطقة يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا في شرق أوكرانيا في يوليو (تموز) 2014. وأضاف روتيه أن إنشاء محكمة دولية سيعطي «أفضل ضمان لتعاون جميع البلدان»، سعيًا لتحقيق العدالة من أجل عائلات 298 شخصا قتلوا في الحادث معظمهم هولنديون.
وقال دبلوماسيون إن ماليزيا وهي واحدة من خمس دول في فريق مشترك تقوده هولندا يحقق في الحادث أبلغت مجلس الأمن الدولي أول من أمس أنها تعتزم العمل من أجل تشكيل محكمة تدعمها الأمم المتحدة، على الرغم من أن روسيا وصفت هذا الإجراء بأنه سابق لأوانه. وقال روتيه بعد اجتماع أسبوعي مع حكومته التي تنتمي ليمين الوسط إنه «لا يوجد طريق يعتبر مثاليا بنسبة 100 في المائة لكن هذا هو الطريق الأكثر تفضيلا». وأضاف: «لدينا أيضا خطة بديلة إذا لم ينجح هذا التوجه محليا أو دوليا لكن هذا هو الطريق الذي سيكون الأفضل وهذا هو السبب في أننا نطرقه أولا». وامتنع روتيه عن التعليق على المكان الذي ستعقد فيه المحكمة أو مدى أهمية أن تتعاون روسيا التي تملك حق النقض في مجلس الأمن الدولي.
وتنفي روسيا أي ضلوع في الصراع الدائر في شرق أوكرانيا حيث يقاتل انفصاليون مؤيدون لروسيا الحكومة الأوكرانية. وقالت موسكو إن مقاتلة أوكرانية أسقطت الطائرة الماليزية ونفت نظرية تلقي تأييد على نطاق واسع بأن انفصاليين أسقطوا الطائرة بصاروخ زودتهم به روسيا. وتقود هولندا التحقيق الجنائي الذي تساعد فيه أيضا بلجيكا وأستراليا وأوكرانيا. ومن المقرر أن تصدر هيئة السلامة الهولندية تقريرا نهائيا عن الحادث في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
في شأن متصل بالوضع في أوكرانيا، أكد الجيش الأوكراني أمس انسحاب الانفصاليين الموالين لروسيا من بلدة شيروكيني الاستراتيجية الواقعة قرب مرفأ ماريوبول في جنوب شرقي البلاد، غير أن الجنود الأوكرانيين يشككون بالخطوة معتبرين أنها خدعة. وأعلن متحدث باسم الجيش الأوكراني أن «المتمردين غادروا بلدة شيروكيني المدمرة» التي تقع على بعد عشرات الكيلومترات من ماريوبول، أكبر مدينة لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية ومسرحا لمعارك عنيفة منذ أشهر عدة. وقال: «لقد انسحبوا إلى الشرق باتجاه بلدتي ساخانكا وبيزيميني»، مؤكدا ما أعلنه المتمردون أول من أمس.
بدورها، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن الجنود الأوكرانيين الموجودين في المنطقة قولهم إن هذا الانسحاب «تكتيكي» وإن الاشتباكات قد تستأنف في أي وقت. وقال نائب قائد كتيبة دونباس، معرفا عن نفسه باسمه العسكري «سيدوي» إن المتمردين «سحبوا القوات الدائمة التي لا تأثير لها على الوضع. هناك دائما خطر وقوع هجوم بالدبابات والمدفعية المتمركزة على مقربة من هنا». وأكد أن «المتمردين لا يحترمون أبدا اتفاقات مينسك التي تنص على سحب الأسلحة الثقيلة»، في إشارة إلى اتفاقات السلام الموقعة في فبراير (شباط) الماضي بوساطة فرنسية ألمانية وبحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبالنسبة إلى بافلو، العضو الآخر في كتيبة دونباس التابعة لوزارة الداخلية الأوكرانية، فالأمر خدعة من المتمردين. وقال إن «هذه ليست هدنة، هم يستعدون (لهجوم) ونحن مستعدون» لصدهم.
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، إن فشل أوكرانيا في الاتفاق مع المتمردين لتنفيذ اتفاق السلام «ينذر بالخطر» ويحض الغرب على ممارسة الضغط على كييف. وأضاف لافروف للصحافيين أن «الوضع ينذر بالخطر لأننا نشهد تحولا إذا صح التعبير. لقد أثبتت السلطات الحالية في كييف مرارا عدم قدرتها على التوصل إلى اتفاق». وحذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في أواخر يونيو (حزيران) الماضي من مخاطر «تجدد القتال العنيف» لأن «روسيا تواصل دعم الانفصاليين».
وتتهم كييف والغرب الكرملين بتزويد الانفصاليين في شرق أوكرانيا أسلحة بالإضافة إلى إرسالها قوات. لكن موسكو تنفي أي تورط مباشر لها في الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 6500 شخص منذ أبريل (نيسان) 2014.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.