عون يعد لمسيرة احتجاجية.. وبري يتحالف مع «المستقبل» لصده

حزب الله يضغط على حليفيه لمنع تفاقم الخلاف بينهما

نبيه بري يجلس بجوار ميشال عون خلال اجتماع سابق للقوى السياسية اللبنانية عقد في الدوحة عام 2008 (غيتي)
نبيه بري يجلس بجوار ميشال عون خلال اجتماع سابق للقوى السياسية اللبنانية عقد في الدوحة عام 2008 (غيتي)
TT

عون يعد لمسيرة احتجاجية.. وبري يتحالف مع «المستقبل» لصده

نبيه بري يجلس بجوار ميشال عون خلال اجتماع سابق للقوى السياسية اللبنانية عقد في الدوحة عام 2008 (غيتي)
نبيه بري يجلس بجوار ميشال عون خلال اجتماع سابق للقوى السياسية اللبنانية عقد في الدوحة عام 2008 (غيتي)

تتكثف الاجتماعات في مقر إقامة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في منطقة الرابية، شرق بيروت، لبلورة خطة محددة للتعامل مع المرحلة الحالية بعد تجاهل رئيس الحكومة تمام سلام وتيار المستقبل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لمطالبه التي يؤيده فيها حزب الله، وأبرزها وضع ملف التعيينات الأمنية بندا أول على جدول أعمال أي جلسة مقبلة لمجلس الوزراء، ورفض البت بأي ملف آخر حتى تعيين قائد جديد للجيش يدفع عون ليكون صهره قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز.
ويستقبل عون اليوم السبت مناصريه الذين سيتوافدون من منطقة الجنوب بعد أن كان قد استقبل في الأسابيع الماضية مناصريه من أقضية أخرى، وهو يُعد بحسب أحد القياديين في تياره لـ«حركة شعبية كبيرة دعما لمواقفه وللاحتجاج على ممارسات الفرقاء الآخرين الذي يتمادون بضرب مبدأ الشراكة».
وقد بدأ المعنيون في تيار عون بالتحضيرات العملية للتحركات الشعبية المرتقبة بالتزامن مع «مساعٍ يبذلها حزب الله لاستيعاب أي تطورات دراماتيكية ولمحاولة إيجاد المخارج بعيدا عن الشارع»، وهو ما كشفته مصادر في قوى 8 آذار لـ«الشرق الأوسط» أشارت أيضا إلى «ضغوط بات يشعر بها حزب الله بعد تفاقم الخلاف بين عون وبري واضطراره للعمل على منع توسعه أكثر». ووصفت المصادر المرحلة التي نحن بصددها بالـ«دقيقة»، ومهمة حزب الله بـ«الصعبة».
وبالتزامن مع التصعيد العوني، وجّه رئيس الحكومة تمام سلام يوم أمس الجمعة دعوة لجلسة حكومية تُعقد يوم الخميس المقبل، ما قد يشكل عامل استفزاز إضافيا لعون، باعتبار أنه وحتى الساعة لم يتبلور أي حل للأزمة التي قرر فيها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يتحالف مع تيار المستقبل، فيعيد الحياة للحكومة مقابل أن يقبل تيار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وبهذا يكون بري لم يعر أي اعتبار لمطالب عون لا بل يقف حجر عثرة في طريقه لتنفيذ مشاريعه.
وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس سلام يعتبر أن «لا أزمة أو إشكالية تحول دون دعوته لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء باعتبار أنه تم عقد جلسة يوم الخميس الماضي، واتخاذ قرار يتعلق بتصدير المنتجات الزراعية، ولا شيء يمنع من اتخاذ قرارات جديدة في جلسات مقبلة».
وشددت المصادر على أنه «لا يمكن الاستمرار في تعطيل شؤون المواطنين وشل البلد، وهو قرار اتخذه الرئيس سلام، وسيسير به حتى النهاية»، لافتة إلى أنه «لن يتم إدراج ملف التعيينات الأمنية على جدول أعمال الجلسة المقبلة، أما اعتراضات وزراء العماد عون فنتعاطى معها في حينها».
وأكد أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان أن «كل الخيارات مفتوحة، وإذا اختاروا المواجهة، فلتكن، ونحن سنناضل من داخل الحكومة وخارجها»، معتبرا في حديث إذاعي أن «الموضوع لم يعد مسألة تعيينات فقط، وإنما حضور وفعالية، فإما أن تنتقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا، وإما نحن نعيش في دولة تنسج فيها تحالفات سياسية كبيرة وفضفاضة تلغي الدستور والقانون». وتابع كنعان: «نحن لا نتحدى أحدًا، بل نطالب فقط بشراكة وطنية انطلاقا مما نمثل وما نطالب به، بموجب شراكة وطنية حقيقية وفعلية».
بالمقابل، توجه وزير العمل سجعان قزي لـ«الذين يتباكون على صلاحيات رئيس الجمهورية»، معتبرا أنه «حري بهم انتخاب رئيس للجمهورية؛ فما قيمة هذه الصلاحيات في غياب الرئيس؟». وقال قزي في حديث إذاعي: «من واجب الحكومة أن تستمر في الانعقاد، لأن جلسة واحدة لا تكفي لكسر مشروع التعطيل»، موضحا أن «هناك اتصالات تجري لتبريد الأجواء، لكن لا يبدو أن الاتصالات ستؤول إلى النجاح بسبب تصلب الأطراف».
يُذكر أن حزب الله وتيار المستقبل عقدا مساء أول من أمس (الخميس) جلسة حوار هي الرابعة عشرة بينهما، شارك بها بري إلى جانب المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله، ومدير مكتب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، نادر الحريري، والوزير نهاد المشنوق، والنائب سمير الجسر، والوزير علي حسن خليل.
وتحدث بري في بداية الجلسة عن أهمية هذا الحوار، وضرورة استمراره، الذي يشكّل اللقاء الوحيد اليوم في العالم العربي في مواجهة الفتنة المستعرة في أكثر من منطقة. وجدد المجتمعون في بيان التزامهم باستمرار هذا المسار. واستعرضوا الأحداث الأمنية التي حصلت أخيرا، وأكدوا على أهمية اتخاذ الإجراءات اللازمة من خلال الدولة لتثبيت الأمن والاستقرار وحماية السلم الداخلي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».