روسيا تكشف للمرة الأولى عن دور «فاغنر» السري في معارك أوكرانيا

صورة نشرتها وكالة انباء نوفوستي لمجموعة من مقاتلي فاغنر في موقع القتال قرب باخموت
صورة نشرتها وكالة انباء نوفوستي لمجموعة من مقاتلي فاغنر في موقع القتال قرب باخموت
TT

روسيا تكشف للمرة الأولى عن دور «فاغنر» السري في معارك أوكرانيا

صورة نشرتها وكالة انباء نوفوستي لمجموعة من مقاتلي فاغنر في موقع القتال قرب باخموت
صورة نشرتها وكالة انباء نوفوستي لمجموعة من مقاتلي فاغنر في موقع القتال قرب باخموت

كشفت وسائل إعلام حكومية روسية النقاب للمرة الأولى عن نشاط مجموعات «فاغنر» العسكري في الحرب الأوكرانية، وتحدثت عن دور أساسي تقوم به في معارك دونباس. وكانت مسألة مشاركة الوحدات العسكرية الخاصة التابعة لهذه المجموعة، في «العملية العسكرية الروسية الخاصة» معروفة منذ وقت طويل، لكن هذا النشاط أحيط دائما بتكتم شديد، وأثيرت حوله الكثير من التساؤلات، الأمر الذي بدا تكرارا لتجارب سابقة في تغطية النشاط الخفي للمجموعة في سوريا وليبيا وبعض البلدان الأفريقية.
وبدا أن موسكو اتخذت قرارا بكشف جوانب من هذا النشاط، على خلفية التطورات الميدانية الأخيرة في أوكرانيا، وفي إطار التعاطي الجديد الذي وضعه قائد الوحدات المشتركة سيرغي سوروفيكين لإدارة المعارك. وحملت التغطيات التي قدمتها شبكة «روسيا اليوم» خلال الأيام الأخيرة إشارات واضحة إلى هذا التعاطي المختلف، إذ نشرت الشبكة للمرة الأولى معطيات عن مشاركة عناصر «فاغنر» في معارك ضارية في دونيتسك، وتحدثت عن تقدم طفيف أحرزته المجموعة عبر نجاحها في الاستيلاء على مناطق تقع على خطوط التماس. وفي الوقت ذاته، أشارت إلى مشاركة فاعلة لقوات «فاغنر» في الاشتباكات المتواصلة على تخوم مدينة باخموت جنوب غربي دونيتسك مع اقتراب القوات منها بعد «تحرير» بلدة كديما جنوب المدينة. اللافت أن المحطة التلفزيونية الحكومية الروسية دخلت للمرة الأولى في تاريخ تغطية نشاطات هذه المجموعة إلى مواقع القتال، ونشرت مقاطع فيديو تم تصويرها أثناء تغطية المعارك.
ونشرت القناة على موقعها أن تغطيتها «كشفت اللثام عن الشركة العسكرية الخاصة (فاغنر) إحدى الشركات العسكرية الخاصة الأكثر سرية في العالم في الأعوام الماضية». وقالت إن فريق التصوير التابع للشبكة «استطاع التغلغل» بين قوات «فاغنر» في دونباس ليوثق تحركاتها في فيلم وثائقي حمل عنوان: «عقد مع الوطن».
وفقا للفيلم يرفض المقاتلون في «فاغنر» صفة «المرتزقة» التي تطلقها عليهم وسائل الإعلام عادة، وقد تحدث بعضهم عن «طرق تنظيم عملهم ومشاركتهم في العملية العسكرية الروسية الخاصة، وآليات تقديم المساعدات لسكان المناطق المحررة».
ويؤكد الفيلم الوثائقي أن شركة «فاغنر» العسكرية الخاصة، هي «مكان يجمع وطنيين حقيقيين من مقاتلين محترفين يحدوهم حافز عال، ويعتبرون هذا العمل أولوية في حياتهم». وأشار أحد مقاتلي «فاغنر» إلى «النقطة المهمة بالنسبة إليه وإلى زملائه وهي أولا وقبل كل شيء، الانضباط (...) يعلم الجميع إلى أين يذهبون، وماذا سيفعلون هنا، ولماذا هم موجودون هنا. لقد تم وضعنا في إطار مهمة محددة يتم إنجازها».
كما يعرض الفيلم للمرة الأولى جانبا من قدرات «فاغنر» من معدات وتجهيزات بما فيها وحدات الدفاع الجوي التي تملكها، ما يشير إلى مستوى التسليح الجيد للمجموعة التي تضم عادة جنودا متقاعدين سبق أن قاتلوا في مناطق ساخنة بينها الشيشان أو سوريا أو شاركوا في عمليات خاصة خارج الحدود. وفي إشارة غير مسبوقة قالت رئيسة تحرير شبكة «آر تي» التلفزيونية وشبكة «روسيا سيغودنيا» مارغاريتا سيمونيان، في تعليقها على الفيلم الوثائقي: «هذه واحدة من أكثر المنظمات سرية في المجال العسكري. لكن تم تقديم استثناء خاص لطاقم الفيلم من خلال ترتيب لقاءات لمؤلف الفيلم، ومخرجه مع مقاتلي هذه الوحدات على خط المواجهة في دونباس». وأكدت سيمونيان لمشاهدي القناة التلفزيونية أنهم سوف يشاهدون في الفيلم «لقطات حصرية للمعارك التي خاضتها الشركة العسكرية الخاصة، بما في ذلك أعمال مجموعاتها الهجومية والاستطلاع والدفاع الجوي».
وروى المقاتلون كيف يتم تنظيم عمل وحدتهم، وتحدثوا عن متطلبات الجنود وكيف يساعدون سكان المناطق السكنية التي سيطروا عليها.
وكان اسم «مجموعة فاغنر» ظهر إلى العلن للمرة الأولى مباشرة بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، وتحدثت تقارير عن أن مشاركة مقاتلي المجموعات في بعض العمليات العسكرية سبق إرسال الوحدات العسكرية الروسية النظامية. وشاركت قوات «فاغنر» التي يديرها رجل الأعمال المقرب من الكرملين يفغيني بريغوجين، في معارك ضارية في تدمر وحلب ومناطق أخرى في سوريا. كما تحدثت تقارير عن مشاركة المجموعة في عمليات قتال جرت في ليبيا، وعن دور أساسي قامت به، في بعض بلدان القارة الأفريقية خلال السنوات السابقة.
على صعيد آخر، بدأت موسكو تحضيرات لتعزيز وضع قواتها على خطوط التماس بعد الانسحاب من خيرسون، وقال ألكسندر فومين، المتحدث باسم نائب رئيس حكومة مقاطعة خيرسون إن مدينة غينيتشيسك ستصبح مؤقتاً العاصمة الإدارية للمقاطعة.
وقال فومين في تصريح لوكالة «نوفوستي» إن «جميع السلطات الرئيسية تتركز في غينيتشيسك».
وتقع غينيتشيسك في جنوب مقاطعة خيرسون مقابل اللسان الرملي «أراباتسكايا ستريلكا» على شواطئ بحر آزوف، وتعتبر منتجعا وميناء. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فقد تم الانتهاء من نقل القوات الروسية من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، حيث تقع مدينة خيرسون، إلى الضفة اليسرى.
في الوقت ذاته، برزت توقعات روسية حول توجه أوكرانيا لاستخدام الزخم الذي أحدثه الانسحاب الروسي من خيرسون لتوسيع نطاق العمليات ومحاولة تنظيم هجوم واسع في مناطق جديدة بينها بلدات تقع مباشرة على بحر آزوف، في محاولة لاستعادة الوجود الأوكراني في هذه المنطقة. ووفقا لقادة المناطق الانفصالية فإن كييف «تدرس خيارات مختلفة لمهاجمة مدينة بيرديانسك على ساحل آزوف من أجل الوصول إلى شواطئ هذا البحر، وذلك عبر تجاوز مدينة ميليتوبول».
وقال عضو مجلس إدارة منطقة زوباروجيا، فلاديمير روغوف، إنه «لدى القوات المسلحة الأوكرانية عدة سيناريوهات للتوجه إلى بيرديانسك، إذ ستصبح كل من فاسيليفكا وتوكماك مناطق سكنية مفتاحية على طريق تقدم القوات المسلحة الأوكرانية». وزاد أنه على خلفية المجريات في منطقة خيرسون، من المتوقع نقل وحدات من القوات المسلحة يصل تعدادها إلى 40 ألف شخص اتجاه زوباروجيا في غضون أسبوعين.
موضحا أنه «حينها ستحاول قيادة الجيش الأوكراني قطع الاتصالات بين منطقة خيرسون وشبه جزيرة القرم».
وكان لافتا أن السلطات الأوكرانية أعلنت الاثنين عن حالة التأهب الجوي في سبع مناطق بأوكرانيا، وفقا لبيانات الخريطة الإلكترونية للتنبيهات الجوية التابعة لوزارة الشؤون الرقمية في البلاد. ووفقا للخريطة فقد أعلن عن حالة التأهب الجوي في كل من بولتافا، ودنيبروبتروفسك، وخاركيف، ونيكولاييف وأوديسا وشيركاسي، وكيروفوغراد.
ترافقت هذه المعطيات مع تحذيرات روسية سابقة من حشد أوكرانيا آلاف الجنود في محيط زوباروجيا استعدادا لشن هجوم واسع على المنطقة التي توقع قادة عسكريون روس أن تكون ساحة جديدة لمواجهات ضارية بعد خيرسون، وبالتزامن مع استمرار المعارك الجارية على جبهة باخموت في دونيتسك.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.