«مذبحة 13 نوفمبر»: باريس ضمدت جراحها... لكن بعض الكدمات لا يُمحى

«الشرق الأوسط» تجول على المواقع التي استهدفها انتحاريو «داعش» عام 2015

ملهى باتكلان الذي استهدفه إرهابيو «داعش» في ليلة 13 نوفمبر 2015 المشؤومة (الشرق الأوسط)
ملهى باتكلان الذي استهدفه إرهابيو «داعش» في ليلة 13 نوفمبر 2015 المشؤومة (الشرق الأوسط)
TT

«مذبحة 13 نوفمبر»: باريس ضمدت جراحها... لكن بعض الكدمات لا يُمحى

ملهى باتكلان الذي استهدفه إرهابيو «داعش» في ليلة 13 نوفمبر 2015 المشؤومة (الشرق الأوسط)
ملهى باتكلان الذي استهدفه إرهابيو «داعش» في ليلة 13 نوفمبر 2015 المشؤومة (الشرق الأوسط)

كان مساء يوم جمعة رائعاً. إنه بداية العطلة الأسبوعية. باريس تعيش حالة إثارة استثنائية. فريق كرة القدم الوطني يتحضر لمواجهة نظيره الألماني في الملعب الكبير القائم في محلة «سين سان دونيس» الواقعة على مدخل العاصمة الشمالي. ثمانون ألف مشجع كانوا يتدفقون أفواجاً على الملعب يتقدمهم رئيس الجمهورية فرنسوا هولند في حين وصل وزير الخارجية الألماني فرانك فولتر - شتاينماير لتشجيع فريقه. أرصفة المقاهي تعج بالزبائن، خصوصاً تلك التي كانت ستنقل المباراة على شاشات كبيرة. المطاعم، كبيرها وصغيرها على حد سواء، كعادتها مساء الجمعة، عندما يتيح الطقس ذلك، تتمدد إلى الأرصفة. وذاك المساء، كانت السماء صافية والحرارة معتدلة؛ ما شجع الفرنسيين والسياح للاستفادة ربما من أواخر الفرص لريادة المطاعم وللتنزه في شوارع وجادات باريس الجميلة. وفي الدائرة العاشرة من باريس، حيث يقع مسرح وملهى الباتاكلان عند الرقم 50 من بولفار فولتير، كان الزبائن وأكثريتهم الساحقة من الشباب، يقفون في صفوف طويلة للدخول إلى هذا المعلم الفني الاستثنائي من أجل سهرة موسيقية أميركية. المبنى فريد من نوعه في باريس؛ إذ بُني في العام 1864، زمن حكم الإمبراطور نابوليون الثالث على طراز «الباغود» الصينية وكان يسمى لسنوات «المقهى الصيني الكبير».
باختصار، ذاك الـ13 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2015 كان يراد له أن يحمل الفرح والسعادة للناس. لا أزمات اجتماعية أو اقتصادية حادة ولا حروب على أبواب فرنسا أو في جوارها القريب، كما الحال اليوم. النقطة السوداء الوحيدة في هذا المشهد الاستثنائي كان اسمها الحرب في سوريا والعراق وصعود تنظيم «داعش» الذي أقام «خلافة» مزعومة على أجزاء من الأراضي السورية والعراقية. والأهم من ذلك بالنسبة لباريس أمران: الأول، تدفق مئات الفرنسيين على ميادين القتال للانخراط في صفوف «داعش» الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي لاجتذاب المقاتلين. والآخر، التهديدات التي يطلقها بين الحين والآخر بحق البلدان «المارقة»، ومنها فرنسا. لكن لا أحد في تلك الليلة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية الفرنسية، كان يدور في خلده أن مأساة كبيرة كانت قيد التحضير وأن ثلاث فرق إرهابية موجودة داخل العاصمة تتأهب للقيام بأكبر عملية قتل جماعية عرفتها فرنسا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. صحيح أن باريس عرفت هجمات إرهابية سابقة في العام نفسه استهدفت صحيفة «شارلي إيبدو» ومتجراً يهودياً، إلا أنها كانت محدودة الأهداف ومن فعل عدد قليل من الإرهابيين ولا تقارن بشيء مما كان يحضّر لتلك الليلة التي شهدت عمليات كوماندوس حقيقية من مجموعات ثلاث بالغة التنظيم وتأتمر بما يأتيها من سوريا ومن مدينة الرقة تحديداً.

مطعم «لو كاريون» الذي شملته الهجمات (الشرق الأوسط)

ثلاث مجموعات كوماندوس

كانت هجمات تلك الليلة المشؤومة محكمة التنظيم. ثلاث مجموعات انطلقت من ثلاثة أحياء مختلفة وكانت أهدافها ثلاثة: الملعب الكبير، مقاهٍ ومطاعم في الدائرتين العاشرة والحادية عشرة، وملهى الباتاكلان حيث تواجد 1500 شخص للاستمتاع بالسهرة الموسيقية التي كانت تحييها فرقة «أيغل أوف ديث ميتال» الأميركية. الهجمات جاءت متزامنة بدءاً من الساعة التاسعة وعشرين دقيقة قرب الملعب الكبير، حيث حصلت ثلاث تفجيرات انتحارية. وحاول أحد الإرهابيين الثلاثة أن يجتاز الحاجز الخارجي إلا أن أحد الحراس نهره لأنه لم يكن يحمل بطاقة دخول؛ فما كان منه إلا أن ابتعد قليلاً وفجّر نفسه ليتبعه بعد دقائق قليلة تفجيران انتحاريان إضافيان. ولحسن الحظ، فإن «الداعشيين» الثلاثة لم يبدأوا عمليتهم إلا بعد أن كانت المباراة قد انطلقت، فإن التفجيرات الثلاثة لم توقِع سوى قتيل واحد وبضعة جرحى. وكانت هذه الأعمال الانتحارية الأولى من نوعها التي تعرفها فرنسا. وبعد التفجير الأول، عمد رجال الأمن والحرس الرئاسي إلى إخراج هولند من الملعب الكبير بشكل آمن في حين استمرت المباراة بحيث لم يعلم الجمهور شيئاً مما يجري في الخارج. وبحسب خبراء، فإن مقتلة كانت ستحصل داخل الملعب لو نجح أحد الإرهابيين بالدخول إليه وقام بتفجير نفسه بين الجمهور.
في الوقت عينه، نزل ثلاثة إرهابيين مدججين بالسلاح من إحدى السيارات الثلاث المسـتأجرة في بروكسل لهذا الغرض في الدائرة العاشرة. وباشروا فوراً بإطلاق النار على رواد المقاهي والمطاعم، فاستهدفوا تباعاً مطعم «لو بوتي كومبودج» ثم «لو كاريون» ثم «كافيه بون بيير» فـ«كوزا نوسترا»، مستكملين «غزوتهم» القاتلة باتجاه «لو كونتوار دو فولتير» لتنتهي بهم هذه الجولة أمام مقهى «لا بيل ايكيب» في الدائرة الـ11، حيث قام أحد الثلاثة بتفجير نفسه أمام المطعم المذكور بينما لاذ اثنان من المنفذين بالفرار بينهم المسؤول «الميداني» عبد الحميد أبا عود، وهو حامل للجنسيتين المغربية والبلجيكية. والمحصلة، إضافة إلى حالة الخوف والهلع والبكاء والصريخ والهروب من الموت التي اجتاحت هذه الأحياء، كانت 39 قتيلاً و32 جريحاً.
بيد أن رعب الشوارع لا يقاس بتاتاً بما حصل داخل ملهى «باتاكلان». فمنذ لحظة نزول القتلة الثلاثة من السيارة التي أقلتهم، بدأوا بإطلاق النار على الأشخاص والحرس خارج الملهى. ولدى ولوجهم إلى الداخل، باشروا بإمطار الحضور بوابل من الرصاص دون تمييز مع رغبة واضحة بالقضاء على أكبر عدد ممكن من الناس. ولأنهم كانوا يتخوفون من تدخل الشرطة ورجال الأمن، أو من استهدافهم بالرصاص من الخارج، فقد سدّوا المدخل والنوافذ بمجموعة من الحاضرين. وطيلة دقائق لا تنتهي، واصل الثلاثة عملية القتل الجماعي التي لم تنته إلا في الساعة الواحدة إلا دقيقتين من يوم السبت بعد أن نجح رجال الأمن في الوصول إلى الطابق الأول، حيث احتجز إرهابيان عشرات الرهائن لحماية نفسيهما من احتمال القضاء عليهما. وكان الإرهابي الثالث قد قُتل على أيدي رجل أمن في الدقائق العشر الأولى، إلا أن وقوعه أدى إلى انفجار الحزام الناسف الذي كان يحمله. وجاءت المحصلة ثقيلة للغاية؛ إذ قتل 90 شخصاً وأصيب العشرات بجروح، منهم 90 شخصاً حالتهم خطرة. وكانت المحصلة النهائية الجماعية 131 قتيلاً و300 جريح.

مطعم ومقهى «لا بون بيير» في شارع «لو تومبل» (الشرق الأوسط)

حالة الطوارئ

إزاء هذه الضربة التي حلّت بفرنسا والخوف الذي ألمّ بالمواطنين، سارعت حكومة فرنسوا هولند، في اليوم التالي، إلى إعلان حالة الطوارئ على كامل الأراضي الفرنسية وهي الأولى منذ المحاولة الانقلابية ضد الحكومة انطلاقاً من الجزائر في العام 1958، وإلى تشديد الرقابة على الحدود وإنزال وحدات من الجيش ورفع حالة التأهب الأمني... والتخوف الكبير كان توقع وجود مجموعات إرهابية أخرى على الأراضي الفرنسية، في حين الهمّ المباشر وضع اليد على الإرهابيين اللذين نجحا في الفرار واللذين قضي عليهما في ضاحية سان دوني بعد ثلاثة أيام مختبئين في شقة استؤجرت لصالحهما. ومن كل أفراد الكوماندوس المولج تنفيذ العمليات وليس توفير الدعم اللوجستي، لم يبق على قيد الحياة إلا صلاح عبد السلام الذي نجح في الفرار إلى بلجيكا ولم يقبض عليه إلا بعد ستة أشهر. وفي محاكمة دامت عشرة أشهر، كان عبد السلام الوحيد الذي شارك مباشرة في العملية وكان دوره تفجير حزامه الناسف الذي رماه لحظة هروبه من ساحة العمليات وزعم لاحقاً أنه امتنع عن التنفيذ لرفضه قتل مدنيين. إلا أن تقرير الادعاء أفاد بأن حزام عبد السلام لم ينفجر. وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد غير قابل للتعديل في حين تفاوتت أحكام الآخرين الذين لعبوا أدواراً لوجيستية متنوعة بين عامين إلى ثلاثين عاماً من السجن. وبُرّئ شخص واحد من التهم الموجهة إليه.
كان من الطبيعي أن تثير موجة القتل الجماعي موجة من التعاطف مع فرنسا عبر العالم. إلا أنها، بالمقابل، وضعت المسلمين في قفص الاتهام باعتبار أن القتلة زعموا زيفاً أنهم يدافعون عن الإسلام. وسارعت الحكومة إلى التنبيه من مخاطر الانقسامات وشددت، بالانسجام مع المسؤولين عن مسلمي فرنسا، على أن هؤلاء هم أولى ضحايا الإرهاب. بيد أن هذه المساعي لم تكن كافية وسعى اليمين المتطرف وبعض الأصوات الرديفة إلى استغلال المأساة للتنديد بضعف الحكومة وباستحالة تكيّف المسلمين مع قيم الجمهورية، إلى غير ذلك من المزاعم العنصرية التي وجدت في العمليات الإرهابية وقودا يغذي آيديولوجيتها. وتبع ذلك استصدار مجموعة من القوانين التي أريد منها محاربة التطرف والأصولية وما سمي لاحقاً «الانفصالية الإسلاموية».

زواج صلاح عبد السلام

اليوم، تمر سبع سنوات على تلك الليلة المشؤومة، إلا أن مأساة 13 نوفمبر 2015 ما زالت في أذهان الناس، وخصوصاً في أذهان أقارب الضحايا الذين قُتلوا والجرحى الذين أصيبوا. وجاءت المحاكمة التي دامت عشرة أشهر لتنكأ الجراح مجدداً وتعيد إلى الذاكرة الصور المرعبة التي حُفرت في أذهان الناس. وخلال ساعات طويلة، استمعت المحكمة إلى شهادات الضحايا وأقربائهم واستمعت أيضاً للمتهمين وعلى رأسهم صلاح عبد السلام لفهم ما حصل. وتراوحت ردود الأفعال على المحاكمة التي شملت عشرين شخصاً بينهم ستة غيابياً (أكثريتهم ممن قُتل في المعارك في سوريا والعراق) بين الإحباط والشعور بأن العدالة أخذت مجراها. وآخر ما استجد الأسبوع الماضي خبر الزواج الديني لصلاح عبد السلام وهو في السجن، وقد تم عبر الهاتف وقد اختارت عائلته المقيمة في بلجيكا عروسه وهي غير خطيبته التي انفصل عنها قبل أيام قليلة على عمليات باريس. ووفق الحكم النافذ بحقه، فإن عبد السلام لن يخرج من السجن أبداً طيلة حياته.
لا تحب الطبيعة الفراغ. ولأن هذه سُنة الكون، فقد استعادت الحياة نبضها منذ زمن بعيد في الأحياء والأماكن التي كانت مسرحاً للمجزرة. فالتحدي الأكبر كان عنوانه استمرار الدورة الطبيعية والتغلب على الخوف ورفض الخضوع للتهديدات الإرهابية. ولذا؛ بعد مرور فترة زمنية قليلة على أحداث 13 نوفمبر، وبعد انتهاء التحقيقات الأمنية، أعادت المقاهي والمطاعم والحانات فتح أبوابها أمام الزبائن بعد إصلاح الأضرار والتغلب على الصدمة. أما ملهى «باتاكلان» فله قصة أخرى. فقد أكد مديره جول فروتاس سابقاً، أن الإدارة قررت إصلاح الأضرار الكبيرة التي حلّت بالملهى وإعادة ترميمه ليعود كما كان تماماً دون أي تغيير. وقد استغرقت هذه العملية عاماً كاملاً وأعيد فتحه في 12 نوفمبر عام 2016. وسعت «الشرق الأوسط» للقاء مدير «باتاكلان» أو أحد مسؤوليه. إلا أن إدارته ردت الطلب بحجة أن ما أرادت قوله بخصوص العملية الإرهابية التي استهدفت الملهى وزبائنه وتبعاتها قد قيل ولا شيء جديد تضيفه. ويبين موقع الملهى على موقع الإنترنت أن برنامج أنشطته الفنية ممتلئ تماماً. لكن الملاحظ أن لا نشاط مقرراً ليوم 13 نوفمبر في حين الأيام اللاحقة وحتى للعام 2023 تضج بالحفلات الموسيقية والرقص والمحاضرات وعروض الأزياء...
وفي الجولة الموسعة التي قامت بها «الشرق الأوسط»، عرجت على ملهى «باتاكلان» المطل تماماً على بولفار فولتير. وبعكس المؤسسات الأخرى، فقد كان لافتاً قلة زبائن المقهى والمطعم اللذين يشكلان جزءاً من الملهى، وفي دردشة مع كاترين، إحدى الزبونات التي كانت خارجة من المقهى مع صديقة لها، قالت، إنها «نسيت تماماً» أن «باتاكلان» قد تعرض لعملية إرهابية، علماً بأنها تقيم في شقة لا تبعد كثيراً عن الموقع وأنها اعتادت منذ سنوات أن تجلس في المقهى لأنه «هادئ، له ديكور جميل، وخدمته لطيفة».
لا تبعد المقاهي والمطاعم التي شهدت دراما العمليات الإرهابية كثيراً عن ساحة «لا ريبوبليك» التي ضاقت، في نوفمبر 2015، بباقات الورد وكلمات التضامن وأعلام الدول المساندة الموضوعة عند أسفل تمثال «ماريان» الذي يمثّل الجمهورية الفرنسية. وقريباً منها، تمر «قناة سان مارتين» التي تسبغ على الأحياء المطلة عليها مسحة من الجمال والهدوء. وعند الرقم 167 من «رصيف فالمي» في الدائرة العاشرة يقع مطعم «لو كاريون» الذي استهدفه الإرهابيون وليس بعيداً عنه مطعم «لو بوتي كومبودج». ويروي فانسان، أحد مسؤولي المطعم الكابوس الذي عاشه في تلك الليلة المشؤومة ويؤكد أن حظه الأكبر أن الإرهابيين اكتفوا بإطلاق النار على الزبائن الذين كانوا خارج المطعم ولم يدلفوا إلى داخله. ويضيف «كانوا يحملون رشاشات كلاشينكوف والكثير من الطلقات ويبدو أنهم كانوا يريدون إحداث مجزرة أكبر. من استطاع الهرب لم يتردد للحظة. لكن آخرين استبد بهم الرعب ولم يجدوا الشجاعة فبقوا مسمرين في أماكنهم أو انبطحوا تحت الطاولات». ويضيف فنسان «إنه مشهد لا يمكن أن أنساه. أحياناً استفيق في الليل بسببه ولكن ذلك لا يمنعني من أن آتي كل يوم إلى مطعمي وكأن شيئاً لم يحصل». اليوم، المقهى كان ممتلئاً والموسيقى تصدح عالياً والزبائن يتسامرون. الستار أسدل. ولكن ما بين لو كاريون و«لو بوتي كمبودج» سقط 13 قتيلاً والكثير من الجرحى.
ليس بعيداً من هناك، يقع مطعم ومقهى «لا بون بيير» في شارع «لو تومبل». وعلى بعد خطوات منه المطعم الإيطالي «كوزا نوسترا» الذي أغلق أبوابه. روايات الرعب تتكرر. الكلمات نفسها والمشاعر هي هي. ولكن ما يتغير ردات الفعل بين من نجح في قلب الصفحة ولا يريد أن يتذكر ومن يعتبر أن تكرار الرواية ضروري حتى لا ينسى.
ككل عام، تعد بلدية باريس تجمعات متعددة لتبقى ذكرى أكبر مجزرة عرفتها العاصمة حية في الأذهان ولتكريم ذكرى الضحايا الذين قضوا بفعل الإرهاب الأعمى.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».