مهرجان
تعيش مدينة لوس أنجليس حالياً احتفالاً جديداً بمهرجان «آسيا وورلد فيلم»، الذي انطلق في التاسع من هذا الشهر ويستمر حتى التاسع عشر منه.
هو مهرجان متخصص في أفلام القارة الآسيوية من حدودها على البحر الأبيض المتوسط وحتى الشرق الأقصى جنوباً وروسيا شمالاً. بدأ برغبته الإتيان بما يمثل الدول الآسيوية في قلب هوليوود وانتهى اليوم إلى احتفال معتمد للسينمائيين الآسيويين والجمهور المختلط في المدينة.
على رأس هذا المهرجان مديره الفني المخرج اللبناني المهاجر جورج شمشوم الذي يعمل له معظم أشهر السنة:
«لا تصدّق مدى الضغط الذي يواكبني ملاحقاً كل التفاصيل. طبعاً عندي فريق عمل ممتاز لكن هذا لا يمنع من أن أكون حاضراً في كل مسألة تحتاج إلى قرار أو متابعة».
يُضيف: «لكنه العمل الذي أفتخر بإنجازه. لقد راقبت صعود المهرجان من فكرة إلى واقع ومن بداية تحمل احتمالات النجاح أو عدمه على نحو متساوٍ إلى حدث ناجح على أكثر من صعيد، خصوصاً صعيد الحضور الكبير الذي يزداد حجماً في كل عام».
يستفيد شمشوم من علاقاته المتينة مع مخرجي جنوب شرقي آسيا وآسيا الوسطى: «في زياراتي المتعددة للصين وكوريا واليابان وكازخستان وسواها كنت دائماً أكرر للجميع: أرغب في أن يكون هذا المهرجان نافذة أميركا على آسيا».
ومنذ أربع سنوات بدأ تعاون المهرجان مع «هوليوود فورين برس أسوشياشن» التي توزّع «ذا غولدن غلوبز». طبيعة التعاون هو أن يعرض المهرجان ما تستقبله الجمعية من أفلام آسيوية لدخولها سباق جائزتها.
فيلم الافتتاح هذا العام هو Decibel («مقياس وحدات الصوت») الآتي من كوريا الجنوبية. والختام لفيلم كوري آخر هو Decision to Leave («إذن بالمغادرة»). هذا الأخير له حظ متوقع في جوائز غولدن غلوبز والأوسكار من المخرج بارك تشأن - ووك صاحب «أولدبوي» و«الخادمة» اللذان سجلا كذلك حضوراً ناجحاً في المهرجانات والأسواق.
السينما العربية حاضرة بعدد مخجل من الأفلام: أربعة أعمال اثنان منها لبنانيان وواحد يمثل فلسطين ورابع يمثّل الأردن:
«العرب هم أصعب من أتعامل معهم. أكثر من مرّة أوضحنا أننا مؤسسة مستقلة تهدف إلى إتاحة الفرصة أمام الأفلام المشتركة لكي تعرض على جمهور مثقّف يهوى استقبال الأفلام الآسيوية الجيدة. لكن كما لو أنني أنفخ في الهواء. الاستجابة العربية هي أضعف الاستجابات».
الأفلام العربية التي يعرضها المهرجان في دورته الحالية هي فيلم ميشيل كمّون «بيروت هولدم» (Beirut Hold›em) و«دفاتر مايا» لجوانا حجي توما وخليل جريج (كلاهما باسم لبنان) والفيلم الفلسطيني «حمى البحر المتوسط» لمها حاج والفيلم الأردني فرح لدارين سلاّم. الأفلام الثلاثة الأخيرة تمثّل دولها في سباق الأوسكار، لكنه فيلم ميشيل كمّون، ذلك الذي يحمل في طيّاته احتمال كونه مفاجأة جديدة تُضاف لما سردته السينما اللبنانية من حكايات ما بعد الحرب الأهلية.
استعادة
المخرج والممثل جاك تأتي هو أحد ثلاثة عباقرة في السينما الكوميدية بعد بستر كيتون وقبل تشارلي تشابلن. هؤلاء حوّلوا الكوميديا من مجرد حركات للضحك إلى تعليق عن الفرد والحياة.
الأميركي كيتون يأتي أولاً لأنه دائماً ما بحث عن المصاعب في الأفكار وفي التنفيذ وأنجزها بإبداع لا يتوقف تأثيره إلى اليوم (مخرجون وممثلون عديدون من جاكي تشأن إلى مل بروكس يقرّون بتأثرهم به).
الفرنسي جاك تاتي (1907 - 1982) من المدرسة ذاتها مع اختلاف بسيط في اختيار المواضيع التي ليس لها أن تأتي صامتة بلا حوار، ولو أن الأفلام في واقعها ناطقة. هذا يعني الاستغناء عن الحوار واستبداله بالحركة، كلما كان ذلك مناسباً وتأتي بخاف هذه المناسبات طوال الوقت واشياً بحبه لجذور السينما الكوميدية.
حقق خمسة أفلام طويلة فقط بدأت سنة 1949 بفيلم «يوم العيد» (Jour de Fête) وانتهت بفيلم «زحمة سير» (Trafic) سنة 1971.
ضمّت أفلامه «عطلة السيد أولو (1953) و«عمّي» (1958) ثم «بلايتايم» (1967). كلها استقبلت جيداً لكن «زحمة سير» لم يحدث الإعجاب النقدي المعتاد.
يدور حول مصنع للمخيمات ينقل آخر تصاميمه من باريس إلى أمستردام في شاحنة ويتعرّض على الطريق الطويل لا لزحام السيارات فقط، بل كذلك لعدد من المفارقات والمصاعب يكتبها ويوظّفها تأتي على نحو نيّر كعادته. غايته هو رسم ابتسامة ساخرة حول الأفراد المنهمكين في أعمالهم وتصرفاتهم وحول المجتمع الصناعي الذي لم يعد يفهم (حتى آنذاك) معنى البساطة.
شخصيته فرنسية مائة في المائة كذلك سخريته وانتقاده الواضح. كل أفلامه القليلة تستحق المشاهدة بما فيها فيلمه الأخير هذا.