عرض مقتنيات عمر الشريف للبيع يثير تساؤلات حول ملكيتها

موقع فرنسي يطرحها في مزاد... ونجله يرجح سرقتها ويبلغ الشرطة

عرض مقتنيات عمر الشريف للبيع يثير تساؤلات حول ملكيتها
TT

عرض مقتنيات عمر الشريف للبيع يثير تساؤلات حول ملكيتها

عرض مقتنيات عمر الشريف للبيع يثير تساؤلات حول ملكيتها

أثار الإعلان عن بيع بعض مقتنيات الفنان الراحل عمر الشريف في موقع مزادات فرنسي تساؤلات حول ملكيتها وكيفية انتقالها إلى مسؤولي الموقع.
وقال عالم الآثار المصري زاهي حواس الذي كان صديقاً مقرباً من عمر الشريف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «النجم الراحل لم يمتلك شقة أو بيتا خارج مصر على مدى حياته ليترك فيه مقتنيات، بل كان يتنقل بين الفنادق، وكل ما كان يحمله معه بدلة سوداء ومجموعة من القمصان، وكان يقول لي دائما (معنديش حاجة تتباع، أنا رجل أتنقل بين الأوتيلات وكل اللي عندي بدلة واحدة)».
ونفى حواس، ما ردده البعض على مواقع التواصل من اتهامات توجه لنجله الوحيد طارق بالتصرف في مقتنيات والده، قائلاً: «ما يردده البعض من أن ابنه طارق قد باع مقتنيات والده ليس له أساس من الصحة إطلاقا».
وأشار حواس إلى أن «عمر الشريف لم يحتفظ بشيء في حياته، وكانت سكرتيرته الفرنسية الخاصة هي المسؤولة عن أوراقه، لذا لا أستطيع الجزم بكيفية خروج هذه المقتنيات وعما إذا كانت حقيقية أم مزيفة».
وكان المنتج حسام علوان قد كتب عبر حسابه على موقع التواصل «فيسبوك»: «أغرب حاجة كنت أتخيل أنها ممكن تتعرض للبيع بالطو عمر الشريف وبطاقاته البنكية وبطاقة عضويته في الاتحاد الفرنسي لسباقات الخيل»، ونشر صوراً لهذه المقتنيات وصورة لعمر الشريف وهو يرتدي البالطو المعروض بالمزاد، والذي ظهر به مع جان بول بلموندو في فيلم «سري للغاية»، فيما علق طارق نجل الراحل عمر الشريف والفنانة الراحلة فاتن حمامة، على منشور حسام علوان، قائلاً: «أي معلومات إضافية ستكون موضع تقدير، لقد أبلغت الشرطة عن هذا هنا ( يقصد في مصر) وفي فرنسا، هذه الأشياء إذا كانت حقيقية فهي مسروقة».

وتضمنت المقتنيات المعروضة بموقع الدار معطفا واقيا من المطر ارتداه عمر الشريف في فيلم «سري للغاية» للمخرج بليك إدوارز عام 1984، وقدرت قيمته بـ300 يورو كحد أدنى، بجانب بطاقات متنوعة، حسبما نشر موقع «دروو».
وبحسب الناقدة ماجدة موريس فإن هناك من سرق عمر الشريف في ظل تنقلاته العديدة بين أوروبا وأميركا، وقد يكون خلال فترة مرضه الأخيرة، وبالتالي فهو يلحق به ما جرى لمقتنيات أحمد زكي ونور الشريف، التي تباع بهدف التكسب من ورائها، وكما تقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذا أسوأ وقت يمكن أن تباع فيه مقتنيات عمر الشريف في ظل الحرب الروسية - الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم كله بما فيها الدول الغنية، إنه أمر محزن بالفعل».
وتضيف موريس: «أتمنى أن تهتم وزارة الثقافة بوقف هذا المزاد مثلما تقوم الدولة بذلك مع الآثار التي تمت سرقتها وتنجح في استردادها، فالآثار لا تقتصر على الفراعنة فقط، بل إن هذه المقتنيات تمثل آثار فنانين عظماء مؤثرين، طالما رفعوا اسم مصر في محافل سينمائية».

ويجدد هذا الأمر مشروع متحف السينما الذي أعلنت عنه وزارة الثقافة منذ سنوات ولم يكتمل حتى الآن، وتضيف موريس: «أرى أن تسرع وزارة الثقافة بإنشاء متحف السينما الذي يمكن أن يضم مقتنيات هؤلاء النجوم وغيرهم ممن أثروا في السينما المصرية للحفاظ على مقتنياتهم، وأتمنى أن يحافظ طارق عمر الشريف على مقتنيات والده التي بحوزته وكذلك مقتنيات والدته النجمة الكبيرة فاتن حمامة لأن المتحف سيقام يوما ما وأتوقع أن يجتذب جمهوراً كبيراً».
يأتي هذا المزاد بعد سبع سنوات من رحيل النجم المصري العالمي عمر الشريف (رحل في 10يوليو «تموز» 2015 ) عن 83 عاما بعد حياة فنية حافلة بدأت في مصر من خلال المخرج الكبير يوسف شاهين الذي قدمه لأول مرة بطلا أمام فاتن حمامة في فيلم «صراع في الوادي» 1954 ليصبح نجما سينمائيا وبطلا لعدة أفلام من بينها، «سيدة القصر»، «نهر الحب»، «في بيتنا رجل»، ثم انطلق إلى العالمية من خلال المخرج ديفيد لين بفيلم «لورانس العرب» 1962، ثم «دكتور زيفاغو»، و«الرولز رويس الصفراء»، وغيرها من الأعمال المهمة.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.