أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء الجمعة، تقديم 275 مليون دولار، على شكل مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا. وقالت سابرينا سينغ، نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، إن الحزمة ستشمل ذخيرة لمنظومة صواريخ «هيمارس»، ومئات من قذائف المدفعية دقيقة التوجيه من عيار 155 ملّيمتراً، وأنظمة ألغام مضادة للدروع عن بعد، وعربات مدرعة، وأسلحة صغيرة. وقالت خلال إحاطة صحافية في «البنتاغون»، إن المدفعية الأوكرانية تواجه نقصاً في الذخيرة بساحة المعركة، في مناطق تمتد من ميكولايف إلى خيرسون. وأضافت: «مقابل كل قذيفة نرسلها، فإنهم (الروس) يرسلون خمساً».
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت في بيان أن الرئيس بايدن وافق على التزويد الرابع والعشرين للأسلحة والمعدات الأميركية الخاص بأوكرانيا، منذ أغسطس (آب) 2021. ويشمل هذا التزويد أسلحة وذخائر ومعدات إضافية من مخزونات وزارة الدفاع الأميركية.
وبموجب هذا التزويد الجديد، يرتفع إجمالي المساعدة العسكرية الأميركية لأوكرانيا إلى مستوى غير مسبوق، يزيد على 18.5 مليار دولار منذ بداية إدارة بايدن. وأكد البيان أن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف مع أكثر من 50 دولة من الحلفاء والشركاء، لدعم شعب أوكرانيا في الدفاع عن حريتهم واستقلالهم بشجاعة غير عادية وتصميم لا حدود له. وأكد بيان الخارجية أن واشنطن تعمل أيضاً على تزويد أوكرانيا بقدرات الدفاع الجوي التي تحتاجها، عبر تزويدها بالنظامين الأوليين لصواريخ أرض–جو المتطوّرة «ناسامس» اللذين قدمتهما الولايات المتحدة، وهما جاهزان للتسليم إلى أوكرانيا الشهر المقبل. كما أكد العمل مع الحلفاء والشركاء لتمكين «تسليم أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بهم إلى أوكرانيا، ومعايرة القدرات التي نقدمها بعناية، لكي تكون قادرة على إحداث أكبر قدر من الاختلاف في ساحة المعركة لأوكرانيا اليوم».
وتصاعدت الهجمات التي تشنها روسيا باستخدام الصواريخ ومن طائرات إيرانية مُسيَّرة، منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، الأمر الذي دفع الحكومة الأوكرانية إلى مطالبة حلفائها بزيادة مساعداتهم العسكرية لصد تلك الهجمات. وفي تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال»، ذكر أن الطائرات الإيرانية المُسيَّرة التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا: «تستعرض قوة طهران خارج الشرق الأوسط»، و«تختبر من خلالها رد فعل الولايات المتحدة وأوروبا»، وتسلط الضوء على «فشل العقوبات الغربية في منع طهران من صناعة كميات كبيرة من الطائرات المُسيَّرة، وتسليح حلفائها بها».
وبينما يؤكد الجيش الأوكراني أن روسيا أطلقت في الأسابيع الأخيرة نحو 300 طائرة إيرانية مُسيَّرة من طراز «شاهد» الانتحارية، وأنه تمكن من إسقاط 70 في المائة منها، فإن أوكرانيا تطالب الولايات المتحدة وحلفاء «الناتو» بمزيد من المساعدات لمواجهة هذا التهديد الذي تسبب في دمار كبير في بنيتها التحتية، ومساعدتها على بناء شبكة دفاعية متكاملة ضد تلك الهجمات.
وتعهد حلف «الناتو» بإرسال مئات من طائرات التشويش المُسيَّرة إلى أوكرانيا، جزءاً من دعمه لتعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية. وتقول الصحيفة إن استخدام روسيا الطائرات الإيرانية حوَّل طهران إلى أهم حليف عسكري لها، في حملتها المتعثرة في أوكرانيا، وسلَّط الضوء على نجاح إيران في بناء أحد أنجح أساطيل الطائرات المُسيَّرة في العالم، على الرغم من سنوات من العقوبات الغربية. ونقلت عن خبير حربي قوله إنه «بينما ركز المجتمع الدولي لسنوات على محاولة تقييد البرنامج النووي الإيراني، قامت طهران بشكل منهجي ببناء جيش من الطائرات المُسيَّرة من دون طيار، وصلت إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط». وأضاف: «تم اتهام إيران ووكلائها بتنفيذ هجمات على قواعد للقوات الأميركية في سوريا، وسفن تجارية في بحر العرب، ومناطق إسرائيلية، ومواقع نفطية في السعودية». وتقول الصحيفة إنه «منذ عام 2015، أطلقت إيران ووكلاؤها نحو ألف طائرة مُسيَّرة، في هجمات أودت بحياة مئات الأشخاص في اليمن والسعودية والإمارات وأوكرانيا وخليج عمان». كما أن إيران باعت إلى جانب روسيا، تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، لحكومات صديقة، بما في ذلك فنزويلا وسوريا وإثيوبيا، وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية.
وأضافت الصحيفة أن المحققين الأوكرانيين الذين قاموا بفحص بقايا الطائرات المُسيَّرة التي تم إسقاطها، يؤكدون أنها إيرانية الأصل، وأن الأجزاء الرئيسية التي تشغلها مصنوعة في أميركا وأوروبا وآسيا. وتسعى أوكرانيا إلى تكثيف استراتيجيتها لمكافحة هذه المُسيَّرات، على 3 جبهات، عبر إقامة نظام دفاعي متكامل أرضي وجوي، لتوفير طائرات مقاتلة تقوم بدوريات على مدار الساعة، وصواريخ مضادة للطائرات، وفرق من الجنود المسلحين بالبنادق الآلية لإسقاط المُسيَّرات.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، إنه تلقى مكالمة هاتفية من نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الجمعة، وإنه طالب طهران بوقف إرسال أسلحة إلى روسيا. وقال كوليبا على «تويتر»: «طلبت من إيران أن توقف على الفور تدفق الأسلحة إلى روسيا، والتي تُستخدم لقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا». وذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن عبد اللهيان كرر نفي إيران تزويد روسيا بالأسلحة لاستخدامها في الحرب بأوكرانيا. ونُقل عن عبد اللهيان قوله: «تربطنا علاقات طيبة مع روسيا، وهناك تعاون دفاعي بيننا؛ لكن سياستنا تجاه الحرب في أوكرانيا هي احترام وحدة أراضي الدول، وعدم إرسال أسلحة إلى طرفي الصراع، و(الدعوة إلى) وقف الحرب، وعدم تشريد الناس». وأضاف الوزير الإيراني: «نحن مستعدون لعقد اجتماعات فنية بحضور خبراء عسكريين بين البلدين دون الحاجة إلى أي وسيط». ووصف عبد اللهيان تصريحات بعض المسؤولين الغربيين بأنها لا أساس لها من الصحة؛ مشيراً إلى جهود إيران المتكررة للمساعدة في وقف إطلاق النار، وقال: «نحن مستعدون للمساعدة في وقف إطلاق النار». ورد وزير خارجية أوكرانيا في معرض تقديره لموقف إيران بشأن عدم إرسال أسلحة لاستخدامها في الحرب ضد بلاده: «إن محادثات الوفود الفنية العسكرية للبلدين أمر مهم».
ويأتي تركيز الجيش الأوكراني على توفير منظومة دفاعية متكاملة، للتصدي لخطر الصواريخ والطائرات المُسيَّرة، للاستفادة من تقديرات لسلاح الجو الأوكراني، تؤكد أن مخزونات روسيا الأساسية من صواريخ «إسكندر» الباليستية قد استنفدت، ولم تعد تستخدم في استهداف القواعد العسكرية الأوكرانية. وذكرت صحيفة «تلغراف» البريطانية، أن النقص في هذا النوع من الأسلحة المدمرة، يعني أن على روسيا تغيير تكتيكاتها، لذلك هي تستهدف الآن بشكل حصري البنية التحتية الحيوية الأوكرانية. ونقلت عن المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، يوري أهنات، قوله: «لقد استنفدوا بالفعل مخزونهم الأساسي منها». وأضاف: «نرى أن العدو لم يعد مهتماً باستهداف المواقع العسكرية، وتمركز جنودنا ومواقعنا الاستراتيجية الأخرى». وأضاف أنه لتجديد مخزوناتها من الصواريخ الباليستية، تتجه روسيا إلى إيران وكوريا الشمالية. ويزيد طول صاروخ «إسكندر» على 7 أمتار، وقادر على حمل -إضافة لرأس نووي- حشوة تقليدية بقدرة تدميرية عالية، وتبلغ كلفته نحو 2.5 مليون دولار، ودخل الخدمة عام 2006.