عباس يرسم ملامح اتفاق السلام: قدس مفتوحة للشعبين

تعبير قد يستخدمه كيري في اتفاق الإطار المتوقع الشهر المقبل

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
TT

عباس يرسم ملامح اتفاق السلام: قدس مفتوحة للشعبين

الرئيس الفلسطيني محمود عباس
الرئيس الفلسطيني محمود عباس

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إن الفلسطينيين لا يريدون تقسيم مدينة القدس، بل يريدون تحويلها إلى مدينة مفتوحة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وعاصمة مشتركة بينهما.
وأضاف أبو مازن لطلاب إسرائيليين استقبلهم في مكتبه في رام الله أمس: «نريد أن يعيش العرب والإسرائيليون في القدس سويا كتعبير عن العيش المشترك».
ويعد تصريح أبو مازن مؤشرا على شكل الحل الذي قد يلجأ إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في صياغة اتفاق الإطار الذي ينوي تقديمه خلال أسابيع، في ظل إصرار الفلسطينيين على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لهم ورفض الإسرائيليين مطلقا تقسيم المدينة. والإشارة إلى أن «القدس مفتوحة لجميع الأديان» قد تكون مخرجا مناسبا للخلاف.
كما قدم أبو مازن ملامح اتفاق وسط حول قضية اللاجئين، قائلا إنه لا يسعى إلى إغراق إسرائيل بملايين اللاجئين الفلسطينيين وتغيير تركيبتها الديمغرافية، مضيفا: «نحن نريد التوصل إلى حل مُرضٍ لهذه القضية ويكون مقبولا لإسرائيل كذلك».
ويتوقع أن يطرح كيري اتفاق الإطار في أول أسبوعي الشهر المقبل، بعد لقاء حاسم سيجمع الرئيس الأميركي باراك أوباما برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يوجد موعد محدد لطرح اتفاق الإطار أو لزيارة كيري للمنطقة. ورجحت توزيع مسودة الاتفاق على الفلسطينيين والإسرائيليين بداية الشهر المقبل، تمهيدا لطرحه.
وقال مسؤول في حزب الليكود الإسرائيلي الحاكم إن اتفاق الإطار أخذ بالتبلور وسيعرض خلال أسابيع قليلة. وأكد عضو الكنيست تساحي هنغبي أن إسرائيل تجهز تحفظاتها التي ستعلنها تجاه الاتفاق. وأضاف للإذاعة الإسرائيلية: «بعد ذلك فإن المفاوضات حول الاتفاق الرئيس ستستمر حتى نهاية العام الحالي على الأقل».
وقلل هنغبي من احتمال تفكك حزب الليكود في حال الموافقة على اتفاق الإطار، لكنه قال إن الاتفاق سيؤدي إلى وضع دراماتيكي في إسرائيل.
وكانت أحزاب إسرائيلية هددت بالانسحاب من الحكومة إذا ما وافق رئيسها بنيامين نتنياهو على اتفاق الإطار، لكن الموافقة الإسرائيلية ستكون مرفقة بتحفظات واضحة على بنود محددة. ويعتقد أن ذلك ما سيفعله الفلسطينيون أيضا.
وجاءت تصريحات هنغبي بعد ساعات من إعلان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن القيادة الفلسطينية لن تقبل تمديد المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لدقيقة واحدة بعد الموعد المحدد لانتهائها المقرر في أبريل (نيسان) المقبل. وأكد خلال لقاء مع ممثلين عن الجالية الفلسطينية في لندن أن الأميركيين «لم يقدموا للجانب الفلسطيني حتى الآن أي أفكار أو اقتراحات مكتوبة».
بدوره، حمل عباس إسرائيل، أمس، خلال لقائه الطلاب الإسرائيليين مسؤولية، أي تعثر مستقبلي في مفاوضات السلام. وقال إن على الحكومة الإسرائيلية أن تقرر ما إذا كانت تريد السلام أو لا في غضون شهرين، وهو الموعد المحدد لانتهاء المفاوضات الحالية بين الطرفين. وتساءل عباس: «كيف يريدون صنع السلام في ظل البناء في مستوطنات موجودة على أرض ستقام عليها الدولة الفلسطينية؟».
ومسألة المستوطنات واحدة من بين مسائل أخرى ما زالت الخلافات حولها قائمة، بينها عودة اللاجئين والأغوار والحدود ويهودية الدولة الإسرائيلية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».