تفجيرات الجمعة تؤكد صعوبة توقع التهديد الإرهابي

المتحدث باسم «داعش» دعا إلى مزيد من الفوضى خلال شهر رمضان

جنديان فرنسيان في الطريق إلى المنشأة الصناعية التي شهدت تفجيرا إرهابيا في ليون أول من أمس (أ.ب)
جنديان فرنسيان في الطريق إلى المنشأة الصناعية التي شهدت تفجيرا إرهابيا في ليون أول من أمس (أ.ب)
TT

تفجيرات الجمعة تؤكد صعوبة توقع التهديد الإرهابي

جنديان فرنسيان في الطريق إلى المنشأة الصناعية التي شهدت تفجيرا إرهابيا في ليون أول من أمس (أ.ب)
جنديان فرنسيان في الطريق إلى المنشأة الصناعية التي شهدت تفجيرا إرهابيا في ليون أول من أمس (أ.ب)

في غضون ساعات، وفي ثلاث قارات مختلفة، نفذ مسلحون ثلاث هجمات يوم الجمعة أودت بحياة العشرات من المدنيين، وبثت حالة من الذعر وسط السكان، وأثارت أسئلة شائكة حول طبيعة تنامي الإرهاب العالمي وكذا الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهته. وعلى السطح، يبرز التوقيت كقاسم مشترك وحيد بين تلك الهجمات وسط صعوبة توقع التهديد الإرهابي في أي مكان حول العالم.
في فرنسا، هاجم مسلح محطة كيماوية أميركية، وجز عنق شخص، وكان من الواضح أنه حاول تفجير المحطة. وفي تونس، قُتل على الأقل 38 شخصا في هجوم شنه مسلح على منتجع شاطئي. وفي الكويت، قتل على الأقل 25 مصليا في تفجير انتحاري نفذه شخص داخل مسجد أثناء صلاة الجمعة.
وأعلن تنظيم داعش في تغريدة على «تويتر» مسؤوليته عن الهجمتين في تونس والكويت، إلا أن الإعلان لم يشر إلى مغذى التزامن والتنسيق بين تلك الهجمات، حيث جاء اختلاف طريقة التنفيذ في كل هجوم ليعكس صعوبة توقع التهديدات وحماية المدنيين ضد ممارسات إرهابية صغيرة الحجم تنفذها جماعة إرهابية.
وجاء تنفيذ الهجمات في وقت تنامى فيه خطر الجماعات الإرهابية في العالم، بعد أن نجحت في توجيه ضرباتها ونشر فكرها رغم جهود الولايات المتحدة وغيرها من الدول خلال السنوات العشر الماضية لقتل قادتها وحرمان تلك الجماعات من أي ملاذ آمن. ونجحت الولايات المتحدة في تصفية قادة تنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن وغيرهما من الدول، إلا أن التنظيم نجح في الإبقاء على فروعه وتوغل داخل حركات التمرد في تلك البلدان. كذلك عمل تنظيم داعش على مسارين: الأول العمل على بناء دولة الخلافة التي أعلنها في المناطق التي استولى عليها في العراق وسوريا.. والمسار الثاني هو شن هجمات في الخارج.
ونتج عن دعم هذا التوسع قيام حرب أهلية وانهيار دول عربية بدءا من ليبيا إلى اليمن، حيث نشطت فيها تلك التنظيمات في مناطق غير خاضعة لسيطرة الدولة، وانتعش فيها المتشددون، وشكلت وسائل التواصل الاجتماعي بوقا لنشر رسالتهم حول العالم.
وفي حين حقق المسؤولون في الكويت وتونس وفرنسا في الهجمات، أشار الكثيرون إلى أن قادة «داعش» دعوا المتعاطفين في الخارج إلى القتل وإلحاق الأذى بدولهم. وكان المتحدث باسم «داعش» أبو محمد العدناني وجه التهنئة لأعضاء التنظيم بمناسبة شهر رمضان قائلا إن لتلك الأفعال ثوابا أعظم في الآخرة خلال شهر رمضان المبارك، مضيفا: «أيها المسلمون سارعوا إلى الجهاد. أيها المجاهدون في كل مكان سارعوا إلى تحويل شهر رمضان إلى شهر وبال على الكافرين»، حسب رسالة صوتية للعدناني.

3 هجمات في 3 ساعات
واستهدف الهجوم كل دولة في منطقة حساسة.. فتونس، رغم أنها الدولة الوحيدة التي حققت نجاحا بين باقي دول الربيع العربي الذي بدأ منذ أربع سنوات، عانت من ضربات لقطاع السياحة الذي يعتبر العمود الفقري لاقتصادها.
واتبع منفذو تفجيرات الكويت نفس أسلوب تفجير مسجد الشيعة في السعودية، بهدف بث روح الطائفية في دولة يحتل فيها المسؤولون السنة والشيعة المناصب العليا في الحكومة على حد سواء، وحيث يعتبر بث روح الفرقة بين الطوائف أمرا غير مألوف.
وفي فرنسا، كان الهدف من الهجوم أقل وضوحا، إلا أن قطع الرأس أوحى بأن القاتل ربما استوحى المشهد من ممارسات «داعش» المشابهة في المناطق الخاضعة لنفوذه.
ولأن الأحداث حملت طابع «داعش» سيئ السمعة، اعتقد بعض المحللين أن الهجمات تزامنت عمدا مع احتفال «داعش» بالذكرى الأولى لإعلانه دولة الخلافة. وحتى لو لم يكن هذا صحيحا، فقد أفاد موقع «سايت» الاستخباري الذي ينشر كل ما تبثه الجماعات المتطرفة بأن الهجمات «قوبلت باحتفال على مواقع المقاتلين المتشددين ومؤيدي (داعش) في موقع (تويتر)».
وتقول لينا الخطيب، مديرة مؤسسة كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت «لقد دخلنا مرحلة جديدة من الأعمال الإرهابية» مضيفة أن «(داعش) قد استخدم فروعه الخارجية لتكوين خلايا نائمة بالخارج بهدف تعزيز جهوده لتكوين دولته».
وانهمك مسؤولو الاستخبارات الأميركية وأجهزة مكافحة الإرهاب يوم الجمعة في محاولات لإيجاد صلة بين الهجمات في فرنسا والكويت وتونس. وأفاد المسؤولون بأنه إن كانت هناك صلة فسوف يسعى المسؤولون إلى تحديد ما إذا كان «داعش» قد وجه أو نسق أو أوحى لمنفذي تلك الهجمات.
وأدان المتحدث باسم البنتاغون ستيف وارين الهجمات التي وصفها بـ«المشينة»، مضيفا «لا نستطيع أن نجزم حتى الآن ما إذا كان هناك تنسيق بين تلك الهجمات أم لا.. لم نتأكد بعد».
وفي سياق إعلان مسؤوليته عن هجوم الكويت، وصف بيان «داعش» منفذ الهجوم بـ«أحد فرسان السنة»، وأثنى على قتله للشيعة الذين يراهم مرتدين حسب النموذج الإسلامي المتشدد.
وحاكى هجوم الكويت هجمات أخرى شنها «داعش» مؤخرا في السعودية، مما رسخ الاعتقاد بأن الجماعة المسلحة تسعى لنثر بذور الفتنة بين السنة والشيعة. وأعلن «داعش» مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي في أحد أكبر مساجد الشيعة في الكويت أثناء صلاة الجمعة. «منذ علمت بتفجيرات مسجد القطيف والمساجد الشيعية هناك، انتابني إحساس بأن دورنا قادم»، حسب بدور بهبهاني خريجة جامعية شيعية بمدينة الكويت.
اتخذت حرب الولايات المتحدة على الإرهاب عدة أشكال على مدار العام، إلا أن المسؤولين الأميركيين اعتبروا انتشار هذا النوع من الهجمات الفردية فشلا في كسب المعركة الفكرية أو حرب المعلومات التي تغذي حالة الاقتتال وتلهم المنتسبين لتلك التنظيمات.
* خدمة «نيويورك تايمز»



تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.


الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.