الأمم المتحدة: 75 % من سكان الشرق الأوسط يعانون اقتصادياً بفعل الأزمات العالمية الأخيرة

«أهداف التنمية المستدامة» تحقق نجاحات في مجالات وتواجه تحديات كبرى

نافيد حنيف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية
نافيد حنيف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية
TT

الأمم المتحدة: 75 % من سكان الشرق الأوسط يعانون اقتصادياً بفعل الأزمات العالمية الأخيرة

نافيد حنيف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية
نافيد حنيف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية

أكد مسؤولون في الأمم المتحدة ﻟ«الشرق الأوسط» أنّ الأزمات الكبرى التي يواجهها العالم، وأخطرها الحرب في أوكرانيا، أدّت إلى تداعيات اقتصاديّة وغذائيّة خطيرة على 75% من سكان الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالإجماع في العام 2015 أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، والتي تُعرف أيضاً باسم الأهداف العالمية، بوصفها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب، وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول العام 2030. وتهدف هذه الخطة إلى تحديد اتجاه السياسات العالمية والوطنية المعنية بالتنمية، وإلى تقديم خيارات وفرص جديدة لسدّ الفجوة بين حقوق الإنسان والتنمية. كما أنّها تشكّل إطاراً عاماً يوجّه العمل الإنمائي العالمي والوطني. وتكمّل أهداف التنمية المستدامة اﻟ17، أي إنّ نتائج العمل على هدف في مجال معيّن من هذه الأهداف، سيؤثر على النتائج في مجالات أخرى.
* أهداف التنمية المستدامة
يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في نحو 170 دولة وإقليماً في العالم على تحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق المساعدة في القضاء على الفقر، والحد من عدم المساواة، وبناء القدرة على الصمود حتى تتمكن البلدان من الحفاظ على التقدم. وبصفته وكالة التنمية التابعة للأمم المتحدة، يلعب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دوراً حاسماً في مساعدة البلدان على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وحدّد البرنامج أهداف التنمية المستدامة بالتالي: القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، والصحة الجيدة والرفاهية، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، والمياه النظيفة والنظافة الصحية، وطاقة نظيفة وبأسعار معقولة، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والصناعة والابتكار والبنية التحتية، والحد من أوجه عدم المساواة، وتنمية مستدامة للمدن والمجتمعات، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين، والعمل المناخي، والحياة تحت الماء (الحفاظ على الحياة البحرية)، والحياة في البرّ، والسلام والعدالة والمؤسسات القوية، وعقد الشراكة لتحقيق الأهداف.
* ميزات «أهداف التنمية المستدامة 2030»
حسب مفوّضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، «تتميّز أهداف التنمية المستدامة 2030 بأنّها (عالميّة)، ففي حين أن الأهداف الإنمائية للألفية (التي اتفقت الدول الأعضاء للأمم المتحدة سنة 2000 على تحقيقها للعام 2015) تنطبق بشكل عام على البلدان المعروفة بالبلدان النامية، فإن أهداف التنمية المستدامة هي بمثابة إطار عالمي بكلّ ما تنطبق على جميع البلدان. ويتعيّن على جميع البلدان إحراز تقدم نحو تحقيق التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات المشتركة والفريدة التي تعترض سبيل تحقيق أبعاد التنمية المستدامة الكثيرة التي تتضمنها أهداف التنمية المستدامة».
وتَعِدُ خطة عام 2030، إلى جانب التزامها بتحقيق سلسلة واسعة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ببناء «مجتمعات أكثر سلاماً وعدلاً واحتضاناً للجميع، تخلو من الخوف والعنف»، وتهتمّ بشكل خاص بالحوكمة الديمقراطية وسيادة القانون والوصول إلى العدالة والأمن الشخصي (الهدف 16)، وبتهيئة بيئة دولية مؤاتية. وبالتالي، تغطي الخطة قضايا تعني كامل حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والمدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والحق في التنمية.
وخطّة 2030 حسب مفوّضيّة حقوق الإنسان، هي كذلك جامعة، تسعى إلى جمع شمل الجميع من دون أي استثناء، وترنو إلى بناء «عالم يسود جميع أرجائه احترام المساواة وعدم التمييز» بين البلدان وداخلها، بما في ذلك المساواة بين الجنسين، وذلك بإعادة تأكيد مسؤوليات جميع الدول «احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، دونما تمييز من أي نوع، أكان على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره من الآراء أو الأصل القومي والاجتماعي، أو على أساس الملكية أو الميلاد أو الإعاقة، أو على أي أساس آخر».
* أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030
في حديثه لصحيفة «الشرق الأوسط»، يقول نافيد حنيف، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لـ«إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية» التابعة للمنظمة الأممية، مجيباً عن سؤالنا عمّا إذا كان يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030، إنّ «تحقيق الأهداف يختلف من بلد إلى آخر. فرغم تحقيق التقدّم في الكثير من المجالات، فإنّه وبسبب الحرب، حصل انكماش اقتصادي انعكس على بعض أهداف التنمية المستدامة، مثل ازدياد الفقر والجوع». وأشار إلى وجوب تصميم سياسات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والعودة بالتالي إلى المسار الصحيح.
وصرّح نافيد حنيف لدى سؤال «الشرق الأوسط» له عن مدى سعي الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بأنّ «95% من الدول العربية باستثناء اليمن، قد أتت إلى الأمم المتحدة لإبداء ملاحظات حول التقدم الذي أحرزته بشأن أهداف التنمية المستدامة، أو عدم تقدمها، لذا فهم جميعاً ملتزمون ويريدون جميعاً رؤية أجندة أهداف التنمية المستدامة تتحقّق (في دولهم)».
وقال حنيف إنّه في حين أنّ «الأهداف الإنمائية للألفية» التي عملت عليها الأمم المتحدة (بين العامين 2000 و2015)، قد نجحت إلى حد كبير، و«قمنا بتخفيض الجوع بشكل كبير، وخفض معدل وفيات الأطفال... وقد تم تحقيق الكثير من الأهداف»، فإنّ «أهداف التنمية المستدامة» (2015 - 2030) أوسع بكثير من الأهداف الإنمائية للألفية. وأهداف التنمية المستدامة تتعلق بتغيير الطريقة التي نعيش بها على هذا الكوكب، وليس فقط القضاء على الفقر والجوع، ولكن أيضاً مرتبطة بتغيير سلوكنا الاستهلاكي. بالنظر إلى الهجرة والتصنيع والبنية التحتية وغيرها.
* منجزات وتحديات
يعطي السيد حنيف أمثلة كثيرة لما تمّ تحقيقه من منجزات حتّى الآن، منها إحراز التقدّم في مجال توفير الحكومات الطاقة بأسعار معقولة، والتقدّم في المساواة بين الجنسين، على حدّ تعبيره، وكذلك في مجال البنية التحتية للتصنيع. ويشير حنيف في حديثه عن التحديات التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى «تحدّي عدم الاستقرار الجيوسياسي بسبب الحرب والتوتر في العالم، وإلى التحدي المالي (التدهور الاقتصادي)، إذ تراجعت الإيرادات، وأنفقت الحكومات الأموال على مكافحة الوباء والكثير منها لم يتبقَّ لديها أموال للاستثمار. وهم يواجهون الحرب. كما أننا نواجه تحدي الافتقار إلى التعاون العالمي».
وفيما خصّ تحدّي انعكاس الأزمات العالمية الأخيرة (بشكل خاص «كوفيد - 19»، والحرب في أوكرانيا، والتغيّر المناخي) على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أشارت «مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات الدوليّة» في تحليلها لأرقام اللجان الاقتصاديّة التابعة للأمم المتحدة التي درست انعكاسات الأزمات العالمية الكبرى التي يواجهها عالم اليوم، إلى أنّ 63% من سكّان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تأثروا بشدّة (اقتصادياً وغذائياً) بفعل زيادة أسعار المواد الغذائية، و75% من سكان هذه المنطقة تأثّروا بشكل حاد بأزمة الطاقة، و75% منهم تأثّروا بشدّة أيضاً بتراجع الموارد الماليّة. وازداد متوسّط معدّل الدين العام للدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 66.6% إلى 74.5% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.
* انعكاسات الحرب في أوكرانيا
تشكّل الحرب في أوكرانيا عاملاً سلبياً بالغ التأثير يعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويؤخّرها. فحسب تقرير «مجموعة الاستجابة للأزمات العالمية» التابعة للأمم المتحدة عن التأثير العالمي للحرب في أوكرانيا، فإنّ مليارات البشر يواجهون أعظم تكلفة معيشة في الجيل الأخير، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار السلع. ومن المحتمل أن تؤدي الحرب في أوكرانيا، وغيرها من الأزمات مثل (كوفيد – 19، والتغيّر المناخي)، إلى الدفع بما يصل إلى 95 مليون شخص (إضافي) حول العالم نحو الفقر المدقع. وأدت الحرب في أوكرانيا كذلك إلى زيادة عالميّة كبيرة في عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الحاد بلغت نحو 47 مليون شخص إضافي. فزاد عدد هؤلاء الأشخاص من 276 مليوناً في 81 دولة حول العالم إلى نحو 323 مليون شخص.
* إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية
لأجل المساعدة في مواجهة التحديات والسير في استراتيجيات تؤمّن التنمية المستدامة للدول، تساعد «إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية» التابعة للأمم المتحدة، البلدان النامية على تقييم احتياجاتها، لمعرفة الكلفة (المالية) لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. يقول نافيد حنيف في هذا الإطار: «نرسل إليهم خبراء، ونعمل معهم أيضاً، و(نقدّر) مقدار الأموال التي يحتاجون إليها، وكيف يمكن مواءمة ميزانياتهم مع أهداف التنمية المستدامة». ويضيف: «نساعدهم في التخطيط المالي، ويسمى (أطر التمويل الوطنية المتكاملة) INFF الذي يساعدهم في الحصول على استراتيجية تمويل. كذلك نساعد البلدان النامية على جلب المشاريع، والقطاع الخاص يجلس معهم ويتمّ تقييم ما إذا كانت المشاريع ستفي بمعايير أهداف التنمية المستدامة».
* مشاريع المستقبل للتنمية المستدامة
يشير حنيف إلى أنّ المشاريع التي تحاول الأمم المتحدة أن تجعل البلدان النامية تستثمر فيها، هي تحوّل الطاقة، الهيدروجين الأخضر... فتجلب هذه البلدان مشاريعها، وتدعو الأمم المتحدة المستثمرين. على سبيل المثال، حسب حنيف، «يقدّم صندوق (منصة الاستثمار في البنية التحتية المستدامة) استثماراً يبدأ بمليار دولار لاستخدامه فقط للبلدان النامية للاستثمار في بنيتها التحتية، وهذه مجرد البداية، وسوف يفعلون أكثر من ذلك بكثير».
وتنظّم الأمم المتّحدة العام القادم قمة أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر (أيلول) 2023 -تقام القمة كلّ 4 سنوات وهي الثانية منذ إطلاق أهداف التنمية المستدامة سنة 2015- و«تقدّم القمّة، وفق نافيد حنيف، على أنها رسالة تركّز على الناس. فعلى الكوكب أن يخدم الناس، ويجب على الاقتصاد أن يخدم الناس. الناس يعانون، فالجوع والفقر قد ارتفع، وهم يكافحون بوجه التضخم، لذا فإن القمة ستعطي دفعة جديدة لأهداف التنمية المستدامة». ويضيف: «إنه من خلال تلك القمة، نتصدى لهذه التحديات التي يواجهها الناس. سندعو أيضاً لزيادة التمويل، وقد طالب الأمين العام بزيادة الإنفاق العام على الصعيدين الوطني والعالمي، للاستثمار في أهداف التنمية المستدامة. ونحضّ مجموعة العشرين على اتخاذ تدابير إضافية لتوفير الموارد حتى يتمكن الناس من إعادة أهداف التنمية المستدامة إلى المسار الصحيح». وأشار إلى وجوب تحقيق أهداف التنمية المستدامة كل يوم، معتبراً أنّ قمّة سبتمبر المقبل يجب أن تكون نقطة تحوّل لإعادة المسار الصحيح إلى أهداف التنمية المستدامة (بمعنى مسار التقدم بتحقيق هذه الأهداف)، كما شدّد على أنّ «أهداف التنمية المستدامة هي للناس، ودور الأمم المتحدة مساعدتهم، ودعمهم بشكل دائم». وأضاف متوجّهاً إلى كلّ فرد: «التغيير يبدأ بك... غيّر سلوكك الاستهلاكي، فأنت بذلك تحقق أهداف التنمية المستدامة».


مقالات ذات صلة

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

العالم العربي تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

أعلن النائب التونسي ثابت العابد، اليوم (الثلاثاء) تشكيل «الكتلة الوطنية من أجل الإصلاح والبناء»، لتصبح بذلك أول كتلة تضم أكثر من 30 نائباً في البرلمان من مجموع 151 نائباً، وهو ما يمثل نحو 19.8 في المائة من النواب. ويأتي هذا الإعلان، بعد المصادقة على النظام الداخلي للبرلمان المنبثق عمن انتخابات 2022 وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي برلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية، لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي. ومن المنت

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

مصر تبدأ تحريكاً «تدريجياً» لأسعار سلع تموينية

بدأت مصر في مايو (أيار) الحالي، تحريكا «تدريجيا» لأسعار سلع تموينية، وهي سلع غذائية تدعمها الحكومة، وذلك بهدف توفير السلع وإتاحتها في السوق، والقضاء على الخلل السعري، في ظل ارتفاعات كبيرة في معدلات التضخم. وتُصرف هذه السلع ضمن مقررات شهرية للمستحقين من أصحاب البطاقات التموينية، بما يعادل القيمة المخصصة لهم من الدعم، وتبلغ قيمتها 50 جنيهاً شهرياً لكل فرد مقيد بالبطاقة التموينية.

محمد عجم (القاهرة)
العالم العربي «الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

«الوطنية للنفط» في ليبيا تنفي «بشكل قاطع» دعمها أطراف الحرب السودانية

نفت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا «بشكل قاطع»، دعمها أياً من طرفي الحرب الدائرة في السودان، متوعدة بتحريك دعاوى قضائية محلياً ودولياً ضد من يروجون «أخباراً كاذبة»، وذلك بهدف «صون سمعتها». وأوضحت المؤسسة في بيان اليوم (الاثنين)، أنها «اطلعت على خبر نشره أحد النشطاء مفاده أن المؤسسة قد تتعرض لعقوبات دولية بسبب دعم أحد أطراف الصراع في دولة السودان الشقيقة عن طريق مصفاة السرير»، وقالت: إن هذا الخبر «عارٍ من الصحة». ونوهت المؤسسة بأن قدرة مصفاة «السرير» التكريرية «محدودة، ولا تتجاوز 10 آلاف برميل يومياً، ولا تكفي حتى الواحات المجاورة»، مؤكدة التزامها بـ«المعايير المهنية» في أداء عملها، وأن جُل ترك

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

طرفا الصراع في السودان يوافقان على تمديد الهدنة

أعلن كلّ من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» تمديد أجل الهدنة الإنسانية في السودان لمدة 72 ساعة إضافية اعتباراً من منتصف هذه الليلة، وذلك بهدف فتح ممرات إنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين. ولفت الجيش السوداني في بيان نشره على «فيسبوك» إلى أنه بناء على مساعي طلب الوساطة، «وافقت القوات المسلحة على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة، على أن تبدأ اعتباراً من انتهاء مدة الهدنة الحالية». وأضاف أن قوات الجيش «رصدت نوايا المتمردين بمحاولة الهجوم على بعض المواقع، إلا أننا نأمل أن يلتزم المتمردون بمتطلبات تنفيذ الهدنة، مع جاهزيتنا التامة للتعامل مع أي خروقات». من جهتها، أعلنت قوات «الدعم السريع» بقيادة م

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
العالم العربي «السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

«السفر عكس التيار»... سودانيون يعودون إلى الخرطوم رغم القتال

في وقت يسارع سودانيون لمغادرة بلادهم في اتجاه مصر وغيرها من الدول، وذلك بسبب الظروف الأمنية والمعيشية المتردية بالخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، يغادر عدد من السودانيين مصر، عائدين إلى الخرطوم. ورغم تباين أسباب الرجوع بين أبناء السودان العائدين، فإنهم لم يظهروا أي قلق أو خوف من العودة في أجواء الحرب السودانية الدائرة حالياً. ومن هؤلاء أحمد التيجاني، صاحب الـ45 عاماً، والذي غادر القاهرة مساء السبت، ووصل إلى أسوان في تمام التاسعة صباحاً. جلس طويلاً على أحد المقاهي في موقف حافلات وادي كركر بأسوان (جنوب مصر)، منتظراً عودة بعض الحافلات المتوقفة إلى الخرطوم.


«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».