مصر لدعم اقتصادها عبر الاستثمار في الرمال السوداء

السيسي اعتبر المشروع الجديد «رسالة» للقطاع الخاص

السيسي متفقداً المشروع (الرئاسة المصرية)
السيسي متفقداً المشروع (الرئاسة المصرية)
TT

مصر لدعم اقتصادها عبر الاستثمار في الرمال السوداء

السيسي متفقداً المشروع (الرئاسة المصرية)
السيسي متفقداً المشروع (الرئاسة المصرية)

استمراراً للجهود المصرية لدعم الاقتصاد، في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية، افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي (الأربعاء) مشروع مجمع مصانع الشركة المصرية للرمال السوداء، في البرلس، بكفر الشيخ (دلتا مصر)، معتبراً أن المشروع «رسالة» للقطاع الخاص تؤكد «دعم الدولة ورغبتها في مشاركته في الاستثمار».
ودعا السيسي -في كلمته خلال الافتتاح- القطاع الخاص والشركات المحلية إلى الاستثمار في الرمال السوداء، وتعظيم القيمة المضافة منها، في «ضوء حجم الاحتياطي الكبير، وحجم الطلب العالمي المتزايد على هذه المنتجات التي تدخل في عديد من الصناعات». وطالب الجهات المعنية بـ«إتاحة كافة البيانات للمستثمرين، حتى يستطيعوا الاستثمار في هذا المجال الواعد».
تأتي دعوة القطاع الخاص للاستثمار في مجال الرمال السوداء، عقب يوم من لقاء موسع عقده الرئيس المصري مع عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في قطاعات صناعية مختلفة، وتتزامن مع استعداد مصر لعقد «المؤتمر الاقتصادي» الذي دعا إليه السيسي، بهدف «شرح الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وطرح أفكار لتحفيز اقتصاد البلاد»، وحددت الحكومة الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، موعداً لفعالياته.
وأشار السيسي إلى أن «استخراج الرمال السوداء يستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي يستلزم إقامة عدد كبير من المصانع، توفيراً للوقت وسعياً لزيادة في الإنتاج». وقال مخاطباً القطاع الخاص، إن «هناك مناطق في مصر، مثل بحيرة ناصر وبرنيس وأماكن أخرى، إذا تم استغلالها في هذا المجال فستتحقق من ورائها مكاسب خرافية»، متعهداً بـ«تقديم كافة التسهيلات المطلوبة للقطاع الخاص، حتى لو وصل الأمر إلى الشراكة».
وقال الرئيس المصري إن «كل المنتجات التي تخرج من المشروع يتم تصديرها بالعملة الصعبة، بعائد متوقع تتراوح نسبته بين 20 و25 في المائة»، داعياً القطاع الخاص إلى «تشكيل كيان مشترك باستثمارات تتراوح بين 20 و30 مليار جنيه، لإنشاء أكثر من مجمع للرمال السوداء خلال عامين». وتابع: «المسار الذي تحركت فيه الدولة استغرق وقتاً طويلاً، ولكن القطاع الخاص لن يستغرق مثل هذا الوقت، وخلال عامين سيكون لدينا 3 أو 4 مصانع أو أكثر من ذلك». واستطرد السيسي: «أرجو أن تصل رسالتي للقطاع الخاص، ونحن مستعدون لدعمه وتقديم المساعدة له أو مشاركته، حتى يتم تنفيذ أكثر من مجمع».
ولفت الرئيس المصري إلى جهود الشركات المحلية من القطاع الخاص في تنفيذ المشروع؛ مشيراً إلى أنه «تم توفير نحو 60 في المائة من مستلزمات المشروع، من خلال منتجات مصرية، ما يجعل لدى الشركات التي ساهمت في التنفيذ خبرة مكتسبة لتنفيذ مزيد من التوسعات في هذا المجال».
وقال السيسي إن «هذا المشروع طال انتظاره؛ حيث تعود فكرته إلى نحو 5 سنوات مضت»، لافتاً إلى أن «دراسات الجدوى استغرقت 3 سنوات». وأضاف أن «الرمال السوداء اكتشفت قبل أكثر من 90 سنة، وكانت هناك فرصة للاستفادة منها طوال الخمسين عاماً الماضية؛ لكن لم تتخذ الإجراءات التنفيذية». وتابع: «أقول إنه لم تتح الفرصة حتى لا نظلم أنفسنا وآخرين، فأي مسؤول في الدولة سيكون حريصاً على تنفيذ أي مشروع يعود بالخير على مصر».
وتُستخرج من الرمال السوداء مجموعة من المعادن الاقتصادية التي تدخل في صناعة هياكل الطائرات والصواريخ والغواصات ومركبات الفضاء والأجهزة التعويضية، والأصباغ والورق والجلود والمستحضرات الطبية، والسيراميك والأدوات الصحية والزجاج.
من جانبه، قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، في بيان صحافي، إن مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ هو «الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة»؛ مشيراً إلى أنه «يعتبر إضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى تعظيم الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة من الرمال السوداء التي تستخدم في عديد من الصناعات الدقيقة، ما يفتح الآفاق لاستثمارات جديدة تدعم الاقتصاد الوطني وعملية التنمية الشاملة».
من جانبه، أكد مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، اللواء أركان حرب وليد حسين، أن «مشروع استخلاص المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء يعد أحد المشروعات التعدينية الجديدة الواعدة»، موضحاً أن «الرمال السوداء عبارة عن رواسب شاطئية تكونت عند مصبات الأنهار بفعل ظاهرة المد والجزر على مر العصور، وتحتوي على نسب عالية من المعادن الاقتصادية التي تدخل في عديد من الصناعات الاستراتيجية المهمة»، لافتاً إلى أن «مصر تمتلك أحد أكبر الاحتياطيات من الرمال السوداء على مستوى العالم، يتركز وجودها في محافظات: البحيرة، وكفر الشيخ، ودمياط، وبورسعيد، وشمال سيناء، والبحر الأحمر، وأسوان».
بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للرمال السوداء، اللواء مجدي الطويل، أن «المشروع يحقق عائداً اقتصادياً، ويساهم في توفير عملات أجنبية من خلال تغطية السوق المحلية من المعادن، واستغلال الطلب العالمي المتزايد لتصدير الفائض، إضافة إلى توفير 5 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بالمحافظات الواقع بنطاقها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».