يستمتع جو ويلوك بقضاء ساعات في تمشية كلبه على طول الأميال التي لا نهاية لها من الشواطئ الرملية في منطقة نورثمبرلاند الشمالية، لكن في بعض الأحيان، يبدأ لاعب خط وسط نيوكاسل في التفكير في عالم مختلف تماماً. تقع جزيرة مونتسيرات الكاريبية على بُعد أكثر من 4.000 ميل من ساحل بحر الشمال في إنجلترا، ويرتبط جزء كبير من مستقبل ويلوك بمناظرها البركانية.
يقول اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً «تمتلك عائلتي الكثير من الأراضي هناك، وأريد أن أبني شيئاً في مونتسيرات لأعطي الفرصة للأطفال الذين ليس لديهم فرصة للقدوم إلى أوروبا ولعب كرة القدم. إنه شيء مهم جداً بالنسبة لي، وأعمل أنا وعائلتي بالفعل على تحقيق هذه الخطط».
وعندما دُمرت تلك الأراضي البريطانية الواقعة وراء البحار في عام 1995 بسبب انفجار كارثي لبركان «سوفريير هيلز»، الذي أطاح عاصمتها بليموث، فرت أعداد كبيرة من السكان. وتوجه معظم الفارين إلى المملكة المتحدة، وأسس والدا ويلوك حياة جديدة في لندن، واستقرا في والثامستو وأسسا شركة ملابس ناجحة.
ويلوك يريد السير على خطى راشفورد بالمشروعات الخيرية (الغارديان)
وبينما كان ويلوك يجلس على أريكة سوداء ذكية في ملعب التدريب الخاص بنادي نيوكاسل، اعترف بكل سهولة بأنه لم يكن بمقدوره أن يكون عنصراً أساسياً في الفريق تحت قيادة المدير الفني إيدي هاو اليوم لو لم يضحِ والده، تشارلز ووالدته سارة ويلوك، بذلك المشروع من أجل الاهتمام بأحلام أبنائهم الثلاثة في كرة القدم.
ومع انضمام الابن الأكبر، ماتي، إلى أكاديمية مانشستر يونايتد، وانضمام كريس وجو إلى أكاديمية آرسنال، باع الوالدان المتجر والتحقا بعمل يوفر لهما وقت الفراغ الذي يمكنهما من نقل الأولاد إلى التدريبات والمباريات. وبينما عملت سارة عاملة نظافة، انضم تشارلز إلى سلسلة متاجر تيسكو؛ وأصبحا يعملان بشكل أساسي في نوبات العمل الليلية.
يقول ويلوك، الذي لا يزال قريباً من كريس، الذي يلعب جناحاً لنادي كوينز بارك رينجرز، وماتي، الذي يلعب في خط وسط نادي مونتسيرات «لا يمكنني أن أجد الكلمات الكافية لتوجيه الشكر لأبي وأمي، فما فعلاه كان مذهلاً. لقد كانا يقومان بعمل جيد للغاية في صناعة الأزياء، وفي تصنيع وبيع الملابس، ومن المذهل أن يتركا كل هذا من أجلنا. لقد ضحا بالكثير. في بعض الأحيان عندما أشعر بالإحباط أو بأنني لست في أفضل حالاتي، أفكر في تلك اللحظة التي تركا فيها المتجر، وهو ما يساعد على دفعي إلى المستوى التالي».
إن ما قام به والداه قد عزز أيضاً اعتقاد ويلوك بأنه من الضروري للاعبي كرة القدم البارزين أن «يردوا الجميل». وتفسر هذه القناعة السبب الذي جعل ويلوك يتوجه إلى مصافحة ماركوس راشفورد بعد نهاية مباراة فريقه أمام مانشستر يونايتد (انتهت بالتعادل السلبي الأحد).
يقول ويلوك «ما فعله ماركوس راشفورد مذهل»، مشيراً إلى الحملة التي يقودها مهاجم المنتخب الإنجليزي لمكافحة الفقر الغذائي، وإجبار الحكومة على التراجع عن إلغاء الوجبات المدرسية المجانية. ويضيف «لقد علمنا جميعاً أهمية رد الجميل. وأود أن أفعل شيئاً كهذا».
يعتقد ويلوك أن المناهج الدراسية لأكاديمية الناشئين في أندية النخبة بكرة القدم الإنجليزية يجب أن تعلم وتثقف لاعبي كرة القدم الشباب فيما يتعلق بالمشكلات الاجتماعية، وتشجع رعاة اللعبة على المساهمة في المجتمع والجمعيات الخيرية. ويقول «يجب أن تمثل أهمية رد الجميل جزءاً أكبر من جلسات التعليم في أكاديميات الناشئين. وأعتقد أنه يجب القيام بالمزيد لتعليم لاعبي كرة القدم الشباب فيما يتعلق بهذا الموضوع».
وإذا نظرنا إلى المستويات الرائعة التي يقدمها ويلوك حالياً، فيبدو من الواضح أنه كرّس هذا الموسم لرد الجميل إلى المدير الفني لنيوكاسل، إيدي هاو، الذي قدم له دعماً غير محدود خلال بعض الفترات الصعبة التي كان يمر بها اللاعب في وقت سابق من هذا العام، عندما كان اللاعب يجد صعوبة كبيرة في البداية في التأقلم مع الأجواء في شمال شرقي إنجلترا، وهو الأمر الذي كان يؤثر كثيراً على مستواه داخل المستطيل الأخضر.
يقول ويلوك، الذي ضمه نيوكاسل تحت قيادة ستيف بروس في أغسطس (آب) 2021 مقابل 25 مليون جنيه إسترليني «أنا سعيد بوجودي في نيوكاسل، والناس هنا رائعون، لكن الأمر كان صعباً خلال الموسم الماضي. أنا مستقر للغاية الآن، لكن في ذلك الوقت كان الأمر بمثابة تغيير كبير للغاية في حياتي. كنت أعيش في منطقة والثامستو الحيوية للغاية، وفجأة وجدت نفسي أعيش بمفردي في مكان هادئ بعيداً عن نيوكاسل. كان الأمر صعباً جداً، وقد عانيت بشدة بسبب وجودي بمفردي كثيراً».
وبالتالي، كانت إحدى أولويات إيدي هاو بعد توليه القيادة الفنية لنيوكاسل خلفاً لستيف بروس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تتمثل في مساعدة ويلوك على استعادة مستواه داخل الملعب وشخصيته المعتادة خارجه. وقد نجح هذا اللاعب الشاب، بمفرده تقريباً، في إنقاذ النادي من الهبوط لدوري الدرجة الأولى في ربيع عام 2021، سجل ويلوك ثمانية أهداف في 14 مباراة خلال فترة إعارة ناجحة بشكل استثنائي من آرسنال ليصبح معشوقاً لجماهير نيوكاسل يونايتد، لكنه عانى بشدة بسبب العزلة الشديدة في تلك المنطقة الريفية.
يقول ويلوك «كانت هناك بعض الأشياء التي حدثت في حياتي منذ أن أتى إيدي هاو إلى هنا، لكنني نلت ثقة المدير الفني، الذي ساعدني كثيراً. لم أشعر أبداً بالراحة قبل أن أتحدث بكل صراحة إلى المدير الفني، لكن عندما تكون قادراً على التحدث على المستوى الشخصي مع مديرك الفني فإن هذا يحدث فرقاً كبيراً».
ويضيف «من منظور كرة القدم، تطلب الأمر بعض الوقت لكي أتأقلم مع بعض الأشياء، لكن المدير الفني كان صبوراً للغاية. إنه شخص أثق به كثيراً. ولم أمر بمثل هذه التجربة قبل أن ألتقي به. إنه يجعل اللعبة بسيطة وواضحة تماماً، ومن الجيد للغاية أن تفهم حقاً ما يتعين عليك القيام به على أرض الملعب. أنا أيضاً في أفضل حالاتي على الإطلاق من الناحية البدنية، وهو الأمر الذي ينطبق أيضاً على الكثير من اللاعبين الآخرين».
وبصرف النظر عما يقوم به إيدي هاو، فإن تكيف ويلوك مع تلك الأجواء الجديدة قد حدث بسرعة أكبر بسبب قرار والديه بالانتقال مؤقتاً إلى نورثمبرلاند، وشرائه كلباً يعشقه كثيراً يدعى تيدي. يقول ويلوك «في بداية هذا الموسم، قرر أبي وأمي الانتقال للعيش معي وأنا ممتن جداً لذلك. اشتريت أيضاً كلباً صغيراً يدعى تيدي، وأذهب معه كثيراً إلى الشاطئ. إنه كلب جميل، وهو صديقي المفضل».
ولحسن الحظ، لم يعد ويلوك يتلقى تلك الرسائل السيئة والمجهولة و«المثيرة للاشمئزاز والمؤذية» التي كان يتلقاها على وسائل التواصل الاجتماعي الموسم الماضي. ويقول عن ذلك «لا تزال هناك أشياء غريبة، لكن المنصات المختلفة تفعل الكثير لمحاولة إبعاد الرسائل العنصرية الآن. يجب القضاء على هذا الأمر تماماً».
والآن، يتواصل لاعب منتخب إنجلترا السابق تحت 21 عاماً مع زملائه في الفريق بشكل فعال، وأبرزهم جمال لاسيليس وجمال لويس وآلان سانت ماكسيمين. ويقول عن ذلك «إنهم أقرب أصدقائي، لكننا نلعب ونعمل جميعاً كفريق واحد. الترابط شيء مهم للغاية ساعد المدير الفني على وجوده بين اللاعبين. من المهم للغاية التعرف على زملائك في الفريق بشكل صحيح؛ لذلك عندما نذهب في رحلات إلى أماكن مثل النمسا ودبي والمملكة العربية السعودية، فإنه يضع الكثير من الأنشطة، مثل سباقات سيارات الكارتينغ، من أجلنا».
وقد أثبتت الرحلة القصيرة إلى جدة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أنها «نقطة تحول كبيرة» في تطور مستوى نيوكاسل. يقول ويلوك «إيدي هاو مدير فني رائع وشخص ممتاز، ونأمل أن نرتقي الآن بكرة القدم إلى المستوى التالي. يضخ الملاك الجدد استثمارات كبيرة في هذا النادي بالطريقة الصحيحة، ويسعدني أن أكون جزءاً صغيراً مما سيحدث في المستقبل. أشعر أنه لا يوجد حد للمدى الذي يمكن أن يذهب إليه نيوكاسل يونايتد الآن».