اتفاق أوروبي على استيعاب 60 ألف مهاجر غالبيتهم سوريون

إعفاء بلدين من الخطة.. والأمم المتحدة تدعو لتخفيف الضغط عن اليونان وإيطاليا

مهاجرون من سوريا وباكستان وأفغانستان يحتمون من المطر تحت شجرة أثناء توقفهم في بلغراد أمس في طريقهم نحو أوروبا الغربية (إ.ب.أ)
مهاجرون من سوريا وباكستان وأفغانستان يحتمون من المطر تحت شجرة أثناء توقفهم في بلغراد أمس في طريقهم نحو أوروبا الغربية (إ.ب.أ)
TT

اتفاق أوروبي على استيعاب 60 ألف مهاجر غالبيتهم سوريون

مهاجرون من سوريا وباكستان وأفغانستان يحتمون من المطر تحت شجرة أثناء توقفهم في بلغراد أمس في طريقهم نحو أوروبا الغربية (إ.ب.أ)
مهاجرون من سوريا وباكستان وأفغانستان يحتمون من المطر تحت شجرة أثناء توقفهم في بلغراد أمس في طريقهم نحو أوروبا الغربية (إ.ب.أ)

دعت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أمس دول الاتحاد الأوروبي إلى تقديم «التزامات ملموسة» لتخفيف الضغط على اليونان وإيطاليا. وجاءت هذه الدعوة بعدما خاض قادة الاتحاد الأوروبي حتى الساعات الأولى من صباح أمس نقاشات حول كيفية التعامل مع أزمة اللاجئين في البحر المتوسط واتفقوا على خطة لتشارك مسؤولية رعاية المهاجرين. وتهدف الخطة غير الملزمة إلى استيعاب 60 ألف شخص، لكنها تعفي المجر التي رفضت الخطة باعتبارها «عبثية» وأيضًا بلغاريا باعتبارها إحدى أفقر دول الاتحاد.
وقال أدريان إدواردز المسؤول في المفوضية في إفادة صحافية «من الواضح أنها خطوة مهمة على طريق العثور على حلول لهذه الأزمة لكن من الواضح أيضا أنه يتعين بذل جهود أكثر بكثير ومعالجة الأسباب الجذرية». وعلق إدواردز على الاتفاق على إعادة توطين 40 ألف لاجئ من إيطاليا واليونان ممن يحتاجون إلى حماية دولية بالقول: «إن مشاركة كل الدول الأعضاء سيكون عاملا أساسيا في النجاح».
بدوره، وجه رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي انتقادات حادة إلى شركائه من قادة الاتحاد الأوروبي بعد رفضهم حصص توزيع إلزامية للمهاجرين غير الشرعيين. وكشفت مصادر دبلوماسية عن توتر شديد في عشاء متأخر، في إطار القمة الأوروبية التي انتهت أمس ببروكسل، حيث اتهم رينزي المجتمعين بأنهم لا يبالون إلا بمصالحهم الخاصة. وقال للقادة الـ27 «إن كانت هذه فكرتكم عن أوروبا، فيمكنكم الاحتفاظ بها لأنفسكم. إذا كنتم غير متضامنين، فلا تضيعوا وقتنا»، بحسب مصادر إيطالية.
كما أفاد مصدر أوروبي أن رئيسي مجلس أوروبا دونالد توسك والمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر اختلفا في الاجتماع، الأمر الذي نفاه المسؤولان. وصرح يونكر في مؤتمر صحافي مشترك مع توسك أمس «لا تصدقوا من يغرد ويسرب المعلومات. عندما نواجه صعوبات نناقشها فيما بيننا، لكن المهم هو إقرار قادة الاتحاد الأوروبي عدد طالبي اللجوء الذين سيعاد توطينهم عملا باقتراح المفوضية»، حسب قوله. وتابع: «لا يهمني أن تم الأمر بشكل تطوعي أم لا، لأن الأهم هو اتفاقنا على إقرار رقم 60 ألفا».
ويونكر هو صاحب اقتراح قبول 40 ألف لاجئ سوري وإريتري سبق أن وصلوا إلى أوروبا، وإعادة توطينهم بموجب نظام إلزامي. كما سيعاد توطين 20 ألف سوري يقيمون حاليا في مخيمات خارج أوروبا، داخل الاتحاد الذي يضم 28 دولة. وأكد توسك، رئيس الوزراء البولندي السابق الذي اقترحت بلاده نظام الحصص، أن «المهاجرين الذين لا يحق لهم بالقانون دخول الاتحاد الأوروبي سيتم ترحيلهم» وسيتم تسريع المفاوضات مع دولهم الأصلية لإعادتهم. وأضاف أن الدول الأعضاء ستتفق في هذه الأثناء حتى حلول منتصف يوليو (تموز) المقبل على عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم على أساس طوعي. وأكد رينزي أن نتيجة الاجتماع لا تلبي احتياجات إيطاليا، وأكد أن «إعادة التوطين خطوة أولى لكنها بالنسبة لنا ليست حلا لمشاكلنا».
وعبر أكثر من مائة ألف شخص البحر المتوسط هذا العام ووصل أغلبهم إلى إيطاليا واليونان. وتؤكد هذه الدول أن على شركائها في أوروبا تقاسم هذا العبء. وقد اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على خطة عمل في قمة طارئة في أبريل (نيسان) الماضي عقدت بعد أن قضى نحو 800 مهاجر إثر غرق مركبهم، في إحدى أسوأ الكوارث من نوعها في المتوسط. وأكد توسك في وقت سابق أول من أمس «غياب التوافق» بخصوص الحصص، أي إن الدول المعارضة لهذه الفكرة تقترح استقبالا طوعيا واقعيا لمواجهة تدفق المهاجرين الكبير.
وصرح «لا يمكن استخدام الخطة الطوعية عذرا لتجنب فعل أي شيء. أتفهم الذين يريدون هذه الآلية الطوعية لكنهم لن يحظوا بمصداقية إلا إذا قدموا تعهدات مفصلة ومهمة بحلول نهاية يوليو حدا أقصى». وأضاف أن «التضامن بلا تضحية خبث. لسنا بحاجة الآن إلى تصريحات فارغة عن التضامن، إنما الأفعال والأرقام».
واعترضت بريطانيا والمجر ودول أخرى من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي على الحصص بسبب تصاعد المعارضة الداخلية للهجرة المتفاقمة. وغطى الخلاف حول الهجرة على ملفات أزمة الدين اليوناني والضغوط التي يمارسها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لإصلاح الاتحاد الأوروبي قبل استفتاء في بلاده حول استمرار العضوية.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة أن 153 ألف مهاجر دخلوا أوروبا برا وبحرا وجوا هذا العام بزيادة بلغت 149 في المائة مقارنة بنفس الفترة العام الماضي. وقال جويل ميلمان المتحدث باسم المنظمة «نتوقع أن يكون هذا بداية صيف نشط للغاية». وأشار ميلمان إلى أن كلا من إيطاليا واليونان استقبلت أكثر من 60 ألف مهاجر هذا العام. وأوضح أنه «خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي يصل بين 650 وألف مهاجر إلى الجزر اليونانية كل يوم». وأشار إلى أن المواطنين السوريين هم من أكبر الجاليات التي تصل إلى أوروبا عبر الدولتين إذ يبلغ عددهم 32 ألفا في إيطاليا واليونان. وفي تعليق على خطط إعادة توطين 20 ألف لاجئ في أنحاء أوروبا حث إدواردز الدول الأعضاء «على تقديم التزامات ملموسة باتجاه تحقيق هذا الهدف متخطين حصصهم في إعادة التوطين. هناك حاجة لتصرف أوروبي جماعي يركز على أولويات منح اللجوء».



ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
TT

ماسك يسحب دعمه لفاراج ويعزّز انتقاده للحكومة البريطانية

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)
صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على إكس)

في تطور مفاجئ يعكس تدخلاً زائداً في السياسة البريطانية، دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك السياسي البريطاني نايجل فاراج إلى التنحي عن قيادة حزب الإصلاح اليميني.

وقال ماسك، الذي سيقود إدارة الكفاءة الحكومية بعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عبر منصته الاجتماعية «إكس» إن «حزب (الإصلاح) يحتاج إلى قائد جديد. فاراج لا يملك المقومات اللازمة». ويمثّل هذا التصريح انقلاباً في موقف ماسك، الذي صرّح مراراً بأن فاراج وحده قادر على «إنقاذ بريطانيا»، ونشر صورة معه الشهر الماضي. كما لمّح ماسك إلى احتمال تقديمه دعماً مالياً كبيراً لحزب «الإصلاح» لمساعدته في منافسة حزبي «العمال»، و«المحافظين» المهيمنيْن في بريطانيا، قد يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني (124 مليون دولار).

فاراج ينأى بنفسه

يشنّ ماسك منذ أسابيع حملة مكثفة ضد الحكومة البريطانية التي يقودها رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، الذي يتّهمه بتقييد حرية التعبير. كما يطالب ماسك بإطلاق سراح ستيفن ياكسلي - لينون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة، المعروف باسم تومي روبنسون، والمناهض للهجرة وللإسلام. ويقضي روبنسون حالياً حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً بتهمة ازدراء المحكمة.

ونأى فاراج بنفسه عن تصريحات أدلى بها ماسك دعماً لروبنسون. وقال زعيم حزب «الإصلاح» تعليقاً على أحد منشورات ماسك: «حسناً، هذا مفاجئ! إيلون شخصية استثنائية، لكنني للأسف أختلف معه في هذا. موقفي لا يزال أن تومي روبنسون غير مناسب لحزب (الإصلاح)، ولن أتخلى أبداً عن مبادئي».

ماسك «مخطئ في تقديره»

يستند ماسك في حملته ضد الحكومة البريطانية والإعلام التقليدي، والدعوات للإفراج عن روبنسون، إلى تعامل الحكومة مع فضيحة تاريخية تتعلق باستغلال الأطفال. وفي الأيام الأخيرة، شارك ماسك وتفاعل مع منشورات على منصته «إكس» تنتقد الحكومة البريطانية بعد رفضها الدعوة لإجراء تحقيق عام في فضيحة الاستغلال، بمدينة أولدهام شمال إنجلترا. كما اتّهم ماسك ستارمر بالفشل في تحقيق العدالة فيما يسميه البعض «عصابات الاغتصاب»، عندما كان مدير النيابة العامة بين عامي 2008 و2013. ووصف ماسك الفضائح بأنها تمثل «جريمة هائلة ضد الإنسانية».

وبينما وصف وزير الصحة، ويس ستريتنغ، آراء ماسك بأنها «مخطئة في تقديرها ومُضلّلة بالتأكيد»، إلا أنه دعا أغنى رجل في العالم والمقرب من الرئيس الأميركي المنتخب للعمل مع الحكومة في معالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال. وقد جادلت الحكومة بأنه يجب على أولدهام أن تحذو حذو المدن الأخرى، وتُكلّف لجنة خاصة بها للتحقيق في الاعتداءات التاريخية التي طالت الفتيات بشكل رئيس.

وخلص تقرير صدر عام 2022، حول إجراءات حماية الأطفال في أولدهام بين عامي 2011 و2014، إلى أن الوكالات المحلية خذلت الأطفال، لكنه لم يجد أدلة على تستر رغم وجود «مخاوف مشروعة» من أن اليمين المتطرف سيستغل «الإدانات عالية المستوى لمجرمين من أصول باكستانية في جميع أنحاء البلاد».

وقال ستريتنغ، في مقابلة مع شبكة «آي تي في» الإخبارية إن الحكومة تأخذ قضية الاستغلال الجنسي للأطفال «على محمل الجد للغاية»، وإنها تدعم إجراء تحقيق في فضيحة أولدهام، لكن يجب أن يُدار محلياً. وأضاف: «بعض الانتقادات التي وجهها إيلون ماسك، أعتقد أنها خاطئة في تقديرها ومضللة بالتأكيد، لكننا مستعدون للعمل مع إيلون ماسك، الذي أعتقد أن له دوراً كبيراً يلعبه مع منصته الاجتماعية لمساعدتنا، والدول الأخرى، في معالجة هذه القضية الخطيرة. لذا، إذا أراد العمل معنا (...) فسوف نرحب بذلك».

مظاهرات اليمين المتطرّف

يبدي ماسك اهتماماً كبيراً بالمشهد السياسي البريطاني منذ فوز حزب «العمال» اليساري بأغلبية ساحقة في انتخابات يوليو (تموز) 2024، التي أنهت 14 عاماً من حكم المحافظين.

وقد أعاد ماسك نشر انتقادات لستارمر، ووسم TwoTierKeir - وهو اختصار لادعاء بأن بريطانيا لديها «نظام شرطة من مستويين»، حيث يتم التعامل مع المتظاهرين اليمينيين المتطرفين بشكل أكثر صرامة من المتظاهرين في قضايا دعم حقوق للفلسطينيين، أو حركة «حياة السود مهمة»، أو حتى قضايا حماية النساء من العنف.

كما قارن ماسك المحاولات البريطانية لمواجهة المعلومات المضللة عبر الإنترنت بممارسات الاتحاد السوفياتي، ووصل به الأمر إلى ترجيح اندلاع «حرب أهلية» في المملكة المتحدة خلال أعمال العنف المناهضة للمهاجرين، الصيف الماضي.

ودعا ماسك، يوم الجمعة، أيضاً إلى إجراء انتخابات عامة في المملكة المتحدة، بعد ستة أشهر فقط من الانتخابات الأخيرة. وكتب: «الشعب البريطاني لا يريد هذه الحكومة على الإطلاق. انتخابات جديدة»، ملتمساً الملك تشارلز الثالث لحلّ البرلمان.

غضب ألماني من تدخلات ماسك

تثير تدخلات ماسك الخارجية، ولا سيّما في أوروبا، غضباً متصاعداً. وقبل أيام، ندّد المستشار الألماني أولاف شولتس بـ«التصريحات المتنافرة» التي صدرت عن ماسك، وبدعم الأخير لحزب اليمين المتطرّف «البديل من أجل ألمانيا».

وفي مقابلة مع مجلّة «شتيرن»، صدرت السبت، عدّ شولتس أنه «لا بدّ من التسلّح بالهدوء» في وجه تصريحات ماسك، الذي نعت المسؤول الأميركي بـ«المجنون» في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، و«المخبول غير الكفؤ» في 20 ديسمبر (كانون الأول) قبل أن يهاجم الرئيس الألماني فرنك - فالتر شتاينماير، واصفاً إيّاه بـ«الطاغية».

وقبل شهر ونصف الشهر من انتخابات تشريعية مبكرة في 23 فبراير (شباط)، قال المستشار الألماني: «في ألمانيا، تجري الأمور وفق إرادة المواطنين، لا وفق تصريحات متنافرة لملياردير أميركي». وشدّد شولتس في المقابلة على أن «الرئيس الألماني ليس طاغية مناهضاً للديمقراطية، وألمانيا ديمقراطية متينة ومستقرّة، مهما قال ماسك». وبالنسبة إلى المستشار الاشتراكي الديمقراطي، يُعدّ الدعم الذي يقدّمه ماسك لحزب «البديل من أجل ألمانيا»، الذي «يدعو إلى التقارب مع روسيا بوتين، ويريد إضعاف العلاقات الأوروبية - الأميركية، أكثر جدلية بكثير من إهاناته».

وأقرّ «البديل من أجل ألمانيا»، الذي يحتّل المرتبة الثانية في استطلاعات الآراء مع 19 في المائة من نيات التصويت، خلف المحافظين (33 في المائة)، في تصريحات لـ«دير شبيغل» بأنه على تواصل منتظم مع طاقم الملياردير الأميركي. وسيعقد ماسك (53 عاماً) دردشة مع الرئيسة المشاركة للحزب، أليس فايدل، عبر «إكس» الخميس المقبل. وقال شولتس، ردّاً على سؤال من مجلّة «شتيرن» حول نيّته دعوة ماسك إلى محادثة: «لا أظنّ أنه ينبغي خطب ودّ السيد ماسك. وأترك الأمر لعناية آخرين». وذكّر المستشار الألماني بأنه التقى إيلون ماسك في مارس (آذار) 2022، في مناسبة افتتاح مصنع «تسلا» في براندنبورغ قرب برلين، «في فترة كان الفرع المحلي لحزب (البديل من أجل ألمانيا) يحتجّ على إقامة المصنع».