أطلق الصندوق الثقافي السعودي، شراكة مع القطاع الخاص لتعزيز البيئة الاستثمارية في القطاع الثقافي، وفتح فرصة التمويل الجماعي لأول المشروعات الإبداعية، وهو شركة «بيهايف» التي تعنى بتوفير بيئة ملهمة لرواد الأعمال وأصحاب الفنون، والتي بدأت جولتها الاستثمارية بقيمة 3 ملايين ريال سعودي.
ويسعى صندوق التنمية الثقافي في السعودية، الذي تمّ تأسيسه برأسمال يبلغ نصف مليار ريال (نحو 133.32 مليون دولار)، إلى دعم التنمية الثقافية، واستدامتها عبر تخصيص تمويل مستدام من القطاعين العام والخاص بآليات تمويل مثلى لدعم المشروعات الثقافية وضمان نجاحها.
ويعمل الصندوق على تعزيز فرص التمويل الجماعي والاستثمار في القطاع الثقافي، لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة للنهوض بالقطاع الثقافي وازدهار الفنون واستدامتها، وتطوير المشروعات الثقافية الواعدة، وتوفير السيولة لإنعاش الحركة الإبداعية، على أن يتكفل الصندوق بتغطية أتعاب الترتيب والطرح في المنصات الاستثمارية.
ويتحفز القطاع الثقافي السعودي لمرحلة من ازدهار الفنون والثقافة والإنتاج الإبداعي، بالتزامن مع خطط الاستثمار في القطاع، وتعزيز دوره في جودة الحياة والتنمية الاقتصادية المستدامة.
وقالت فاطمة الراشد، رئيسة الاستراتيجية في مركز إثراء الثقافي العالمي، إن استدامة المشروعات الثقافية، من أكثر التحديات التي يواجهها القطاع، وتحاول المؤسسات أن تعالج هذا التحدي بالكثير من الوسائل التي تضمن استمرار الإنتاج، مشيرة إلى أن الطلب على المنتج الثقافي أكثر من العرض، الأمر الذي يتطلب جهوداً لتنمية المبادرات وتطوير المشروعات وتشجيع الإنتاج والمواهب، بوصفها صانعة المشهد ومادته.
شعار الصندوق الثقافي
وأشارت الراشد إلى أن المتوقع من المؤسسات الوطنية السعودية المعنية بالشأن الثقافي، هو دعم قطاع الثقافة الواعد والمواهب الناشئة والقدرات الشبابية والمحتوى الثقافي والإبداعي؛ حيث يسهم في تعزيز نمو القطاع الإبداعي وتوسيع دائرته من خلال خلق الوظائف وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وصناعة الابتكار تماشياً مع رؤية المملكة 2030 في التحوّل إلى اقتصاد المعرفة، من خلال البرامج الرائدة والحاضنات المعرفية التي تنتشر في مناطق المملكة.
وأضافت: «نلمس بوضوح اتساع رقعة الجمهور الثقافي بشكل عام، بيد أنه يحتاج إلى وقت حتى يصل إلى مرحلة يكون فيها هذا الجمهور محفزاً ومستهلكاً للمنتج الثقافي، وهو ما يخلق صناعة إبداعية تدعم الاقتصاد وترتكز قاعدته على نضوج القطاع الثقافي الذي يقوم على المنتج والمستهلك معاً، ويمكننا القول إن هذا الأمر وقتي بالنظر إلى تدفق الدعم الحكومي وتعزيز دور القطاع الثالث، ليصل القطاع الثقافي بعد ذلك لهذه المرحلة بشكل سريع».
من جانبه، قال الكاتب رائد العيد إن رؤية المملكة 2030 تجعل الثقافة عنصراً رئيسياً في تواصل الناس فيما بينهم، والاعتماد عليها كرافد قوي للاقتصاد، وإن هذين الهدفين لا يمكن تحقيقهما بالوسائل التقليدية للتعاطي مع الثقافة، فإنسان اليوم أكثر ديناميكية من السابق، ما يستدعي فتح آفاق جديدة للصناعات الثقافية والإبداعية.
ولفت العيد إلى أن السعودية تمتلك تاريخاً طويلاً مع الثقافة، إضافة إلى العديد من الطاقات البشرية المبدعة في مختلف المجالات الثقافية والإبداعية، وأنها بحاجة إلى الكثير من الجهد للاستفادة من الطاقات الموجودة في توجيه الأجيال الجديدة ونقل خبراتها. وعن الوصفة المثالية التي يقترحها، قال العيد: «هي تمكين العاملين في المجال الثقافي من أدوات (الابتكار الثقافي) التي تساعد في بلورة أفكار جديدة قادرة على المنافسة وتمنح إضافة نوعية للناتج المحلي، والوصول إلى المستفيد النهائي وإدماجه في الفعل الثقافي وليس التعامل معه كمتلقٍ سلبي، بالإضافة إلى التأهيل على (الإدارة الثقافية) للفاعلين في الوسط الثقافي، وبناء التشريعات والسياسات والجهات الحكومية الداعمة والجهات الخاصة المساهمة والفاعلين الثقافيين المستقلين».