«العودة إلى النملية» برنامج يكشف كنوز المطبخ اللبناني

ولد من رحم الأزمة الاقتصادية في البلاد

عمر خداج مع الأخوين خوري اللذين أحرزا تطوراً في الزراعة اللبنانية
عمر خداج مع الأخوين خوري اللذين أحرزا تطوراً في الزراعة اللبنانية
TT

«العودة إلى النملية» برنامج يكشف كنوز المطبخ اللبناني

عمر خداج مع الأخوين خوري اللذين أحرزا تطوراً في الزراعة اللبنانية
عمر خداج مع الأخوين خوري اللذين أحرزا تطوراً في الزراعة اللبنانية

في الماضي كان أهل القرى في لبنان وبعض سكان العاصمة، يخصصون مساحة في مطابخهم لخزانة يحفظ فيها الطعام البارد تعرف بـ«النملية». يصمم باب هذه الخزانة بشكل يدخله الهواء من خلال شبك حديدي منمنم الفتحات. وبذلك يمكن للأطباق في هذا المكان أن تبقى صالحة للأكل لأطول مدة ممكنة.
«النملية» كانت توضع فيها صحون صغيرة تستخدم يومياً على المائدة اللبنانية. فكما الزيتون والزعتر والكشك بالزيت، كان يحفظ فيها أيضاً، المربيات أو الحلويات المحضرة من قبل ربة المنزل كالـ«صفوف» و«النمورة».
ولكن مع انتشار الثلاجات وحضورها في معظم المنازل، اندثرت ظاهرة النملية لتنحصر في مطابخ بعض أهل القرى. فهم لا يزالون يتمسكون بها سيما وأن الطقس البارد في الجبال يسهم في تطويل عمر المأكولات الموجودة فيها.

- «العودة إلى النملية» إحياء تقليد قديم
الإعلامي عمر خداج، قرر أن يقدم برنامجاً تلفزيونياً استوحاه من هذه الزاوية من المطبخ. وتحت عنوان «العودة إلى النملية» يقوم خداج برحلات في مختلف المناطق اللبنانية لمعاينة أعرق الأطباق التي تحضر فيها. ومن ناحية ثانية يسلط خداج الضوء على مدى تطور الزراعة والصناعة المرتبطة بمكونات الطعام. فهي تشهد منذ اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان وتردي المستوى المعيشي مؤخراً، رواجاً لدى كثيرين.

- حكاية خداج مع «العودة إلى النملية»
يروي عمر خداج قصته مع برنامجه، فهي تعود إلى شغفه بالمطبخ اللبناني عامة وحبه لتناول الطعام تحديداً. «أنا ابن مدينة عاليه، وكنت لا أفوت مناسبة لتذوق أي طبق جديد أو قديم يحضر في المنزل. وعندما دخلت مجال الإعلام كانت تراودني فكرة تقديم برنامج عن الطعام اللبناني. ولكنني اتجهت نحو تقديم الفقرة الفنية في نشرة الأخبار في قناة «الجديد».
ويتابع خداج قصته مع برنامجه الجديد الذي بدأت القناة المذكورة عرضه منذ نحو ستة أشهر: «عندما اشتدت الأزمة الاقتصادية في البلاد وتركت أثرها السلبي الكبير على الناس، ارتأى القيمون على المحطة التي أعمل بها تقديم برنامج تلفزيوني يلقي الضوء على كيفية تفاعل اللبنانيين مع هذه المحنة. فنظامهم الغذائي تبدل برمته مع انقطاع التيار الكهربائي وتراجع القيمة الشرائية، وتدهور العملة اللبنانية. ومن هذا المنطلق طورنا فكرة المطبخ اللبناني العريق التي كانت تراودني. وقررنا إلقاء الضوء على لبنانيين تحولوا إلى مزارعين ومنتجين محليين. فهم استطاعوا بمجهودهم الفردي أن يستغنوا عن استيراد أنواع كثيرة من مكونات الطعام. فكان لا بد من تشجيعهم والشد على أيديهم من خلال هذا البرنامج. وشاءت الإدارة إطلاق اسم «العودة إلى النملية على البرنامج».

المائدة اللبنانية الأصيلة تحضر في «العودة إلى النملية»

- المطبخ اللبناني يتنوع حسب مناطقه
يهتم اللبنانيون بالمونة بشكل عام، ولذلك هم لا يتواونون عن قطع مسافات طويلة للحصول على أفضلها. فكما أصناف الحبوب والبهارات والعصائر والمربيات يهتمون أيضاً بمكونات أطباق لذيذة يشترونها في الصيف ليستخدموها في فصل الشتاء. هناك الكشك البلدي (مكون من الزبادي والبرغل) وماء الورد والزهر ودبس الرمان والبصل السلموني والبرغل الخشن والناعم وغيرها. ولتوفير الوقت على اللبناني راح خداج يقوم عنه بهذه الرحلات بين المناطق، وبذلك يوفر له خريطة طريق يمكنه اتباعها لشراء المونة التي يحتاجها من المكان الذي يريده. ويعلق خداج: «مكونات الطعام في لبنان، والمونة اللبنانية بالأخص تختلف طريقة تحضيرها بين منطقة وأخرى. فمذاق الكشك البقاعي لا يشبه ذلك المصنوع في قرى أخرى. وهذا الاختلاف يعود إلى نوعية المواشي التي يستخرج منها الحليب. وهو المكون الرئيسي في هذه الصناعة بعد تحويله إلى زبادي. فالمنتج يتغير طعمه تبعاً لنوعية العشب الذي يتناوله. وكذلك الأمر بالنسبة لمكونات أخرى كدبس الرمان وماء الزهر فلكل أسلوبه في تحضيرها وتخميرها».

- اكتشافات ومعلومات نجهلها في طبخنا
يحدثك عمر خداج عن اكتشافات حققها في مشاويره بين صور والباروك وإهدن والعدوسية (جنوب لبنان) وغيرها من البلدات اللبنانية. فهو انبهر بأصناف طعام كان يجهلها، وكذلك بزراعات حديثة وبأنواع أسماك تدخل بحرنا مؤخراً.
ويوضح: «في الباروك مثلاً اكتشفت صناعة دبس التفاح الذي يحضر من عصير التفاح المجبول مع نوعية تربة معينة لتمتص منه مادة الأسيد. بعدها تتم تصفيته ووضعه في قوارير خاصة ليستخدم في الطبخ. فطعمه رائع ويصلح لمرضى السكري لأنه خالٍ من مادة السكر تماماً. وكذلك لفتتني عشبة العكوب الجبلية، هذه النبتة لا نجدها إلا في أعالي الجبل اللبناني وبالتحديد في الشوف. هي نبتة شوكية يتغنى أهل القرى بطبخها مع طبق الهريسة (القمح المهروس مع لحم الضأن). ولعل قلة من اللبنانيين تعلم أن أرضنا ينبت فيها الهليون البري، وهو يفوق بطعمه اللذيذ ذلك الذي نشتريه من المحلات التجارية. وهو يحضر فقط مع البيض البلدي المقلي بزيت الزيتون أو يتم سلقه وتتبيله مع الليمون الحامض والثوم».
الحماس الذي يطبع أخبار عمر خداج وهو يحدثك عن اكتشافاته في المطبخ اللبناني، يفتح لدى سامعها الشهية. فهو شغوف بالمطبخ اللبناني حتى أنه يرغب في أن يتمثل لبنان بالمغرب. «هناك قرروا إدخال مادة المطبخ المغربي على منهجهم الدراسي. وهو أمر رائع، وأعتقد أنه علينا اتباعه في مدارسنا، لأن ثقافة المطبخ اللبنانية تستحق منا هذا الاهتمام».

- الأزمة الاقتصادية روجت لصناعة الأجبان
من الأمور التي لفتت عمر خداج في رحلاته أنه التقى بلبنانيين تركوا شهاداتهم الجامعية واختصاصاتهم للتفرغ لصناعة الأجبان أو لزراعة أشجار ونباتات مختلفة.
ومن بين هؤلاء سيدة وزوجها خسرا كل ما ادخراه من مبالغ مالية كغيرهم من اللبنانيين بسبب سياسات المصارف المتبعة أخيراً. فقررا أن يشتريا الماشية وينشئا مزرعة لاستخراج الحليب. وهما بذلك دخلا صناعة الأجبان البيضاء على اختلافها، من بابها العريض.
الجبنة العكاوية والبلدية وغيرها إضافة إلى المجدولة التي يتوقف عندها خداج: «هي من نوع الجبن اللذيذ والمشهور في منطقة المتوسط. والجدير ذكره أن الزوجين يحضرانه بمكونات طازجة ويخلطانه مع البرغل. لماذا البرغل؟ لأنه يمتص المادة الحمضية الموجودة في الجبن عادة، ويطيل من عمر المنتج. تذوقتها مع الكعكة الطرابلسية المشهورة فكان طعمها رائعاً».

- هل سبق وتذوقت تبولة البندورة؟
في المطبخ اللبناني تنوع ملحوظ، بحيث لا يمكنك إحصاء الأكلات التي يتضمنها نظراً لابتكارات أهل كل منطقة. وهذا الاختلاف بالمكونات أو في طريقة التحضير يشمل أطعمة لبنانية شهيرة. ويقول عمر خداج في سياق حديثه: «هل تذوقتم مثلاً «تبولة البندورة»؟ فهذا الطبق الذي يحضر على طريقة أهالي بلدة النبطية الجنوبية يتألف من البندورة والبرغل مع رشة بهارات طعمه لذيذ جداً».
وكما التبولة كذلك طبق الكبة، له أربابه في شمال لبنان، ولا سيما في بلدة زغرتا التي تشتهر نساؤها بصنعها على الطريقة القروية القديمة.
«نلاحظ الفرق في طبق الكبة بين لبنان الشمالي ولبنان الجنوبي. وهذا الفرق يكمن بين نكهة المردكوش الجنوبية وتلك الشمالية المرتكزة على الشحم المذوب. فالأولى يسمونها «تحويشة الكبة» وتقدم نيئة ومعطرة مع قليل من البرغل الناعم. أما في إهدن الشمالية فيحضرونها كريات كبيرة محشوة بدهن اللحم المذوب وتشتهر باسم «الكبة الزغرتاوية».
وفي بلدة العدوسية الجنوبية تعرف خداج إلى نبيل وداني خوري، واللذين يعملان في تطوير الزراعة في لبنان من خلال أشجار ونباتات لم نكن نشهدها من قبل. «في الخيم الزراعية عندهما يوجد أنواع أعشاب صينية وأميركية وأفريقية وغيرها. وتوصل الرجلان إلى زراعة نبتة الـ«واسابي» التي تقدم مع أطباق السوشي. وعندهما نوع من الفلفل الحار الأميركي والمعروف باسم «كارولينا ريبر» ونسبة الحر فيه تتفوق على غيرها بدرجات عالية». وفي العدوسية أيضاً نجد البقدونس على أنواعه، ونبتة الفجل التي تزن الحبة الواحدة منها نحو 7 كيلوغرامات موجودة هناك. ويعلق خداج: «هي نبتات كان لبنان يستوردها في الماضي القريب، ولكن اليوم وبفضل أشخاص كنبيل وداني خوري صارت زراعتها محلية ومزدهرة في الوقت نفسه».
المشوار مع «العودة إلى النملية» طويل ولا يمكن اختصار 22 حلقة قدمها حتى اليوم في سطور قليلة. ولكن الأهم هو إبراز ثروات لبنان من بحرية وزراعية وصناعية، كي ندرك أن اللبنانيين يميلون اليوم بشكل أكبر إلى الزراعة والصناعة. فهم وجدوا فيهما آفاقاً واسعة تمثل لهم غداً أفضل يأملون به.


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».