نازحو تكريت يعودون.. بعضهم إلى بيوت خربت ودور نهبت

كتابات على الجدران بالفارسية تثير قلقهم.. والخوف من المجهول يؤرقهم

عمال البلدية يكنسون شارعا في تكريت مع عودة النازحين إليها (أ.ب)
عمال البلدية يكنسون شارعا في تكريت مع عودة النازحين إليها (أ.ب)
TT

نازحو تكريت يعودون.. بعضهم إلى بيوت خربت ودور نهبت

عمال البلدية يكنسون شارعا في تكريت مع عودة النازحين إليها (أ.ب)
عمال البلدية يكنسون شارعا في تكريت مع عودة النازحين إليها (أ.ب)

تسلق عبد الموجود حسن، أكوام الطوب والبوابة المحطمة كي يدخل منزل عمه في مدينة تكريت ليكون أول العائدين من عائلته للبلدة بعد طرد مسلحي تنظيم داعش منها. يقول حسن بنبرة هادئة: «البيت آمن، فلقد فحصت المكان خشية وجود قنابل وفخاخ».
حسن واحد من طابور طويل من المدنيين العائدين مؤخرا إلى مسقط رأس الرئيس الأسبق صدام حسين بعدما نجحت القوات العراقية والقوات الموالية لها في السيطرة على المدينة في أبريل (نيسان) الماضي وحررتها من تنظيم «داعش». وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، فإنه في حين توجد الشرطة الآن في مختلف أنحاء المدينة، يشعر النازحون العائدون بقلق من المستقبل ويخشون ميليشيات الحشد الشعبي التي حررت تكريت، ويخشون كذلك عودة تنظيم «داعش» مرة أخرى.
ويتفحص ضباط الشرطة هويات العائدين لتكريت بهدف منع المتطرفين من التسلل للمدينة المطلة على نهر دجلة. ولا يزال دوي الانفجارات يسمع في شوارع تكريت المهجورة على فترات، حيث يقوم الضباط بإبطال مفعول القنابل التي تركها المسلحون. ويُشاهد عمال النظافة بزيهم البرتقالي يزيلون الأنقاض، بينما يقوم العمال بإصلاح شبكتي الماء والكهرباء.
وفي خيمة رمضانية زاهية الألوان بإحدى ضواحي تكريت، يتعرض الرجال والنساء لتفتيش دقيق من قبل الشرطة، بعضهم عاد لبلدته للمرة الأولى منذ عام، وكثيرون منهم عادوا للبلدة كما غادروها، فقط بالملابس التي يرتدونها. وتقول سامية خدية التي احتمت بالخيمة مع أطفالها بينما يكمل زوجها إجراءات فحص أوراق هويتهم: «كنا خائفين عندما غادرنا، والآن ما زلنا نشعر بالخوف عند عودتنا»، وأردفت: «لم نعد نعرف في من نثق أو ممن نخشى».
وبمجرد الدخول إلى تكريت، يذهل العائدون من كم الدمار الذي حل بالمباني، فهذا مبنى أصابته قذيفة تركت فيه فتحة كبيرة، وذاك مبنى آخر تحول إلى ركام مثل مبنى مقر الحكومة، بينما فخخت منازل في الدقائق الأخيرة قبل مغادرة تنظيم داعش بهدف إبطاء تقدم القوات الأمنية.
إلا أن من بين ما يقلق العائدين أكثر الكتابات الجديدة باللغة الفارسية على الجدران، فمثلا كُتب على حائط بالقرب من مركز الشرطة: «كونوا شجعانا أيها الفاتحون. سلام الله على الشهداء وعلى الإمام الخميني». وفي حين تؤكد الحكومة العراقية أن القوات العراقية وحدها قاتلت في تكريت، فإن عددا من المستشارين العسكريين الإيرانيين منهم الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري الإيراني، كانوا على أهبة الاستعداد للقتال، فقد عملوا مع القوات العراقية وكذلك مع ميليشيات الحشد الشعبي التي اشتكت منظمات حقوقية من القمع الذي مارسته في حين يتهمها بعض سكان تكريت بالعبث بممتلكاتهم. وقالت النازحة العائدة بيداء أنور: «تنظيم داعش لم يدخل منازلنا إلا للبحث عن شخص معين.. إنها ميليشيات الحشد الشعبي التي اقتحمت بيوتنا وعبثت بمحتوياتها من دون أي احترام».
إلا أن حسن يقول إن اللوم يقع على كثيرين، «فليست فقط ميليشيات الحشد الشعبي من تفعل ذلك، فالناس وعناصر الشرطة هنا أيضا ينهبون البيوت. فبيتي أيضا قد خُرب، وعلى الأقل بيتان في هذا الشارع قد سرقت محتوياتهما. لكن تكريت تظل بيتي، ولا أطيق الحياة بعيدا عنها أكثر من ذلك».
ويدلف حسن بحذر إلى بيت عمه حاجي أحمد ويخطو فوق الزجاج المكسور والملابس والكتب المبعثرة بغرفة المعيشة، لكن عينيه تقعان على شيء واحد لم يطله الدمار، وهو قميص أبيض عليه صورة لصدام حسين مبتسما. وعلى القميص طبعت عبارة من زمن صدام، من زمن يختلف تماما عن أيامنا ويبدو بعيدا جدا، تقول العبارة: «إذا قال صدام.. قال العراق».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.